ارشيف من :أخبار عالمية
مسؤول كبير في المخابرات الأميركية يهاجم المحافظين الجدد و يشدد على الحوار السياسي مع إيران

هاجم مدير مجلس الاستخبارات الوطنية ونائب مدير مكتب الإستخبارات الوطني للتحليل في الولايات المتحدة، توماس فينغار، المحافظين الجدد، مشدداً على ضرورة الحوار السياسي مع إيران. وكلام فينغار فتح الباب أمام نقاشاتٍ جديدة.
وهذا نص التصريح كاملاً:
بعد ظهر الأمس، ومع تناول الضيوف لوجبات غدائهم، أدلى أحد مسؤولي الإستخبارات الكبار في الولايات المتحدة ببعض التعليقات الإستفزازية والمثيرة للإهتمام حول المأزق الأمريكي الإيراني الراهن.
وكان ما قاله بمثابة كشف لحقيقة المحافظين الجدد وفتح الباب أمام نقاشاتٍ جديدة.
فالمسؤول كان توماس فينغار، مدير مجلس الإستخبارات الوطنية ونائب مدير مكتب الإستخبارات الوطني للتحليل. وفي الواقع، فينغار هو المحلل الإستخباراتي الأعلى في الدولة. وفي السابق، ترأس مكتب وزارة الخارجية للإستخبارات والأبحاث، وهو واحد من بين الوكالات الإستخباراتية القليلة (والقليلة جداً) التي حصلت على حق العمل بموضوع العراق عام 2002، عندما كانت وكالات الإستخبارات المركزية ووكالات البنتاغون مشغولة بالتهديد العراقي المتمثل بأسلحة الدمار الشامل. وفي وقت ليس ببعيد، أشرف فينغار على إصدار تقرير تقييم الإستخبارات الوطني الذي خلُص، كما هو معروف، إلى أن إيران أوقفت على الأرجح العمل على تطوير أسلحة نووية عام 2003.
وفي عرضه بالأمس، في مركز السياسة الوطنية، فتح فينغار نافذة على طريقة تفكير مجموعة الإستخبارات الأمريكية حول إيران، التي ومن دون شك لم تحمل أي طابع حربي.
أولاً، أكّد فينغار على وجوب أخذ الولايات المتحدة في الحسبان شرعية مخاوف إيران الأمنية. وقال، " إيران تعيش في محيطٍ قاسٍ، على غرار الفكرة الكلاسيكية القائلة بإنه "حتى المصابين بجنون الإرتياب لهم أعداء‘. فهي تمتلك مبرراً لشعورها بعدم الأمان". وقد قال إن إيران تشعر بعدم الأمان، إلى حدٍ ما، بسبب حقيقة أن الولايات المتحدة تمتلك أسلحة في العراق وأفغانستان. وأضاف،" يشكل الإدراك بأن إيران لديها إحتياجات أمنية نقطةَ إنطلاقٍ جيدة" للسياسة الأمريكية. "فنحن جزء من السبب الذي يجعل إيران تشعر بعدم الأمان".
وأضاف قائلاً إن الحل هو بالتحدث إلى إيران "فهي تجادل بشأن تحويل الإلتزام من كونه ثنائي الطرف ليصبح متعدد الأطراف من خلال إستخدام المؤسسات الدولية".
وفيما يتعلق بمناورات إيران الحالية بإجراء تجارب على الصواريخ - إذ أن طهران أجرت جولة ثانية اليوم - كان فينغار هادئاً. وإفترض أن التجارب كانت بمثابة تحذيرات دفاعية ضد أي عدوانٍ محتمل. وقال،" إن إيران تتبع ما يشبه إستراتيجية القنفذ، فهي كأنها تقول "لا تعبثوا معي وإلا سألحق الأذى بكم، فأنا لدي القدرة على التسبّب بالألم".
وربط فينغار بشكل علني موضوع إيران بإمدادات الطاقة فقال، " تقع إيران في البقعة التي تتوفّر فيها إمدادات الطاقة ". وفي حديثه، أشار فينغار عدة مراتٍ إلى أن "التنافس على الطاقة" هو مصدر الصراع وعدم الإستقرار في المستقبل. وعندما طلبت منه أن يفسر هذ النقطة، قال إن مثل هذه المنافسة يمكن أن تشتمل على كل شيء من "طبيعة عمل السوق، أي التنافس من خلال الأسعار" إلى المنافسة التي تحمل طابعاً سياسياً وإستراتيجياً. وفي بعض الأحيان، كما قال، يصبح الأمر مسألة قرابة وصداقة، حيث تفضل البلدان التي تمتلك مقاربات متشابهة التعامل مع بعضها البعض في علاقات الطلب والعرض على الطاقة. ولكنه أبدى قلقه كذلك إزاء الجهود الرامية إلى " الحصول على الموارد بطريقة شبه إستعمارية". وذلك بالطبع يمكن أن يطبّق على الإحتلال الأمريكي للعراق، ولكن فينغار لم يذهب إلى ذلك الحد.
وأضاف كذلك أن شركات النفط التي تملكها الدول تفرض تحدياً على السياسة الأمريكية. وعلى الرغم من أنه لم يحدد تماماً ما قصد من وراء ذلك، بدا وكأنه يفترض أنه بسبب إمتلاك الدول المستهلكة الأساسية كالصين والدول المنتجة الأساسية كإيران والسعودية شركات نفطية تابعة للسلطة الرسمية، فهي تستطيع دمج القوة الإقتصادية مع قوة الدولة السياسية لضرب الصفقات النفطية. (ويبدو واضحاً أن حكومة العراق الحالية، التي لا ما زالت تعتمد على الولايات المتحدة إذا لم نقل تحت سيطرتها، منعت الشركات الصينية والروسية وشركات نفطية أخرى حتى الآن عن عمد من الحصول على النفط العراقي في حين فضّلت شركات النفط الأمريكية والبريطانية والفرنسية والدانمركية التي سيطرت على النفط العراقي سابقاً في أيام العز الماضية للأنظمة الإمبريالية).
ولدى سؤالي فينغار عن الدور الأمريكي التقليدي كحامٍ للخليج "أعلن التعاقب المتواصل للإدارات الأمريكية الخليج على أنه "بحيرة أمريكية" ألمح إلى أن التنظيم مع بقية العالم كان حسناً حتى الآن. "فالعالم، بما فيه القوى الصاعدة، إستفاد من الدور الذي لعبته الولايات المتحدة". ومع ذلك، تابع قوله، "بدأت السياسة القديمة تتسبب بالمشاكل، فهل هناك بدائل؟ وما هي السلبيات؟" بالطبع، يشكل ذلك المشكلة المركزية للإستراتيجة الأمريكية في العقود القادمة. إذ من المرجّح أن يواجه الجهد الذي تبذله الولايات المتحدة للحفاظ على هيمنتها على الخليج مقاومة صلبة من معظم دول العالم، وخاصة من القوى الصاعدة في آسيا التي هي بحاجة إلى نفط الخليج. وإيران، الموجودة في قلب هذه القضايا، ليست غافلة عن هذا الموضوع.
وفي أثناء زيارتي إلى إيران في آذار/مارس، أخبرني مسؤول إيراني رفيع المستوى بلهجة شديدة أن إيران ترى نفسها على أنها العقبة الرئيسية أمام قدرة الولايات المتحدة على تعزيز سيطرتها على الخليج الفارسي ونفطه، كما قال إن الولايات المتحدة تراها من نفس المنظور بالضبط.
وكالة الشرق الجديد، ترجمة: مهى صالح