ارشيف من :أخبار عالمية

العراق: زيارة أردوغان تفتح آفاقاً جديدة لشراكة استراتيجية بين بغداد وأنقرة

العراق: زيارة أردوغان تفتح آفاقاً جديدة لشراكة استراتيجية بين بغداد وأنقرة
بغداد - عادل الجبوري
العراق: زيارة أردوغان تفتح آفاقاً جديدة لشراكة استراتيجية بين بغداد وأنقرةالمجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي بين العراق وتركيا، كان ذلك هو العنوان والمعلم الابرز للزيارة التي وصفت بـ"التاريخية" لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى العراق يوم الخميس الماضي، العاشر من شهر تموز/ يوليو الجاري.
ومع ان زيارة اردوغان لبغداد لم تدم اكثر من اربع وعشرين ساعة في اقصى التقادير، الا انها انطوت على اهمية بالغة لكلا الطرفين.
ومهد لهذه الزيارة، حراك سياسي بين بغداد وانقرة تمثل بزيارات مكوكية عديدة قام بها المبعوث الخاص للحكومة التركية مراد اورجيلك الى بغداد، حيث عقد لقاءات موسعة مع كبار رجال الدولة وقادة وزعماء الاحزاب والقوى السياسية الرئيسية، وناقش ملفات عديدة من بينها ملف حزب العمال الكردستاني التركي المعارض الذي يتخذ من مناطق في شمال العراق قواعد له، وملف المياه، وملف توسيع التبادل التجاري، واستثمار الرساميل التركية في مشاريع اعادة الاعمار والبناء في العراق.
وكان اورجيلك قد نقل للزعماء العراقيين في بغداد رغبة اردوغان بزيارة بغداد، مؤكدا دعم بلاده  للعملية السياسية في العراق ولجهود الحكومة العراقية في تحقيق الأمن والاستقرار والاعمار.
والى جانب الزيارات العديدة للمستشار اورجيلك، فإن وزير الطاقة التركي قام بزيارة مثمرة وبناءة الى بغداد قبل اسابيع قلائل مهدت وساهمت هي الاخرى بوضع الاسس والمنطلقات الاساسية لزيارة طيب اردوغان لبغداد.
وقد شكل مؤتمر التعاون التجاري العربي التركي الذي عقد في مدينة اسطنبول ومثل الجانب العراقي فيه نائب رئيس الوزراء العراقي الدكتور برهم صالح، نقلة نوعية في واقع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ونقطة انطلاق لتعزيز تلك العلاقات ودفعها الى الامام.
وكان وزير التجارة العراقي عبد فلاح السوداني قد اشار الى ان حجم المبادلات التجارية بين بغداد وانقرة بلغ العام الماضي ثلاثة مليارات دولار، ومن المتوقع ان يصل مع نهاية العام الجاري الى خمسة مليارات دولار، وهناك مساع وتوجهات لكي يصل الى خمسة وعشرين مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وتتضمن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين افاقا واسعة وجديدة للتعاون في المجالات المختلفة.
ففي المجال العسكري والأمني تم الاتفاق على عدة مبادئ من بينها:
-احترام أمن أراضي كل من البلدين للآخر، ودعم جهودهما المشتركة لمنع تنقل الإرهابيين والأسلحة غير الشرعية من والى العراق، والتأكيد على أهمية تقوية التعاون بينهما للسيطرة على الحدود المشتركة ومنع جميع أشكال النقل المحظور، ويتضمن ذلك الدعم المالي واللوجستي وكل أشكال الدعم الأخرى للإرهابيين والمنظمات الإرهابية، وكذلك رفض استخدام اللغة المشجعة على العنف والإرهاب.
-إتمام الاتفاقية الإطارية العسكرية بين رئيسي أركان البلدين.
-إتمام إجراءات اتفاقية محاربة الإرهاب بين جمهورية العراق والجمهورية التركية.
 وواضح ان مفهوم او مصطلح محاربة الارهاب، يستهدف اساسا حزب العمال الكردستاني التركي، الذي يعد احد ابرز عوامل القلق التركي، وأحد عناصر التأزم في العلاقات بين حكومة انقرة واكراد العراق، اكثر منه بين حكومة انقرة وحكومة بغداد.
اما في المجال الاقتصادي والتجاري والاستثماري، فقد تم إقرار جملة مبادئ منها:
- عقد اتفاقيات للتعاون والتكامل الاقتصادي الاستراتيجي بين البلدين قبل نهاية 2008.
- تشجيع التعاون في مجال الموارد المائية والزراعة لمساعدة العراق على تلبية حاجاته الزراعية والمائية، وضمنها تلك المتعلقة بالري، مع الأخذ بنظر الاعتبار حاجة تركيا الزراعية والمائية، وقدرتها على توفير تلك المساعدات.
- تعزيز التعاون لتنمية العلاقات التجارية لتحقيق المصلحة المشتركة لشعبي البلدين، وعقد اتفاقية تجارة حرة بين العراق وتركيا من أجل تحقيق ذلك.
- التشجيع والعمل على تنظيم برامج مشتركة لتأسيس مناطق تجارة وصناعة حرة للمساهمة في زيادة فرص العمل والاستثمار في العراق، وكذلك تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين الجارين.
- التعاون في نشاط إعادة الإعمار لتلبية الاحتياجات الأساسية وتوفير الخدمات للشعب العراقي.
وفي مجال التعاون السياسي والدبلوماسي فقد اشار ميثاق المجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي الى:
- دعم جهود الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب، والحفاظ على استقلال العراق وسيادته الكاملة ووحدة أراضيه ووحدته الوطنية ضد التهديدات.
- عقد اتفاقيات ثنائية بوقت قصير ومحدد للمساعدة في تأسيس روابط أقوى بين البلدين.
- التأكيد على التزامات دول الجوار وكذلك اجتماعات دول الجوار الموسعة في دعم الحكومة العراقية في جهودها لتحقيق أهداف الشعب العراقي من أجل عراق حر، مستقل، موحد، اتحادي، ديمقراطي ومزدهر.
-الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة في احترام الحدود الدولية المعترف بها، والتعهد بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية.
- احترام التعددية الثقافية، والدينية والقومية للعراق، مع التأكيد على ضمان احترام التعايش السلمي لجميع المكونات واحترام الهوية العراقية من أجل مستقبل العراق.
-التعاون والتنسيق لسياسات البلدين في المحافل الدولية والإقليمية كالدعم المتبادل لطلبات الترشيح للمنظمات واللجان والمناصب الدولية لكلا البلدين.  
وتعكس معظم بنود ميثاق المجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي، دعما تركيا للعراق في المجلات السياسية والامنية والاقتصادية والتجارية، يقابله نوع من التطمينات الضرورية والمطلوبة لتركيا، والتي يحرص صناع القرار السياسي في انقرة على الحصول عليها.
هذا من جانب، ومن جانب اخر تظهر وتستبطن مضامين الميثاق توجها متبادلا من كلا الطرفين للتأسيس لمرحلة جديدة من العلاقات تبنى بالدرجة الاساس على مبدأ الثقة، ومراعاة المصالح المشتركة والمتبادلة، وتصحيح المسارات الخاطئة في العلاقات التركية ـ العراقية، التي نتجت عن التعاطي السياسي الخاطئ مع المشكلات والازمات الامنية والسياسية في عهد نظام صدام، مشتملا على المرحلة الممتدة من مطلع عقد التسعينات حينما فقد سيطرته وسلطته على الجزء الاكبر من مناطق شمال العراق التي باتت تعرف بـ"إقليم كردستان".
الانتقاد/ العدد 1281 ـ 14 تموز/ يوليو 2008
2008-07-14