ارشيف من :أخبار عالمية
تسعون جمعية إسرائيلية شاركت في مؤتمر مناهضة العنصرية وثلاثة آلاف يهودي أحضروا لجنيف من جميع أنحاء العالم لمحاربة نجاد
جنيف ـ نضال حمادة
إسرائيل قاطعت رسمياً مؤتمر مناهضة العنصرية أو ما سمي بمؤتمر (ديربان) الذي يعقد في جنيف بين العشرين والرابع والعشرين من شهر نيسان الحالي. غير أن هذه المقاطعة الرسمية استبدلتها إسرائيل بإرسال نحو تسعين جمعية إسرائيلية وموالية لإسرائيل لحضور المؤتمر ظاهرا، ولكن الحقيقة أن هذا الحضور الجمعياتي الكثيف كان للتخريب على وجود الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد. وقد أردفت إسرائيل هذا الجيش من الجمعيات الحقيقية والوهمية، بمد بشري قدره المشاركون بنحو ثلاثة آلاف يهودي احضروا من بلدان عديدة، ويتكلمون عدة لغات بحيث يظهر أن التحرك ضد الرئيس الإيراني عالمي، وليس من قبل جهة واحدة.
لقد جن القوم، هكذا كان ينطق لسان حال الجميع وهم يرون التحرك الإسرائيلي الهستيري ضد إيران واحمدي نجاد. غير أن هذا لا ينفي أن التنظيم الكبير والتمويل الكثيف شكلا أساس الحملة الإسرائيلية حسب رأي مراقب حقوقي عربي شارك في أعمال المؤتمر ممثلا عن الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني.
حرصت إسرائيل الغائبة رسميا عن المؤتمر على الوجود الكمي والنوعي في جميع الزوايا الإستراتيجية والعملية المحيطة بقصر الأمم المتحدة وداخله. وهذا الحضور دفعت من اجله أموال كثيرة واستنفر للقيام به مئات الأشخاص الذين كان لكل منهم دوره الموكل به.
عند وصولك إلى ساحة الأمم أمام المدخل الأساس لقصر الأمم المتحدة، تواجهك خيمة كبيرة ومئات الكراسي المصفوفة، وعمال يقومون ببناء المنصة استعدادا لحفل موسيقي ساهر، بينما تعلو واجهة المنصة لافتة كتب عليه (يوم الشواه) أو يوم المحرقة. كان هذا صبيحة افتتاح المؤتمر نهار الإثنين في العشرين من شهر نيسان الحالي. وساحة الأمم هي المنفذ على المدخل الرئيس لقصر الأمم المتحدة في جنيف، فضلا عن كونها ممرا مهما لحافلات النقل العام التي تعبر جنيف. هنا بدأ مشوار جميع من شارك بالمؤتمر عند باب قصر الأمم المتحدة مع وجود استعراضي إسرائيلي انطلق ظهرا وانتهى مع انتهاء أعمال اليوم الأول للمؤتمر، وكان المحتفلون من طرف واحد ومن جهة واحدة، وهذا ما رآه جميع المشاركين في المؤتمر.
في داخل المؤتمر كان مندوبو الجمعيات الإسرائيلية ينشطون في جميع الجهات ويتكلمون مع الناس فردا فردا، حول ضرورة مقاطعة الرئيس الإيراني الذي نعته هؤلاء بأبشع الأوصاف، وتسلحوا بملصقات وصور تصور للعالم أن الرئيس أحمدي تجاد، رجل خطر. حصل هذا مع جميع من حضر المؤتمر بمن فيهم مراسل الانتقاد. واعتمدت الجمعيات الإسرائيلية على طريقة الكلام المباشر، وكان عشرات الأشخاص الذين أتوا من بلدان متعددة، يتقدمون بشكل فردي ويوزعون منشورات ضد الرئيس الإيراني ومفاتيح ذاكرة (فلاش ميموري) تحمل صورا عن إسرائيل. وكانت هذه العملية تتم بشكل خفي وكأن من يوزع المنشورات والأدوات كان يمارس السرقة في الخفاء.
من ناحية أخرى قامت إسرائيل بطريقة خبيثة وذكية، باستئجار غالبية القاعات في قصر الأمم المتحدة، بأسماء جمعيات حقيقية ووهمية، تحت عنوان إقامة ورشات عمل على هامش المؤتمر، وقد بقيت جميع هذه القاعات فارغة باستثناء نشاط وحيد قام به اليهود في القاعة رقم عشرة، وكان موضوع الندوة (العداء ضد السامية). وقد واجهت الجمعيات التي لديها ورشات عمل فعلية مشاكل في الحصول على قاعة، حيث حجزت جميع الأماكن، وبذلك عطل الإسرائيليون الكثير من الندوات الجانبية وورشات العمل التي كان مخططا لها أن تقوم على هامش المؤتمر.
في القاعة رقم عشرة، عمد الإسرائيليون إلى حشد ما أمكن من يهود أتوا بهم من جميع أنحاء أوروبا، وكان المشهد أشبه بتظاهرة ضمت الكبير والصغير. وقد أحضرت جميع وسائل الإعلام العالمية لتصوير الحشد في القاعة المكتظة بلون واحد ومن فرقة واحدة.
إنهم في مأزق كبير، وهم يتصرفون بطريقة تثير السخرية، هذه المقولة ترددت على جميع الألسنة. أما الدول الأوروبية المنسحبة فقد وصفها الباحث صبحي العبيدي بالقول "لقد قاموا بمسرحية مضحكة، فقد خطط هؤلاء للانسحاب الاستعراضي حتى أن واحدهم كان نصفه على المقعد والنصف الآخر في الهواء الطلق بانتظار كلمة السر للخروج المتلفز".
أنهى الرئيس احمدي نجاد يومه القوي في الأمم المتحدة، واثبت مرة أخرى أنه يقود دولة أصبح العالم مقتنعا أنها سوف تملأ كل فراغ تحاول أن تفتعله أميركا وإسرائيل وحلفاؤهما على الساحات الدولية. خرج الوفد الإيراني من قصر الأمم إلى فندق (أنتركونتينونتال) حيث اجتمع الرئيس نجاد مع وفود من الجاليات الإسلامية في أوروبا، وبعد هذا الاجتماع حضر الرئيس السويسري إلى الفندق وعقد لقاء مطولا مع الرئيس الإيراني والوفد المرافق له، وقد حضر اللقاء عشرات رجال الأعمال السويسريين. رحم الله من قال "لكل زمان دولة ورجال".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018