حاوره حسين عواد
هو وريث زعيم سياسي (والده الوزير والنائب جوزيف سكاف) يملك من الصراحة الزحلاوية الكثير، لا يعرف المواربة، بل يتقن جيداً لغة خصمه السياسي في مدينته المحببة عليه زحلة عرينه، التي ترشح عنها عام 1992 ممثلاً لطائفة الروم الكاثوليك. اليوم "ايلي بيك" كما  يحلو لمحبيه ان ينادوه، أو الياس سكاف، تبدو معركته النيابية بخلاف كل المرات، يقول إن قريطم تطرق بابه وتريد نوابه السبعة "فنحن  طول عمرنا مسلمين ومسيحيين نعيش مع بعضنا البعض في الأفراح والاتراح، اليوم تريدنا أن نسلّم ذقننا لشخص سياسته من لون مذهبي واحد مئة في المئة؟! هل نأخذ نوابنا السبعة إلى قريطم..".
وزير الزراعة يقرأ أبعاد هذه المعركة بما يتجاوز كثيراً حدود معركته في زحلة لتطال بنداً خطيراً وهو موضوع توطين الفلسطينيين في لبنان، وهو بذلك يؤكد ان الأكثرية الحالية فيما لو فازت مجدداً ستسير في "تشريع توطين الفلسطينيين في لبنان دون ان يشعر بهم احد.. والغرب هم بأمسّ الحاجة لفوز الموالاة لإمرار هذا المشروع".
سكاف الذي "يطبخ" تشكيل لائحته على نار هادئة يطمئن الى فوزه بالمعركة الانتخابية "لهم ماضيهم ولنا ماضينا الذي يمتاز بالعيش المشترك".
من دارته في اليرزة وفي حمأة التحضيرات الانتخابية "يفرد" وزير الزراعة الياس سكاف بعضاً من وقته ليحدثنا عن معركته، وهواجسه الوطنية:
   

سمعنا منك في الآونة الأخيرة ولأكثر من مرة تأكيدك بأن الانتخابات النيابية القادمة هي مصيرية بالنسبة للبنان، مع أن أطرافا في المعارضة لا تستسيغ هذا الوصف للمعركة الانتخابية القادمة، كيف تفسر ذلك؟
ـ طبعاً مصيرية.. مستقبل لبنان مبني على هذه الانتخابات لأنه في حال لا سمح الله فازوا بالانتخابات سنرجع إلى الوراء كثيراً وبسرعة، لأن الذي لم يشاهد خلال حقبة العشرين السنة الماضية من تجاوزات هذا الفريق فهو غبي، وانتم تعلمون بأننا لم نستطع ان نبني بلداً خلال هذه الفترة، لان هناك عقلية فاسدة سياسياً واقتصادياً، وبالتالي لا يمكن أن تُسلم بلد لفريق مجرب ومعروف عنه أنه لا يهمه سوى مصالحه الذاتية قبل بناء الدولة والشعب، ثم هم من قام بنهب هذه الدولة وأموال فقرائها، إذاً كيف يمكن ان نتقدم ببناء هذه الدولة؟ ولا تنسى فترة الأربع سنوات الماضية، هم من كانوا مسؤولين عن التشنج المذهبي والطائفي، وفي الوقت نفسه تجدهم يتحدثون عن العدالة وهم ابعد ما يكون عنها، بدليل الضباط الأربعة الموقفين ظلماً، أين هي العدالة؟ في موضوع الإنماء المتوازن، أين هو؟ مناطقهم جرى الاعتناء بها وكرموها فيما مناطقنا ظلت مهملة ومتروكة، أين الإنماء المتوازن؟ هل هكذا نبني الدولة؟ أم نبني عداوة وخصومة..

(نقاطعه) لماذا تصوّرون الفريق الآخر على انه لا يريد بناء الدولة، ما هي مصلحته في ذلك؟
ـ مصلحته تكمن في تقديم الخدمات من حساب الدولة لتقوية نفوذ فريقهم، بدل ان تكون هذه الخدمات لكل فئات المجتمع اللبناني، وهم بذلك يحاولون شراء الناس عبر هذه الخدمات، كأن يقولوا للناس إن مشيتم معنا تأكلوا الجزرة، وإن لا "فستأكلون قتلة" هذه سياسة الترغيب والرهيب، طبعا وراءها مشروع سياسي، وهو ان المنطقة لا يمكن ان تسير في ركب السلام ان لم تجر تسوية وضع الفلسطينيين في الشتات ومنهم فلسطينو لبنان، اي محاولة توطينهم..

تريد ان تقول ان فريق الموالاة في حال فاز في الاكثرية النيابية سيكون مشروعه توطين الفلسطينيين؟
_ بالتأكيد.. لان الغرب هو بأمس الحاجة لمن يشرّع له توطين الفلسطينيين في لبنان، برأيك من يستطيع ان يقوم بهذه المهمة غيرهم اليوم، لنعد قليلا الى الوراء. بالامس تم تدمير مخيم نهر البارد واتت منظمة الامم المتحدة وابلغت الحكومة اللبنانية انها ستبني على عاتقها المخيم، لكن شرط ان تستأجره لتسع وتسعين سنة..

مذا تريد ان تقول؟
ـ ما اريد ان أقوله ان الاكثرية فيما لو فازت في الانتخابات لديها أكثر من وسيلة لتشريع توطين الفلسطينيين في لبنان دون ان يشعر بهم احد..

.. لكن معالي الوزير فاتك ان هناك صقوراً في فريق الموالاة يجاهرون بالسر وبالعلن انهم ضد التوطين؟
ـ اريد ان اسألك، هل احد شعر بالخطوة التي قامت بها "الانروا" بشأن مخيم نهر البارد... لا أحد! ماذا يعني لك ان تستأجر هذه المنظمة العالمية مخيم نهر البارد لتسع وتسعين سنة؟! معنى ذلك بقاء الفلسطينيين في لبنان كل هذه المدة، أليس هذا توطينا بشكل أو بآخر؟

.. تقصد توطيناً مقونناً؟
ـ صحيح..

.. الهذه الاسباب معركتكم اليوم كمعارضة مع فريق الموالاة مهمة؟
  ـ طبعاً، نحن نريد للفلسطينيين حلاً انسانياً، يحفظ حق العودة.

طيب.. بالعودة الى الشأن الانتخابي لماذا تصر على ان معركتك الانتخابية هي مصيرية؟
 ـ لا تنس أن لبنان قائم على التوازنات الطائفية، وأي خلل من شأنه ان يسيطر فريق على آخر.. اليوم المجلس النيابي مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، مع العلم ان المسيحيين يشكلون ثلاثين في المئة، ولكن في حال وُطن الفلسطينيون سيؤدي ذلك الى خلل ديموغرافي، وسيأتي من يقول لك، لماذا انت تريد ان تتمثل في المجلس النيابي بخمسين في المئة؟! عندئذ لا يعود لك اي وزن في البلد، وبالتالي يصبح وجودك في البلد هامشياً.. هذه كل المشكلة القائمة في لبنان دون لف او دوران، وكما قلت لك، الغرب بحاجة الى فريق كهذا يحقق له هذه الامنية.   

كنت ذكرت في احدى المرات ان معركتكم في زحلة معركة وجود؟
ـ كما تعلمون زحلة تاريخياً لها وزن كبير في الانتخابات ولنا تأثير كبير فيها، اليوم يأتوننا من بيروت وحتى من صيدا ليفرضوا علينا لوائح..

من تقصد؟ 
ـ قريطم، يريدون ان يطرقوا بابك، ويريدون نوابك، كيف ذلك؟ زحلة تمتاز بخصوصية العيش المشترك، نحن طول عمرنا مسلمين ومسيحيين نعيش مع بعضنا البعض في الأفراح والاتراح، اليوم تريدنا أن نسلّم ذقننا لشخص سياسته من لون مذهبي واحد مئة في المئة؟! هل نأخذ نوابنا السبعة إلى قريطم..

.. ألا يحق لزعيم سني كالنائب سعد الحريري ان يكون له مرشحون في كل الدوائر الانتخابية؟
ـ بالنظام الديمقراطي يحق له، ولكن هناك عرف وأصول متبعة في لبنان، ما رأيك أن اذهب الى صيدا وافرض مرشحين على أهلها فقط لأنني املك المال المحمل بالشاحنات واعمل على شراء الناس؟   

.. هل تريد ان تقول ان النائب سعد الحريري يشتري الناس هناك لبسط نفوذه؟
ـ هو قالها على كل حال أكثر من مرة على شاشات التلفزة، عندما أشار إلى أننا حالة موجودة في كل مكان، كيف ذلك؟ فسّر لي؟ من قال له ان له وجودا في زحلة؟

لا تنسى للطائفة السنية مقعد نيابي في المدينة؟
ـ طيب سأوافقك الرأي.. ولكن سعد الحريري جاء ليخرب العيش المشترك في زحلة،  من خلال فرض سياسة مذهبية من لون واحد في منطقة تمتاز بالعيش المشترك، ماذا يعني كل هذا التصرف؟ هو يخربط ، وهو يملك سلاحي المال والطائفية؟

هل الحريري يدخل الى زحلة من هذا الباب؟
ـ نعم .. وإلا على أي أساس يبني حساباته؟ هو في 17 ايار سيأتي إلى بارك اوتيل في شتورة، ويدير المعركة من هناك، ما رأيك بهذا التصرف؟

على كل حال المراقبون الدوليون سيحضرون لمراقبة العملية الانتخابية، ألست مطمئناً؟
ـ الذي يطمئن هو أن عملية المراقبة ستكون برئاسة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر..

نعود إلى زحلة، ماذا يؤخر خروج لائحة الكتلة الشعبية الى النور؟
ـ الأمر منته، فقط مشكلة المقعد السني..

الفريق الآخر يتهمك بأنك عاجز عن إيجاد مرشح سني على لائحتك، وانك ستتركه شاغراً، ما صحة هذا الكلام؟
ـ لا، أبداً.. هذا تمنّ وحلم بالنسبة لهم، على أي حال فلينتهوا هم من تشكيل لائحتهم اولاً، نحن لدينا صداقات كبيرة في الطائفة السنية، وهناك مرشحون كثر، لذا نحن نتريث في الاختيار للوصول إلى الأفضل انتخابياً.

شهدت زحلة في الآونة الأخيرة تمزيق صور ولافتات من قبل الفريق الخصم لمحاولة إظهار ان المدينة لا تناصركم؟
ـ على أي حال ما يُقنع الناس هو البرنامج السياسي، وإذا كان برنامجهم السياسي قائما على تمزيق الصور فأعتقد أنهم ضعفاء جداً.. ولن آتي الآن على ذكر أسماء احد، فلكل واحدٌ منهم ماضيه وتاريخه، وهذا الماضي يسقطه فوراً فيما لو أردنا ان نشهّر بهم، فالزحلاويون يعرفون جيداً من هم هؤلاء الذين يراهنون على قريطم، ولا اعتقد ان الطائفة السنية الكريمة لها مصلحة في ان تنجر إلى لعبة انتخابية فيها لعبة طائفية.

هم يراهنون على قريطم، انتم على من تراهنون؟   
ـ نحن لنا وجود كبير في المدينة، ونمثل ستين في المئة من المسيحيين، ولدينا علاقات فوق العادة لدى الطائفتين الشيعية والسنية، فضلا عن علاقة وطيدة مع حلفائنا ان كان لدى حزب الله، وأمل، والقوميين، لسنا ضعفاء أبدا..

ما دمت لست ضعيفاً، لماذا لم تعلن لائحتك إلى الآن؟
ـ كما قلت لك هناك حسابات دقيقة جداً بالمنسبة للمرشح عن المقعد السني، خصمي يناور، وأنا "أتكتك".. (يضحك).

معاليك أنت قمت بزيارة تهنئة بعيد الفصح للبطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير الذي سبق ان حذر من فوز المعارضة، هل فاتحته به؟
ـ أنت تعلم أن الكثير من الزحلاويين يتأثرون ببكركي، وأنا قاطعتها لفترة طويلة لعدم الرضى على سياستها، وعندما زرتها قلت على درج بكركي ان الوالد وصاني ببكركي.

الحملة المصرية على حزب الله كيف قرأتها؟
ـ أرى ان مصر تسير عكس السير، لا سيما ان هناك تحولات في المنطقة، وبالتالي لا يقرأون جيداً، وهم لم يتركوا مجالا للصلح، وهذا ليس لمصلحتهم، وهذا خطأ كبير وقعوا فيه، ولا اعرف ما إذا كان من ورائها لعبة الموساد.

هل تملك المعارضة فرصة الفوز بالأكثرية النيابية؟
ـ طبعاً، بحسب المعطيات الانتخابية وبعيداً عن التزوير ونقل النفوس من هنا وهناك، فضلاً عن المال السياسي نحن مرتاحون.

سؤال أخير أنت وزير في الحكومة كيف تصف أداء رئيسها؟
ـ سيئ.
الانتقاد/ العدد 1342 ـ 17 نيسان/ أبريل 2009