ارشيف من :أخبار عالمية
القدس: بدء العد التنازلي لهدم حي البستان
السفير 30/4/2009
تباشر سلطات الاحتلال تنفيذ قرارات هدم منازل الفلسطينيين في حي البستان خلال الاسابيع المقبلة، ما ينذر بكارثة حقيقية تهدد العديد من أحياء مدينة القدس المحتلة، وتهويدها، ليضاف إليها أيضاً مخطط آخر يستهدف تحويل المسجد الأقصى إلى مجرّد ذكرى، من خلال محاصرته بمئة كنيس يهودي.
وفي بلدة سلوان تأكد أن قرارات الهدم ستدخل حيز التنفيذ أوائل الصيف المقبل. وبعد اجتماع عقدته البلدية مع ممثلين عن الحي، قال عضو لجنة الدفاع عن حي البستان فخري أبو دياب لـ»السفير» إن «بلدية الاحتلال أبلغتنا أنها أصبحت جاهزة لهدم 50 من أصل 88 منزلا في هذا الحي تمهيدا لإقامة حديقة عامة على أنقاضها».
وكانت سلطات الاحتلال سلمت أهالي الحي قبل شهرين إخطارات بهدم منازلهم بدعوى «عدم الترخيص»، إلا أن الفلسطينيين يؤكدون أن هذه الحجة واهية، خاصة أنّ بعضهم يقيم في الحي منذ أكثر من خمسين عاماً، أي قبل احتلال القدس الشرقية.
ويقع هذا الحي جنوبي المسجد الأقصى، وهو يتوسط بلدة سلوان التي لا تبعد كثيرا عن الحرم القدسي. ولا يوجــد تاريخ محدد لبناء الحي، لكن سكانه يؤكــدون أن فيه منازل شيدت منذ العــام 1880، فيما تبلغ مساحته 70 دونــما ويقطــنه 1500 فلسطيني.
بدا أبو دياب حائرا لدى سؤاله عما سيفعله أهالي الحي لمواجهة قرار الهدم الذي سيشردهم. وقال «لا نعلم ماذا سيحل بنا، أخبرونا أنهم لن يتجاهلونا، لكننا سألناهم إلى أين سنذهب عندما تهدمون، فرفضوا الإجابة». وأضاف «نحن قررنا أن نبقى في بيوتنا فإما أن نعيش فيها أو نموت تحت أنقاضها».
وأوضح أبو دياب إن البلدية أخبرتهم أنها أنشأت شركة خاصة أطلقت عليها اسم «شركة تطوير القدس الشرقية»، صرفت لها موازنة تقدر بعشرين مليون شيكل (5 ملايين دولار)، وأنّ هذه الشركة ستتولى مهمة إزالة الحي وإزالة أنقاضه على مراحل.
وليس بعيدا عن حي سلوان، يقف المسجد الأقصى، الذي يبدو انه هو الآخر دخل مرحلة العدل التنازلي قبل أن يتحول إلى «نقطة في الظلام» كما تقول «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث الإسلامي».
وقال رئيس المؤسسة الشيخ رائد صلاح، الذي يرأس أيضاً الحركة الإسلامية داخل أراضي العام 1948، إن ما تم الوصول إليه من معلومات يظهر أن إسرائيل تخطط لبناء مئة كنيس في محيط المسجد الأقصى، «ناهيك عن المواقع الأمنية والسياحية».
وأوضح الشيخ صلاح أن الدولة العبرية، ومنذ نشوئها، تواصل وضع الخــطط للبناء في محيط الحرم القدسي، مشيراً إلى أنّ «محصلة ما ستــبنيه وفق المعطيات المتوافرة حتى الآن يبلغ مئة كنيس، منــها ما هو مبــني ، ومنها ما هو قيد الإنشــاء، ومنها ما سيـتم إنــشاؤه خــلال الفترة المقبلة».
ولفت صلاح، خلال مؤتمر صحافي عقده في القدس، إلى أن ما تريده إسرائيل هو تحويل منطقة المسجد الأقصى إلى «نقطة في منتصف دائرة، محيطها كنس يهودية، ونقاط أمنية، وبؤر استيطانية، حتى يتسنى فرض إجراءات أمنية تحول دون وصول الفلسطينيين إلى المسجد، وتمهد لتحويله إلى نقطة أمنية معقدة، وهذا كله يسبق عملية إزالته لبناء الهيكل على أنقاضه».
وأشار إلى أن الحفريات الإسرائيلية في أسفل المسجد، والمباني التي تقام في محيطه، وكل ما يجري من إجراءات تمهد لعملية هدمه وبناء الهيكل، موضحاً أنّ المخطط يشمل أيضا إقامة «أطول كنيس يهودي في العالم، مباشرة فوق المدرسة التنكزية الملاصقة للمسجد الأقصى».
وأضاف «يبدو أننا دخلنا مرحلة جديدة، فالعلنية هي السمة التي ترافق أعمال إسرائيل في محيط الأقصى، والسرية أصبحت من الماضي، وما هو إلا وقت قليل حتى يصبح الأقصى مجرد ذكرى إلا إذا تدخل المسلمون والعرب».
وفي السياق، أكد خبير الاستيطان ومدير «مركز الخرائط للدراسات العربية» في القدس خليل التفكجي أن إسرائيل تقفز إلى مفهوم القدس الكبرى لتطبيقه والذي يعادل 10 في المئة من مساحة الضفة الغربية. وأوضح أن الاحتلال يسعى لثلاثة أهداف رئيسية، أولها إحداث تغيير جذري في المعطيات الديموغرافية، والثاني فصل شمالي الضفة الغربية عن جنوبها، والثالث عدم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
وأوضح أن الكتلة الاستيطانية التي تتشكل من مستوطنتي «كيدار» و»معاليه أدوميم» والمستوطنات الواقعة شمالها وشرقها، تصل مساحتها إلى 191 كيلومتراً مربعا، وهو ما يعني أن إسرائيل لا ترغب بأي شكل من الأشكال في أن تقام دولة فلسطينية عاصمتها القدس وذات تواصل جغرافي بين الشمال والجنوب، «لأن هذه الكتلة ستقطع التواصل الجغرافي».
وأشار التفكجي إلى أن التوسع الاستيطاني لم يتوقف كذلك في كل مستوطنات الضفة الغربية، حيث أقيمت بؤر استيطانية وشوارع جديدة، لافتاً إلى أنّ «إسرائيل تنوي بناء 73 ألف وحدة سكنية ستقام خلال السنوات الخمس المقبلة من أجل وضع مليون إسرائيلي داخل القدس وداخل الضفة».
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018