ارشيف من :أخبار لبنانية

انتصار المقاومة في تموز.. في عين العدو: إسقاط سلاح البحرية بالكامل

انتصار المقاومة في تموز.. في عين العدو: إسقاط سلاح البحرية بالكامل
كتب جهاد حيدر
لم يكن العدوان الإسرائيلي على لبنان خلال شهري تموز وآب من العام 2006، سوى ترجمة لجوهر دور الكيان الإسرائيلي في المنطقة، منذ إنشائه في العام 1948، بمعنى تنفيذ السياسات الأميركية في المنطقة (وسابقا سياسات الدول الراعية الأخرى له). وهذا ما أكده المسار التاريخي لهذا الكيان والحروب التي شنها في المنطقة (خلال اعوام 1956 -1967 – 1982) وصولا الى الحرب الاخيرة في تموز 2006.
وبمعنى ادق فإن السياقات السياسية التي شهدها لبنان والمنطقة، وفشل مختلف الرهانات الاميركية لاسقاط المقاومة في لبنان ونزع سلاح حزب الله، بهدف اعادة ترتيب الوضع السياسي في لبنان والمنطقة، دفعت الاميركي للذهاب نحو الخيار الاسرائيلي باعتباره الورقة الاستراتيجية لديه عندما تفشل الاوراق الاخرى.
الا ان ما ميز الحرب الاسرائيلية الاخيرة عن بقية حروبها السابقة هو ارتفاع المنسوب الاميركي في اصل بلورة قرارها وضبط وجهتها وحركتها، ودفع مساراتها وصولا الى تحديد نقطة توقفها ومحاولات تثميرها واحتواء نتائجها المحلية والاقليمية.
وعليه يمكن الجزم ان ما شهده ويشهده لبنان من تطورات سياسية في هذه الايام، ليس سوى انعكاس لنتائج حرب تموز، لأنه لولا الانتصار الذي حققه حزب الله في هذه المعركة لكنا شهدنا مسارا سياسيا محليا واقليميا مغايرا كليا عما نراه الان.
وكما اصبح واضحا من خلال مسار المعارك والخطط العسكرية التي اتبعت، والدراسات والتحقيقات التي اجريت لاحقا، تبين ان الحرب مرت بمراحل متعددة اولها امتدت حتى 16 – 18 تموز واستندت بشكل اساسي على استخدام سلاح الجو حيث تم استهداف منشآت ومواقع ومراكز ومنصات... حزب الله في مختلف الاراضي اللبنانية. كما تم خلالها فرض حصار بحري وجوي (من ضمنها استهداف جزئي لمطار بيروت).
وبرز خلال هذه المرحلة رفض هيئة الأركان العامة للجيش القيام بعملية برية فضلا عن امتناعها عن استدعاء الاحتياط وإعدادهم من اجل تنفيذ هذه العملية لاحقا، حتى ان اقتراحا بهذا المضمون لم يقدم امام الحكومة.
الان وبعد مضي سنتين على هذه الحرب واتضاح الكثير من تفاصيلها واسرارها من الجانب الاسرائيلي، اصبح واضحا ايضا ان الرؤية العسكرية الاساسية التي تم الارتكاز اليها هي اعتقاد القيادة العسكرية انذاك، وخاصة رئيس الاركان دان حالوتس، انه يمكن لسلاح الجو ان يحسم المعركة عبر استهداف منصات الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى التي كانت تعتقد الاستخبارات العسكرية انذاك انها تعرف اماكنها بأجمعها. واراد الجيش الاسرائيلي في ذلك الحين تكرار ما قام به في حرب حزيران من العام 1967 عندما استطاع سلاح الجو الاسرائيلي ان يقضي بضربة واحدة على العمود الفقري لسلاح الجو المصري، وفي العام 1982 عندما فاجأت اسرائيل سوريا والاتحاد السوفياتي بايجاد حلول ناجعة لمنصات صواريخ السام-6.
لكن النتيجة هذه المرة كانت معاكسة اذ برغم تنفيذ سلاح الجو الاسرائيلي عملية جوية اطلق عليها اسم "الوزن النوعي" فجر 14 تموز، استهدف خلالها ما قال انه منصات صواريخ حزب الله المتوسطة والبعيدة المدى، واصل حزب الله دك المواقع العسكرية والمستوطنات في شمال اسرائيل، ولاحقا دك مدينة حيفا وما بعد حيفا، وصولا الى اليوم الاخير من الحرب.
ولم تكن هذه المفاجأة الوحيدة التي صفعت العدو، بل ان المفاجأة التي كانت خارج حساباته كليا، هي استهداف حزب الله احدث بارجاته الحربية ساعر 5 "حانيت" ومقتل اربعة جنود على متنها. وتكمن اهمية هذه الضربة العسكرية، على حد تعبير احد المعلقين الإسرائيليين، ان حزب الله اسقط سلاح البحرية الاسرائيلية بأكمله من خلال ضربه لبارجة حانيت. كونها تمثل القطعة البحرية الأكثر تطورا كما تشكل العمود الفقري لقوة هذا السلاح.
وبالاستناد الى التقارير الاسرائيلية فقد اصاب صاروخ حزب الله نقطة تبتعد مسافة قصيرة عن النقطة التي لو اصابتها لغرقت البارجة، وعلى متنها عشرات الجنود الاسرائيليين، خلال وقت قصير.
ووفقا لما كشفته التقارير الاسرائيلية فإن قصف مدينة حيفا في السادس عشر من تموز شكل اسقاطا لخيار سلاح الجو، لأنه اثبت عمليا فشله في تدمير القوة الصاروخية لحزب الله. وخاصة انه في ذلك اليوم نفسه طلب عدد من قادة الجيش من رئيس الاركان دان حالوتس ايقاف الحرب لأن بنك الاهداف الذي بنته الاستخبارات طوال سنوات قد استنفد. وهكذا تبين انه في الوقت الذي اعتبر فيه جيش العدو أنه استنفد بنك اهدافه كان حزب الله قد بدأ مرحلة جديدة في القتال والقصف الصاروخي.
الانتقاد/ العدد 1281 ـ 15 تموز/ يوليو 2008
2008-07-14