ارشيف من :أخبار لبنانية

وقفة مع معادلة نيسان الـ1996

وقفة مع معادلة نيسان الـ1996
كتب المحرر العبري
شن جيش العدو الإسرائيلي في نيسان/ أبريل 1996 حملة عسكرية واسعة على لبنان والمقاومة تحت اسم "عناقيد الغضب"، أدت في حينه إلى بلورة وتكريس معادلة الردع المتبادل التي أسست إلى التحرير الكبير في أيار/ مايو عام 2000. وبمناسبة الذكرى السنوية الثالثة عشرة لا بد من وقفة تذكيرية بسياق هذا العدوان ونتائجه.
يمكن القول ان فشل جيش العدو في عدوان تموز/ يوليو 1993 "عملية تصفية الحساب" في قمع المقاومة والتوصل إلى ما عُرف في حينه بتفاهم الكاتيوشا، أسس لعدوان نيسان اللاحق. خاصة ان التفاهم الذي تحقق في حينه تضمن التزام الطرفين الإسرائيلي والمقاوم، بعدم قصف المناطق الخلفية "المدنية"، من دون ان يشمل ذلك عمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال في الشريط الحدودي. وهو ما أرهق جيش العدو ودفعه لإعداد خطط عسكرية جديدة لتغيير هذا الواقع.
وما عزز من الضغط على الطرف الإسرائيلي هو استمرار المقاومة في توجيه الضربات المؤلمة للعدو وفشل الإجراءات الوقائية للجيش في مواجهة رجال المقاومة. وبدلا من ان يؤدي احتلال "الحزام الأمني" دورا في حماية شمال "إسرائيل" ـ كما توحي تسمية الحزام الأمني ـ أصبحت تطورات المواجهات في تلك المنطقة سببا لتدهور الوضع الأمني في المستوطنات الإسرائيلية عبر قصفها من قبل المقاومة ردا على أي اعتداءات تصيب المدن والقرى اللبنانية. هذا إلى جانب استنزاف المقاومة قوات العدو في الشريط عبر استهداف جنوده وضباطه.
وتحول اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية العامة أيضا إلى عنصر ضغط على القيادة السياسية التي كان يترأسها حزب العمل برئاسة شمعون بيريس، جراء تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي بفعل العمليات الاستشهادية التي نفذها رجال المقاومة في فلسطين، ردا على اغتيال المهندس يحيى عياش. وشعور رئيس حزب العمل آنذاك بأن مآله إلى السقوط، دفعه إلى البحث عن انجاز أمني "استراتيجي" لتوظيفه في الانتخابات المقبلة.
شكل تعثر مسيرة التسوية آنذاك مع تقديرات غربية لما ينطوي ذلك على تداعيات خطيرة لمسنا نتائجها في المراحل اللاحقة، واستنفار العالم الغربي وأكثر العالم العربي لنجدة "إسرائيل" عبر عقد مؤتمر في شرم الشيخ شاركت فيه كل الدول الكبرى ومعظم الأنظمة العربية، وتقديم الدعم المطلق لشن حملة عسكرية على المقاومة في لبنان.. كل ذلك أدى إلى اطلاق "إسرائيل" حملتها العسكرية تحت اسم "عناقيد الغضب".. ولكنها بدلا من ان تكون محطة على طريق إخضاع لبنان والمقاومة والمنطقة، تحولت نتائجها إلى نكسة جديدة لهذا العدو ومحطة انتصار جديدة للمقاومة، خاصة ان جيش العدو لم يتمكن خلال 16 يوما من إسقاط المقاومة، وتحديدا وقف اطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، الأمر الذي فرض وكرس معادلة الردع المتبادل التي كان تفاهم نيسان أحد انعكاساتها وتجلياتها. وتمكنت المقاومة عبر تكريس هذه المعادلة من التأسيس للاندحار الإسرائيلي الكبير الذي تحقق في أيار عام 2000، بمواصلة هجماتها على قوات الاحتلال في الشريط الحدودي، والرد على محاولاته التفلت من معادلة نيسان، بقصف العمق الإسرائيلي.
2009-04-21