ارشيف من :أخبار لبنانية

... كيف للمسيحيّين ألّا ينتخبوا ميشال عون؟!

... كيف للمسيحيّين ألّا ينتخبوا ميشال عون؟!


جان عزيز

مشهدان وشيكان يسيطران على هواجس المسيحيين حيال المرحلة المقبلة، أولهما يتعلق بالمجلس النيابي المقبل، وثانيهما يتعلق بالحكومة المنتظر انبثاقها منه.
في المشهد الأول يتطلع المسيحيون إلى دورة ساحة النجمة، المفترض أن تمتد من ربيع عام 2009 حتى مثله من عام 2013. فيرون فيها الجماعات اللبنانية الأخرى، حاضرة بنصابها الكامل، وعبر صفها الأول، لا أقل من ذلك.
فالجماعة السنية تدخل إلى المجلس المقبل، بقيادتها العليا كاملة. "الرئيس الأعلى" سعد الدين الحريري مضمون النيابة والحضور، وعبر بوابة العاصمة اللبنانية بالذات، نائباً عن دائرتها الثالثة.
و"مفوض الجماعة" لدى الحكومة، فؤاد السنيورة جاهز أيضاً، حظوظه النيابية غير قليلة، وعبر بوابة سنية لا تقل رمزية، نائباً عن صيدا، حاضرة النزوح السني الميثاقي نحو بيروت، من رياض الصلح إلى رفيق الحريري، وحاضرة الصمود السني في الأشرفية.
من معروف القلعة إلى ابنه مصطفى...
وبين "رئيس الطائفة" ومفوضها لدى الحكومة لا ينقص نصابها الآخر نقطة: ابن سلام في العاصمة حاضر، الائتلاف الطرابلسي وازن، حتى شموله للمنافسين المحتملين، وصولاً إلى الجماعة الاسلامية وتلاوين الأصولية والاعتدال كافة ضمن الطائفة. باختصار كل قيادة السنة ستكون في المجلس المقبل، ومعها ما لا يقل عن عشرين نائباً من نواب الطائفة السبعة والعشرين، فتطمئن الطائفة إلى شراكتها في الحكم بصورة كاملة.
وبالانتقال إلى الواقع الشيعي، لا تبدو الصورة أقل اكتمالاً، فقيادة الطائفة، في ثنائيتها المعروفة، جاهزة أيضاً، وبنصابها الكامل.
فحزب الله، عزز كتلته النيابية بوجوه مؤهلة لأكثر من دور محوري في الداخل، على مستوى شراكة السلطة، كما في الخارج، على مستوى تثمير الموقع النيابي، في توسيع ثغر الحوار غرباً وشرقاً. وهذا هو التفسير الأكثر منطقية لضمّ وجوه بارزة مثل علي فياض ونواف الموسوي، إلى فريق متفوق أصلاً، بينه محمد رعد ومحمد فنيش وحسن فضل الله وحسين الحاج حسن وباقي زملائهم. مع ملاحظة واجبة بحسب المراقبين، وهي رمزية انضمام حسين الموسوي، أبو هشام، إلى كتلة حزب الله. رمزية لا تفهم إلا في ضوء إعادة إحياء التيار الصدري، وتجديد البعد اللبناني للبنية المقاومة.
وإلى جانب "الحزب"، يظل "مفوض الجماعة الأخرى لدى الدولة"، نبيه بري حاضراً شخصياً أيضاً، كما عبر "حركة" مكتملة الحركات، لم تنقصها حركة واحدة. درزياً، لم يكن المشهد نفسه يحتاج إلى كبير جهد. تواصل طفيف بين "البيك والمير"، فائتلاف كامل أقفل الجماعة الدرزية على المشاغبين والمزعجين ومتمردي آخر الزمان، على "المألوف" منذ قديم الزمان، ولو تقادم حتى الاهتراء. ومهما كان التوصيف والتشخيص الاجتماعي السياسي، يظل واقعاً أن وليد جنبلاط سيكون ممثلاً لطائفته في المجلس المقبل، ومعه رباعيّه الكاسح: أكرم شهيب، غازي العريضي، مروان حمادة، ووائل أبو فاعور، بحسب الترتيب الأبجدي لا غير.
بين اكتمال الأنصبة السنية والشيعية والدرزية، يتطلع المسيحيون إلى مشهدهم النيابي المقبل، فماذا يرون: أمين الجميل غائب طبعاً عن المجلس، كما عن السباق مباشرة، بعد تجربة 5 آب 2007 التاريخية. سمير جعجع شبه ممنوع من الترشح، يكتفي بزوجته ورفيق وبعض ترشيحات رمادية النتائج حتى اللحظة. حفيد إميل إده يسعى إلى هزيمة غير مشرفة بعيداً عن أرضه البرازيلية وجمهوره الكوني. بطرس حرب مشغول بمياه تنورين وبملف اغتيال الحبيب جبران. نسيب لحود انسحب، ابن كميل شمعون حظي بترقية جنبلاطية إلى رتبة أعلى من رئيس بلدية، ماذا يبقى للمسيحيين؟
لا يبقى إلا ميشال عون، فكيف لا ينتخبه المسيحيون، وكيف لا يسعون إلى ترئيسه زعيماً لجماعتهم، في صراع الجماعات المستعر تماماً كما أدرك مغزاها العميق سيد بكركي سنة 2005.
ماذا عن المشهد الثاني؟ إنه مشهد الحكومة المقبلة والمنبثقة من مجلس 7 حزيران. يدخل الآخرون بكل أنصبتهم النيابية الكاملة كما بصفوفهم الأولى، وضمن معادلة لا تغبنهم ولا تغمطهم. لكن ماذا عن المسيحيين؟ ماذا سيفعل رئيس الجمهورية عندها؟ سؤال برسم صورة المشهد الثاني، ولبحثه صلة...

(صحيفة "الأخبار")

2009-04-18