ارشيف من :آراء وتحليلات

انفلونزا

انفلونزا
كتب محمد يونس

تجتهد غالبية الدول في هذه الأيام في مقاومة اجتياح عالمي لفيروس انفلونزا الخنازير الذي انطلق من المكسيك فالولايات المتحدة الأميركية، ثم نفذ انتشارا واسعا في معظم دول الغرب الغنية وسط مخاوف من أن ينتقل في هجومه الثاني لدول الجنوب، وهي الدول الفقيرة التي عادة ما تدفع أثمان ارتكابات وأخطاء دول الشمال.

وفيما انشغل الناس بكيفية مكافحة هذا الفيروس الذي وصل إلى عتبات الوباء العالمي، برز وبشكل قوي غياب أسباب أو مصادر انتشار هذا المرض، خاصة بعدما تحدثت بعض المعلومات عن أن مصدر الفيروس هو أحد مختبرات الحرب البيولوجية الأميركية، لكن سرعان ما تم طمس هذه المعلومات لمصلحة تكثيف أخبار انتشاره وأعداد ضحاياه التي ترتفع كل لحظة.

فالفيروس المحكي عنه يقال انه قام بعملية تحويل جيني، وإنه تمكن من أن يصيب البشر، ما أكسبه هذه القدرة على المقاومة والانتشار الأمر الذي دفع بمنظمة الصحة العالمية إلى وضعه على درجة الخطر رقم خمسة، وهي الدرجة ما قبل اعتباره وباءً عالمي النطاق.

وللمصادفة ذكرت وسائل الإعلام أن انتشار المرض في المكسيك تزامن مع زيارة قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما في طريقه إلى قمة الأميركتين، وتحدثت المعلومات أن الفيروس ظهر في أروقة البيت الأبيض مع حرص المسؤولين هناك على تأكيد عدم إصابة الرئيس بهذا الفيروس.

قد يقودنا هذا الحديث الى استنتاجات خطيرة من قبيل النظريات التي تتحدث عن أن أوباما هو غورباتشيف الولايات المتحدة، وهو آخر رئيس لهذه الولايات الموحدة كما نعرفها الآن، ولكن أيا تكن الأسباب والنتائج الواضح أن هناك من يحرص بين الحين والآخر على نشر فيروس يشغل به العالم ويصيب من خلاله موردا اقتصاديا عالميا ويقضي على مقوماته، وكلنا يستذكر الجمرة الخبيثة، وجنون البقر وانفلونزا الطيور، وما أسفرت عنه هذه الأمراض من القضاء على ثروات حيوانية مهمة، والواضح أيضا أن منشأ هذه الفيروسات غالبا ما يكون في الدول المتطورة حيث تبدأ التحذيرات من امكانية انتقالها إلى الدول الفقيرة التي تهرع بعادتها إلى توسل المساعدة من هذه الدول التي خبرت المرض وخبرت مكافحته.

وهذه الانفلونزا الخنزيرية لن تكون على غير سابقاتها إذ لن يعرف العالم كيف تم القضاء عليها وتجاوز محنتها كما لم يعرف كيفية تجاوز محنات أسلافها.
الانتقاد/ العدد 1344 ـ 2 أيار/ مايو 2009
2009-05-02