ارشيف من :أخبار لبنانية
بعدما تميّزوا بأدوار وأصوات مختلفة منها التطاول على المقاومة

كتب علي الموسوي
صرخوا وقاتلوا خيالاتهم وأملوا الفراغ الموحش على شاشات التلفزيونات بالدفاع عن مقدّسات ثورة الأرز التي اخترعها مندوب إدارة جورج بوش والمحافظين الجدد في الأمم المتحدة جون بولتون، ولمّا حان موعد الانتخابات النيابية وكلّهم أمل بأن يقبضوا أثمان ما قاموا به من أدوار، وجدوا أنفسهم مرميين على قارعة النسيان لا يذكرهم أحد، ولا قدرة لهم على تكرار الترشّح ثانية أو ثالثة، لأنّ قرار استبعادهم عن "بوسطة" النجاح قد صدر ولا عودة عنه، ليُتركوا معزولين يسترجعون ماضيهم الشاق في البوح بمكنوناتهم وأحاسيسهم تجاه ثورة نُظّمت لهم وحشروا أنفسهم فيها، فوجدوا أنفسهم خارجها بالمطلق.
هذا هو حال كلّ من نوّاب تنظيم "المستقبل" مصطفى علوش وأنطوان اندراوس وغنوة جلول وغطّاس خوري الذين ضحّى بهم النائب سعد الدين الحريري كرمى تعويم حلفائه المسيحيين في 14 آذار، وتنويم طرابلس بائتلاف لا يشبهها بشيء، سوى أنّه يخفّف من ثقل الخسارة على "المستقبل" والحريري، إن حصلت مبارزة انتخابية وبالأصوات مع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمّد الصفدي.
وهذا الرباعي ألبس أدواراً مختلفة خلال فترة الأربع سنوات الماضية ويأتي رفاق لهم بدرجات أقلّ، أزالهم الحريري والنائب وليد جنبلاط من كتلتيهما وهم: عبد الله فرحات، وفيصل الصايغ، ومحمود المراد، ومصطفى هاشم، ومحمّد أمين عيتاني.
وقد تميّز كلّ واحد من هؤلاء بصوت مختلف عن الآخر، فدور اندراوس كان التطاول على الجنرال ميشال عون كلّما صاح ديك الصباح، وذلك في سبيل أن يتذكّره الناس في قضاء عاليه وخارجه، ويقولوا بأنّه فعل كذا وكذا، والتغطية على انجازاته العظيمة في صندوق المهجّرين ولا سيّما في صرف الأموال على غير مستحقّيها من المسيحيين الذين هجّروا من قراهم وبيوتهم وأبعدوا عن أرزاقهم.
ولا تزال النيابة والوزارة غصّة في حلقوم غطاس خوري الذي ما إن يستعد لاحتلال منصب يليق به ويفتح طريق الولايات المتحدة الأميركية أمام وليد جنبلاط كما عبّر ليدل من دون أن ينتبه، إلى أنّه صاحب باع طويل لدى الأميركيين وخصوصاً المحافظين الجدد منهم، حتّى يُنزل عنه ليعيش في حلم العودة إلى السلطة بعدما ملّ الجلوس في الصفوف الخلفية لاجتماعات قوى 14 آذار.
فهذا الخوري كان قريباً من النيابة في العام 2005 باعتبار أنّه مقرب من الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كانت دماؤه جسر وصول الكثيرين إلى البرلمان، ولكنّ سعد الدين الحريري ارتأى بفعل التدخّلات من هنا وهناك، تطييره وتحميل زوجة بشير الجميل النائب صولانج الجميل مكانه، فامتعض غطّاس وبلع ريقه حنقاً، وانتظر على أمل التعويض عليه في الحكومة بمقعد وزاري، وقد كان تنظيم "المستقبل" الذي ينتمي إليه مسيطراً على حكومتي فؤاد السنيورة، ولكن لضرورات التصدّي للتيّار الوطني الحرّ وتفوّقه في الشارع المسيحي، ورفع معنويات مسيحيي 14 آذار في "القوّات اللبنانية" و"الكتائب" ومعهما نسيب لحود، كان لا بدّ من وضع غطّاس خوري على لائحة الانتظار في سفرة قد تطول.
وكان الرجل يأمل بالتعويض عليه بمقعد نيابي موعود به، فقدّم ترشيحه وزيّت ماكينته الانتخابية في عقر دار جنبلاط الذي اعتبرها تحدّياً له وأوصل عتبه إلى الحريري فتوجّس خيفة من انفراط عقد 14 آذار وجنبلاط إحدى رافعاتها الأساسية، لتصدر جريدة "المستقبل" في اليوم التالي خالية من أيّ خبر ولو "خبر تماني" (باللغة الصحافية) أي صغيراً جداً، وكأنّ الرجل لم يترشّح، في دلالة واضحة ورسالة صريحة، على نيّة الحريري بإبعاده لمصلحة أحد أشاوس 14 آذار دوري شمعون الذي ضجر من رئاسة بلدية دير القمر التي منحه إيّاها جنبلاط، ووجد نفسه خير ممثّل لأهل الشوف.
أمّا مصطفى علوش، فكان يستيقظ كلّ يوم في ساعات الصباح الباكر، ليقوم بتمرين ذهني للافتراء والتطاول على سلاح المقاومة، وبلغة لا تخلو من التحدّي، فبقي السلاح وهو عاد إلى بيته غير راض وغير مرضي عنه.
أمّا بقيّة السادة النوّاب، فلم نسمعهم مرّة يتحدّثون بطلاقة، إلاّ عندما كانت تصدر بيانات تحمل أسماءهم، وتوزّع على وسائل الإعلام من دون أن نعرف ما إذا كانت تحمل أنفاسهم الملتهبة في تحميس الجماهير، أم أنّ الكتبة و"الدكتيلو" كاننو يتولّون صياغتها وإذاعتها.
ولم تنفع كلّ محاولات مصباح الأحدب في استمالة الإسلاميين الملاحقين بانتمائهم إلى تنظيم "القاعدة" وفروعه الكثيرة والمتشعّبة، والوقوف خلفهم لنيل عفو عنهم يريحه في معركته، فيحظى بأصواتهم، ويريحهم من السجون، من دون أن ينتبه مرّة واحدة إلى أنّ أمن البلاد والعباد فوق كلّ المصالح الشخصية والآنية.
ولم تتسع حلقة 14 آذار لأحد منظّريها ومفكّريها سمير فرنجية، فضحّى به الحريري لإرضاء "الكتائب"، وإراحة "القوّات" في البترون، فحلّ مكانه سامر سعادة في مقعد طرابلس الذي كان من نصيب إلياس عطا الله الآتي من بلدة الرميلة الشوفية لأنّ قلب جنبلاط لم يتسع له، فطار الاثنان معاً فرنجية غير المرغوب به في زغرتا، وعطا الله المشتاق للرأسمالية بعد فترة تعايش مريرة مع الشيوعية.
وخلاصة القول، إنّ المشهد الانتخابي يؤكّد بما لا يقبل الشك، بأنّ كلّ همّ سعد الدين الحريري هو نقل اللعبة الانتخابية إلى الشارع المسيحي لإنقاذ حليفيه "القوّات" و"الكتائب" من دون أن يضمن لهما النجاح والفوز، وخصوصاً أنّ كلام جنبلاط المستاء، حمل وللمرّة الأولى إشارات إلى عدم الالتزام بأيّ مرشّح مفروض عليه قسراً، وبأنّ التشطيب سيكون فيصلاً في تحديد الفائزين، وهذا ما اعتاد مناصرو جنبلاط على تلقفه والعمل به فوراً، لأنّ كلام "البيك" دائماً مسموع ومطاع، وهو لا يريد نواباً ضدّ العروبة وفلسطين، ومن المحال انتخاب أشخاص يكرهون هذا الخطّ العروبي.
صرخوا وقاتلوا خيالاتهم وأملوا الفراغ الموحش على شاشات التلفزيونات بالدفاع عن مقدّسات ثورة الأرز التي اخترعها مندوب إدارة جورج بوش والمحافظين الجدد في الأمم المتحدة جون بولتون، ولمّا حان موعد الانتخابات النيابية وكلّهم أمل بأن يقبضوا أثمان ما قاموا به من أدوار، وجدوا أنفسهم مرميين على قارعة النسيان لا يذكرهم أحد، ولا قدرة لهم على تكرار الترشّح ثانية أو ثالثة، لأنّ قرار استبعادهم عن "بوسطة" النجاح قد صدر ولا عودة عنه، ليُتركوا معزولين يسترجعون ماضيهم الشاق في البوح بمكنوناتهم وأحاسيسهم تجاه ثورة نُظّمت لهم وحشروا أنفسهم فيها، فوجدوا أنفسهم خارجها بالمطلق.
هذا هو حال كلّ من نوّاب تنظيم "المستقبل" مصطفى علوش وأنطوان اندراوس وغنوة جلول وغطّاس خوري الذين ضحّى بهم النائب سعد الدين الحريري كرمى تعويم حلفائه المسيحيين في 14 آذار، وتنويم طرابلس بائتلاف لا يشبهها بشيء، سوى أنّه يخفّف من ثقل الخسارة على "المستقبل" والحريري، إن حصلت مبارزة انتخابية وبالأصوات مع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمّد الصفدي.
وهذا الرباعي ألبس أدواراً مختلفة خلال فترة الأربع سنوات الماضية ويأتي رفاق لهم بدرجات أقلّ، أزالهم الحريري والنائب وليد جنبلاط من كتلتيهما وهم: عبد الله فرحات، وفيصل الصايغ، ومحمود المراد، ومصطفى هاشم، ومحمّد أمين عيتاني.
وقد تميّز كلّ واحد من هؤلاء بصوت مختلف عن الآخر، فدور اندراوس كان التطاول على الجنرال ميشال عون كلّما صاح ديك الصباح، وذلك في سبيل أن يتذكّره الناس في قضاء عاليه وخارجه، ويقولوا بأنّه فعل كذا وكذا، والتغطية على انجازاته العظيمة في صندوق المهجّرين ولا سيّما في صرف الأموال على غير مستحقّيها من المسيحيين الذين هجّروا من قراهم وبيوتهم وأبعدوا عن أرزاقهم.
ولا تزال النيابة والوزارة غصّة في حلقوم غطاس خوري الذي ما إن يستعد لاحتلال منصب يليق به ويفتح طريق الولايات المتحدة الأميركية أمام وليد جنبلاط كما عبّر ليدل من دون أن ينتبه، إلى أنّه صاحب باع طويل لدى الأميركيين وخصوصاً المحافظين الجدد منهم، حتّى يُنزل عنه ليعيش في حلم العودة إلى السلطة بعدما ملّ الجلوس في الصفوف الخلفية لاجتماعات قوى 14 آذار.
فهذا الخوري كان قريباً من النيابة في العام 2005 باعتبار أنّه مقرب من الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كانت دماؤه جسر وصول الكثيرين إلى البرلمان، ولكنّ سعد الدين الحريري ارتأى بفعل التدخّلات من هنا وهناك، تطييره وتحميل زوجة بشير الجميل النائب صولانج الجميل مكانه، فامتعض غطّاس وبلع ريقه حنقاً، وانتظر على أمل التعويض عليه في الحكومة بمقعد وزاري، وقد كان تنظيم "المستقبل" الذي ينتمي إليه مسيطراً على حكومتي فؤاد السنيورة، ولكن لضرورات التصدّي للتيّار الوطني الحرّ وتفوّقه في الشارع المسيحي، ورفع معنويات مسيحيي 14 آذار في "القوّات اللبنانية" و"الكتائب" ومعهما نسيب لحود، كان لا بدّ من وضع غطّاس خوري على لائحة الانتظار في سفرة قد تطول.
وكان الرجل يأمل بالتعويض عليه بمقعد نيابي موعود به، فقدّم ترشيحه وزيّت ماكينته الانتخابية في عقر دار جنبلاط الذي اعتبرها تحدّياً له وأوصل عتبه إلى الحريري فتوجّس خيفة من انفراط عقد 14 آذار وجنبلاط إحدى رافعاتها الأساسية، لتصدر جريدة "المستقبل" في اليوم التالي خالية من أيّ خبر ولو "خبر تماني" (باللغة الصحافية) أي صغيراً جداً، وكأنّ الرجل لم يترشّح، في دلالة واضحة ورسالة صريحة، على نيّة الحريري بإبعاده لمصلحة أحد أشاوس 14 آذار دوري شمعون الذي ضجر من رئاسة بلدية دير القمر التي منحه إيّاها جنبلاط، ووجد نفسه خير ممثّل لأهل الشوف.
أمّا مصطفى علوش، فكان يستيقظ كلّ يوم في ساعات الصباح الباكر، ليقوم بتمرين ذهني للافتراء والتطاول على سلاح المقاومة، وبلغة لا تخلو من التحدّي، فبقي السلاح وهو عاد إلى بيته غير راض وغير مرضي عنه.
أمّا بقيّة السادة النوّاب، فلم نسمعهم مرّة يتحدّثون بطلاقة، إلاّ عندما كانت تصدر بيانات تحمل أسماءهم، وتوزّع على وسائل الإعلام من دون أن نعرف ما إذا كانت تحمل أنفاسهم الملتهبة في تحميس الجماهير، أم أنّ الكتبة و"الدكتيلو" كاننو يتولّون صياغتها وإذاعتها.
ولم تنفع كلّ محاولات مصباح الأحدب في استمالة الإسلاميين الملاحقين بانتمائهم إلى تنظيم "القاعدة" وفروعه الكثيرة والمتشعّبة، والوقوف خلفهم لنيل عفو عنهم يريحه في معركته، فيحظى بأصواتهم، ويريحهم من السجون، من دون أن ينتبه مرّة واحدة إلى أنّ أمن البلاد والعباد فوق كلّ المصالح الشخصية والآنية.
ولم تتسع حلقة 14 آذار لأحد منظّريها ومفكّريها سمير فرنجية، فضحّى به الحريري لإرضاء "الكتائب"، وإراحة "القوّات" في البترون، فحلّ مكانه سامر سعادة في مقعد طرابلس الذي كان من نصيب إلياس عطا الله الآتي من بلدة الرميلة الشوفية لأنّ قلب جنبلاط لم يتسع له، فطار الاثنان معاً فرنجية غير المرغوب به في زغرتا، وعطا الله المشتاق للرأسمالية بعد فترة تعايش مريرة مع الشيوعية.
وخلاصة القول، إنّ المشهد الانتخابي يؤكّد بما لا يقبل الشك، بأنّ كلّ همّ سعد الدين الحريري هو نقل اللعبة الانتخابية إلى الشارع المسيحي لإنقاذ حليفيه "القوّات" و"الكتائب" من دون أن يضمن لهما النجاح والفوز، وخصوصاً أنّ كلام جنبلاط المستاء، حمل وللمرّة الأولى إشارات إلى عدم الالتزام بأيّ مرشّح مفروض عليه قسراً، وبأنّ التشطيب سيكون فيصلاً في تحديد الفائزين، وهذا ما اعتاد مناصرو جنبلاط على تلقفه والعمل به فوراً، لأنّ كلام "البيك" دائماً مسموع ومطاع، وهو لا يريد نواباً ضدّ العروبة وفلسطين، ومن المحال انتخاب أشخاص يكرهون هذا الخطّ العروبي.