ارشيف من :آراء وتحليلات

نقطة حبر: الاعتراف بالهزيمة مرتين

نقطة حبر: الاعتراف بالهزيمة مرتين
كتب حسن نعيم
يقول قادة الرأي في الكيان الصهيوني إن حزب الله هو أكثر مَن فهمهم من أعدائهم العرب, بمعنى فهم العقلية التي تدير القرار السياسي الإسرائيلي والخلفيات الحقيقية لأي قرار أو إجراء أو تحرك يتخذ على الحدود على سبيل المثال, وفهم مراكز القوى وتحالفاتها واختلافاتها وعلاقاتها بالولايات المتحدة وبالعالم. وبالمقابل يزعم الجانب الإسرائيلي أنه يفهم حزب الله جيداً، بمعنى فهم هويته الثقافية وذهنية قادته الجهادية وطبيعة تحلافاته في الداخل الفلسطيني كما في الخارج.
إنه صراع مرير ومديد لكلا الطرفين. لذا يراقب كل واحد تصريحات الآخر بحذر، ويسجل أي موقف يصدر عنه ويحلله بعمق ولا يغفل عن أي نأمة أو زلة لسان تصدر عن الآخر ليرى ما إذا كانت مقصودة أو غير مقصودة، واضعاً إياها في سياق الحرب النفسية التي يشنها عدوه عليه وعلى جمهوره.
العملية العسكرية التي أدت إلى أسر الجنديين الإسرائيليين وما أعقبها من ردّ في مثل هذه الأيام قبل عامين, وتأخر تبادل الأسرى حتى هذه الأيام لا يمكن فهمه سوى في السياق الآنف. فحرب تموز بتداعياتها الإسرائيلية وارتداداتها الإيجابية عند الطرف المناوئ  يتم إعلان نتيجتها الرسمية في هذه الأيام التاريخية, وعملية تحرير الأسرى اللبنانيين والعرب من المعتقلات الإسرائيلية ما كان لها أن تتأخر, لو اعترف الإسرائيلي منذ عامين أنه أصبح أمام معادلة جديدة قوامها أسرى مقابل أسرى.
حزب الله الذي يفهم عدوه جيداً لا يقبل بأدنى من تحقيق الأهداف المعلنة للعملية، وهي تحرير الأسرى، والصهيوني الذي يفهم حزب الله جيداً لا يريد له أن ينعم بانتصاراته في محيطه العربي، ولا يريد أن يكرس هذه اللغة في التخاطب معه, فكانت حرب تموز, لكن نتائجها ضاعفت أزمته. صار الاعتراف اعترافين. حقاً ما أصعب الاعتراف بالهزيمة مرتين.
الانتقاد/ العدد 1281 ـ 14 تموز/ يوليو 2008
2008-07-14