ارشيف من :أخبار لبنانية

"الاخبار" : الجميّل يتصل بالسيد والحلفاء يهاجمونه

"الاخبار" : الجميّل يتصل بالسيد والحلفاء يهاجمونه

المحرر المحلي + صحيفة "الاخبار"

مثّلت أمس قضية إطلاق الضباط الأربعة مادةً مهمة للمواقف السياسية، واختلفت مواقف القوى بين طرفين: الأول يشدّد على استقلالية المحكمة الدولية، فيما يشير الثاني إلى تسييس القضاء اللبناني. وما بين الطرفين، أعرب الرئيس ميشال سليمان عن ارتياحه لصدور قرار الإفراج عن الضباط، لافتاً إلى أنّ الأمر «يعبّر عن انطلاق سير المحكمة بطريقة صحيحة وشفافة». ومن لندن أكد سليمان أنّ جميع اللبنانيين «مجمعون وموافقون على قرارات المحكمة».

الأمر اللافت كان اتصال الرئيس أمين الجميّل باللواء جميل السيّد مهنّئاً بإطلاق سراحه، فيما كانت مواقف حلفاء الجميّل أكثر من تصعيدية تجاه الضباط الأربعة و«النظام الأمني اللبناني ـــــ السوري المشترك».

في الإطار ذاته، قال الرئيس عمر كرامي: «نحن لم نتحدث عن تسييس القضاء، لأننا لا نستطيع جمع كل القضاء اللبناني، فما زال هناك خير وبركة في بعض القضاء اللبناني، والبعض الآخر لا بد أن يأتي حسابه». وأكد أنّ إطلاق الضباط «لم يكن مفاجئاً لنا، لأننا كنّا على معرفة تامة من محامي الضباط بأن الملف ليس فيه أي قرينة أو دليل على تورطهم». أضاف: «مع الأسف، إنها صفعة للقضاء اللبناني ووصمة عار في سجله، ونأمل من المحكمة الدولية أن تستمر في هذا المنهج».

ورأى الرئيس نجيب ميقاتي أن «قرار قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية الإفراج عن الضباط الأربعة هو علامة جيدة مع انطلاقة عمل المحكمة ودليل على توجه القيّمين عليها إلى التعاطي من خلال الوقائع الحسية بعيداً من التأثيرات السياسية بهدف كشف الحقيقة». ورأى أنّ من المؤكد أنّ القرار ترك ارتدادات سلبية على المؤسسة القضائية اللبنانية. وتابع: «نحزن لما تعرض له القضاء من اتهامات وانتقادات، ما يدعوني إلى مناشدة السلطة القضائية أن تبادر إلى إطلاق حركة داخلية في الجسم القضائي لتصحيح الخلل المشكوّ منه ومعالجة الثُّغَر الحاصلة».
وقال النائب فريد حبيب: «بدا الخارج من سجنه جميل السيد فاقداً لأدنى مقومات الهدوء النفسي والمعنوي، بعدما كان يظن أن لا عدالة في السماء وعلى الأرض سوى ما يشبه عدالته، التي طالت بجورها وظلمها الأبرياء من الناس والمقاومين للاحتلال السوري ولحكم الوصاية». تابع حبيب هجومه على السيّد مشيراً إلى أنّه «لا عجب في أن يكون قد غاب عن نهج السيد القمعي وفكره الدموي الحاقد، التفرقة بين ما هو صحيح ولا يصح إلا هو، والخطأ الذي لا يمكن إلا أن يبقى خطأً مهما حاول السيد بأساليبه البوليسية تجميله وتشويه الحقائق وتحويلها إلى مادة يدين بها الأحرار والشرفاء من الناس والمواطنين». وختم داعياً السيّد إلى «وقفة ضمير مع الذات قد تساعده في اكتشاف ما اقترفت يداه بحق لبنان واللبنانيين لأكثر من عقد من الزمن».

ورأى النائب محمد كبارة «أن مسارعة حزب الله إلى احتضان الضباط الأربعة، ومحاولة استثمار إطلاقهم، ما هي إلا محاولة مكشوفة من هذا الحزب لخلق ضجة إعلامية تهدف إلى التغطية على فضيحة تورطه في مصر، والإساءة الى القضاء اللبناني». أضاف أنّ إطلاق الضباط واحتفالات حزب الله «تستحق منا تهنئة للمحكمة الدولية لأنها أثبتت أن كل ما قاله ضدها حزب الله وأعوانه في السنوات الأربع الماضية من تسييس مزعوم وإنحياز كان مجرد أكاذيب. ونحن نؤكد اليوم ترحيبنا والتزامنا بكل ما صدر وسيصدر من قرارات عن المحكمة الدولية». وشدد على أنّ انكشاف كذب الحزب بشأن تسييس المحكمة أدى إلى تصويب هذا الفريق سهامه على القضاء اللبناني.

وأكد الأمين العام للحزب الشيوعي، خالد حدادة، «أهمية إطلاق الضباط الأربعة، لأنها خطوة تؤكد استقلالية القضاء الدولي من جهة وأزمة القضاء اللبناني من جهة أخرى»، مشيراً إلى «خطورة التصريحات الأميركية المعلنة على الحدث وما تشير له من إمكان تسييس قرارات المحكمة في المرحلة المقبلة». ودعا حدادة «لإصلاح القضاء اللبناني وأهمية استقلاليته عن المؤسسات السياسية لكونها خطوة من خطوات العبور نحو الدولة الوطنية والديموقراطية العصرية».

من جهة أخرى، رأى رئيس تيار التوحيد اللبناني، الوزير الأسبق وئام وهاب، أن قضية الضباط الـ4 «استُعملت في جريمة اغتيال رفيق الحريري في سبيل تحقيق انقلاب سياسي على الخط القومي العربي اللبناني المتكامل مع الموقف السوري في قضايا المنطقة». وأشار إلى أنه في سبيل تحقيق هذا الانقلاب «جرت فبركة مجموعة من الاتهامات طالت هؤلاء الضباط الأربعة لتحقيق هذا الهدف الذي هو هدف ساقط بالنسبة إلى أخلاقيات العمل السياسي اللبناني».

وأكدت اللجنة التنفيذية لحزب الكتلة الوطنية اللبنانية أنّ إطلاق الضباط الأربعة «يبرهن أن المحكمة الدولية غير مسيسة على عكس ما كانت تقوله قوى 8 آذار، ولا عذر لديهم بعد الآن للمماطلة في توقيع مذكرة التفاهم مع المحكمة الدولية». وتمنّت اللجنة في بيان أصدرته بعد اجتماعها الأسبوعي أن «تحترم قوى 8 آذار كل القرارات القضائية، وأن لا تأخذ من القضاء ما يريحها وتهلّل عندما يكون الأمر لمصلحتها وتستعمله أداةً سياسية».

من جهة أخرى، أكدت الدولة الفرنسية أمس دعمها لعمل المحكمة الخاصة بلبنان واحترامها لاستقلالية هذه المؤسسة الدولية التي أطلقت مع إخلاء سبيل الضباط اللبنانيين الأربعة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إيريك شوفالييه، للصحافيين: «كما تعلمون، فإن موقف فرنسا من المحكمة الخاصة بلبنان ثابت: فرنسا تدعم عمل هذه المحكمة وتحترم استقلاليتها». أضاف أن «قرار طلب تخلية سبيل الضباط سيادي للمحكمة الخاصة بلبنان، اتخذ طبقاً لأنظمة وقواعد عمل المحكمة والقانون الدولي. من هنا، لا يعود لنا أن نعلّق عليه».


2009-05-01