ارشيف من :أخبار لبنانية

الأربعاء موعد الصورة التذكارية وجلسة البيان الوزاري: ولادة الحكومة تدشن مرحلة سياسية جديدة

الأربعاء موعد الصورة التذكارية وجلسة البيان الوزاري: ولادة الحكومة تدشن مرحلة سياسية جديدة
كتب هلال السلمان
مرحلة سياسية جديدة دخلتها البلاد بعد "الولادة القيصرية" لحكومة الوحدة الوطنية يوم الجمعة الماضي، ما وضع حدا لسياسة التعطيل والمماطلة التي عملت عليها الولايات المتحدة والراعي الإقليمي لفريق السلطة. وبهذا التشكيل للحكومة تكون المعارضة الوطنية قد حققت مطلبها الأساس الذي نادت به وعملت على تحقيقه قرابة سنتين. وبالمقابل كان هذا التشكيل يضع فريق الموالاة على مفترق طرق يقوده نحو "التشتت" وتضارب المصالح، بعدما عجز الوصي الخارجي عن الاستمرار في دعمه مع دخول المنطقة في معادلات جديدة أنتجها فشل المشروع الأميركي وصمود محور الممانعة.
اذاً بعد مرور قرابة شهر ونصف الشهر من المماطلة والتسويف من قبل فريق السلطة عبر الرئيس فؤاد السنيورة، ولدت حكومة الوحدة الوطنية التي نص على تشكيلها اتفاق الدوحة في بنده الثاني، وأعلنت مراسيم تشكيلها من قصر بعبدا بعد ظهر الجمعة بعد توقيع مرسومها من قبل رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف. وسبق ذلك اجتماع ثلاثي ضم الى الاثنين رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ولادة حكومة العهد الأولى كانت ذللت من أمامها آخر العقبات التي تمثلت بتراجع رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة عن الفيتو الذي وضعه على توزير الرئيس السابق للحزب القومي علي قانصوه، وجاء هذا التراجع بعد اجتماع لأكثر من ساعة في السراي الكبير بين السنيورة والنائب سعد الحريري الذي وضع في تصريح له بعد اللقاء التراجع عن الفيتو في سياق ما وصفه بالتضحيات لمصلحة لبنان وانطلاقة العهد الجديد.. و"الفضيحة" التي ظهرت في هذا السياق كانت مساومة السنيورة للحريري بشأن توزير قانصوه على حصته هو داخل الحكومة، حيث اشترط الإطاحة باثنين من حصة الحريري هما نهاد المشنوق وسمير بكداش مقابل توزير مستشاره محمد شطح والوزير خالد قباني، وهو ما جرى.
وفي حسابات الربح والخسارة جاء الإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة ليترك ندوبا كبيرة بين أفرقاء الموالاة الذين خاضوا في ما بينهم حرب "داحس والغبراء" في الصراع على الحقائب الوزارية، وسيكون لهذا الأمر تداعيات كثيرة في المرحلة المقبلة. وفي سياق هذه الخلافات شن النائب السابق غطاس خوري الذي استبعد عن التشكيلة الحكومية لمصلحة تمثيل قرنة شهوان، شن هجوما عنيفا على مسيحيي القرنة وانتقد قادة فريق 14 آذار، واعتبر في تصريح أدلى به بعد لقائه الرئيس فؤاد السنيورة أنهم تخلوا عن شعارات الرابع عشر من آذار لمصالح فئوية لها علاقة بالتوزير في الحكومة الجديدة. وهذا أشار الى قرب تفرق "العشاق"، وخصوصا تصدع العلاقة بين المستقبل ومسيحيي قرنة شهوان.
وفي حسابات الخسائر برز رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من أبرز الخاسرين، حيث تقلصت حصته من ثلاث حقائب الى حقيبة واحدة، ووزراؤه من ثلاثة الى اثنين.
المصادر المتابعة لفتت الى ان الإعلان عن التشكيلة الحكومية جاء بعدما اصطدمت عمليات التعطيل التي مارسها فريق السلطة بالحائط المسدود، وتأكده أنه اذا واصل التعطيل فسيكون أمام استحقاق تكبد مزيد من الخسائر السياسية.. وهو تكبد خسارة اضافية كان بغنى عنها عندما رضخ لإرادة المعارضة وتراجع عن الفيتو الذي وضعه على توزير الرئيس السابق للحزب القومي علي قانصوه.
بالمقابل كانت المعارضة تحرز انتصارا سياسيا جديدا من خلال تشكيل الحكومة الجديدة انتظرته أكثر من سنة ونصف السنة، حيث أمنت الثلث الضامن الذي يحقق الشراكة الحقيقية في الحكم، ما يمنع فريق السلطة من التسلط والاستئثار.
كذلك فإن رئيس الجمهورية ميشال سليمان حقق مكسبا من خلال تشكيل الحكومة عشية سفره الى باريس، حيث أعطته دفعا قويا خلال مشاركته في قمة الاتحاد المتوسطي والاجتماعات التي عقدها مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والرئيس السوري بشار الأسد. وقد أنتجت لقاءاته مع الرئيس الأسد تأسيسا لانطلاق مرحلة جديدة من العلاقات الجيدة بين لبنان وسوريا، حيث ستوجه اليه الدعوة قريبا لزيارة دمشق وبحث ملف التبادل الدبلوماسي بين البلدين، اضافة الى بحث باقي الملفات.
وعليه باتت الأنظار الآن تتجه نحو البيان الوزاري، حيث ستعقد الحكومة الجديدة جلسة أولى لها يوم الأربعاء بعد عودة الرئيس سليمان من باريس، اذ ستشكل لجنة وزارية تعنى بصياغة البيان الوزاري. ومن الواضح ان هذا البيان سيكون محلّ نقاش سياسي واسع بين الأفرقاء المشاركين في الحكومة قبل إقراره، والذهاب بعد ذلك الى جلسة منح الثقة أمام مجلس النواب.
كذلك فإن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية سيدفع الى التعجيل في التحضيرات لعقد جلسة عامة لمجلس النواب لإقرار قانون الانتخاب الجديد الذي يعتبر البند الثالث من اتفاق الدوحة.. لتنطلق بعد ذلك بقوة الحملات الانتخابية تمهيدا للاستحقاق الانتخابي النيابي العام المقبل.
الانتقاد/ العدد1281 ـ 15 تموز، يوليو 2008
2008-07-15