ارشيف من :أخبار عالمية

حملة النظام المصري على حزب الله امر تفرضه التفاهمات مع اسرائيل

حملة النظام المصري على حزب الله امر تفرضه التفاهمات مع اسرائيل
كتب المحرر العبري
بعيدا عن البذاءات التي استخدمها بعض ازلام النظام المصري الحليف الاستراتيجي لكيان العدو في مواجهة المقاومة، وبعيدا عن اطلاق الشعارات والمواقف الحماسية ايضا، لا بد من محاولة فهم الحملة التي يقوم بها النظام المصري على حزب الله، وتحديدا في هذا الوقت بالذات، من خلال سياقاتها السياسية؟.
لسنا بحاجة الى الكثير من العناء من اجل توصيف موقف النظام المصري من الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الشعب الفلسطيني، والذي كان على رؤوس الاشهاد، وتحليل خلفياته واهدافه، وتحديدا في اصراره على اغلاق الشريان الوحيد امام الفلسطينيين في قطاع غزة، معبر رفح، والذي كان يمكن، لو تم فتحه، التخفيف من معاناتهم وتمكينهم من الدفاع عن انفسهم.
قد يكون مفهوما المواقف التي اطلقها رموز النظام ضد حزب الله خلال عملية "الرصاص المسكوب" في كانون الثاني/يناير الماضي، انطلاقا من احراجه للنظام عبر بمطالبته بفتح معبر رفح، وادانته لاغلاقه امام المساعدات الغذائية والتسليحية التي توفر للفلسطينيين حدا ادنى من مقومات الصمود والدفاع.
لكن ان نشهد حملة بهذا الحجم التضخيمي والتشويهي مقرونا بحملات تقوم بها أجهزة الأمن في صحراء سيناء أمراً يستوجب البحث عن حقيقة أهدافه.
في هذا السياق لا بد من التذكير بأن العدوان الاسرائيلي فشل في تطويع حركة حماس وبقية فصائل المقاومة، فضلا عن القضاء عليها وإضعافها الى المستوى الذي يُمكن الطرفين المصري (النظام) والفلسطيني (السلطة) من فرض الشروط الاميركية الاسرائيلية التي عجز عن انتزاعها وتحقيقها بالالة العسكرية.
لذلك شهدنا استمرارا لهذا العدوان لكن بأساليب أخرى وعبر مساومة حماس وسكان قطاع غزة للسماح لهم بإعادة إعمار ما دمره العدوان. وكانت المعادلة واضحة في هذا المجال أنه: بقدر ما تتخلى المقاومة في غزة عن ثوابتها ومواقفها لصالح المشروع الاميركي الاسرائيلي (بواجهة مصرية وفلسطينية) بقدر ما يُسمح لهم بالإعمار.
ومنعا للنسيان والتضليل لا بد من التذكير ايضا بالخاتمة السياسية التي توجت بها العملية العسكرية الاسرائيلية الاخيرة في القطاع والتي تمثلت ببلورة اتفاقين منفصلين بين "اسرائيل" والولايات المتحدة من جهة وبين "اسرائيل" ومصر (النظام) من جهة اخرى. وإنعاشا للذاكرة "في الحادي عشر من كانون الثاني/ يناير نقلت اسرائيل، أسس مذكرة التفاهم الى الولايات المتحدة وأرادت فيها التزاما سياسيا أميركيا بمعالجة عمليات تهريب الأسلحة وضمانة بالتعاون الاستخباري والعملياتي. ووصلت في اليوم التالي من واشنطن مسودة جديدة اعتبرت كافية. وفي مرحلة لاحقة جرت المصادقة على المسار الثلاثي: (وزيرة الخارجية انذاك تسيبي) ليفني تتوجه الى واشنطن, حيث وقعت على الاتفاق مع نظيرتها الأميركية كونداليزا رايس , فيما توجه رئيس القسم السياسي والأمني في وزارة الدفاع عاموس غلعاد والمستشار السياسي لاولمرت شالوم تورجمان الى القاهرة حيث سمعا من عمر سليمان التزاما أكثر تفصيلا في معالجة التهريب واتفقا على بلورة خطة عمل وتأليف لجنة متابعة مصرية إسرائيلية" (هآرتس/23/1/2009).

من هنا فإن الحملة المصرية أمر تفرضه التفاهمات التي تمت صياغتها بين "اسرائيل" والنظام المصري خاصة وانه تم تشكيل لجنة متابعة في هذا المجال، لتقييم ومراقبة الاداء المصري في الاجراءات العملانية التي سيتخذها لمنع تدفق الاسلحة الى غزة وفي هذا السياق ذكرت صحيفة "هآرتس" (14/4/2009) ان جهاز الموساد الاسرائيلي هو من زود الاجهزة الامنية المصرية بالمعلومات التي أدت الى اعتقال ما عُرف بخلية حزب الله. لكن من الطبيعي انه في حالة كهذه لن يقبل النظام المصري بأي اتفاقات علنية ملزمة، وكما هو معروف فإن الكثير مما يعتبر من أسرار الانظمة العربية هو أمر مباح لدى وسائل الاعلام الاسرائيلية التي كشفت عن المباحثات التي جرت في تلك الفترة والاتفاق الذي حصل.

الى جانب ذلك ينبغي ان نتذكر ايضا تحذيرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في الايام الاخيرة وتحديدا جهاز "الشاباك"، على لسان رئيسه "يوفال ديسكين"، من أن حماس واصلت مراكمة قدراتها العسكرية بعد توقف العدوان، وتوصيته بضرورة اتخاذ إجراءات عملانية للحؤول دون مواصلة هذا المسار.

الا ان ما حصل هو ان النظام المصري هو من بادر هذه المرة عبر تعزيز الاجراءات الامنية وشن حملات اعتقالات في صحراء السيناء، الممر الالزامي لكل من يريد ان يدخل سلاح الى قطاع غزة، بهدف اعتقال المجموعات والاشخاص المتهمين بالقيام بهذه المهمة. وعليه يبدو جليا ان الهدف الحقيقي للنظام المصري من وراء هذه الحملة هو الالتزام بالتفاهمات الاسرائيلية المصرية التي تم التوصل اليها خلال العدوان على القطاع والتي توكل مهمة منع إعادة مراكمة قدرات المقاومة الى النظام المصري. ولكن التكتيك الذي اعتمد هذه المرة هو وضع حزب الله في الواجهة لأسباب متعددة منها انه الطرف الاساسي الذي يدعم المقاومة في القطاع (والضفة) ونتيجة لقرار النظام المصري، بتصفية حسابه سابق معه، عندما أحرجه بالمواقف التي اتخذها خلال العدوان على القطاع. وبعبارة اخرى أراد النظام أن يرد الصفعة لحزب الله لمواقفه المؤيدة للمقاومة ودعوته الى نصرتها خلال العدوان الاسرائيلي...

ورغم كل شيء "رب ضارة نافعة" فرغم الحملة الظالمة التي يشنها النظام المصري على حزب الله الا انها كشفت حقيقة موقع ودور حزب الله في دعم المقاومة في فلسطين في مقابل تخاذل (نظام) مصري وعربي واسع. 
2009-04-14