ارشيف من :آراء وتحليلات
فريق الموالاة محاصر بالنكسات والخارج عينه على ما بعد الانتخابات

كتب مصطفى الحاج علي
توزع الاهتمام الداخلي على ثلاثة محاور رئيسية: المحور الأول ويتمثل بملف الضباط الأربعة الذين ترجح مصادر قانونية احتمال إخلاء سبيلهم منتصف هذا الأسبوع، والمحور الثاني، يتمثل بعملية استكمال الموالاة والمعارضة تظهير اللوائح الانتخابية المتبقية، وما يرافق ذلك من مواقف وتحركات تكشف عن حقيقة الوضع السياسي لكل فريق، والمحور الثالث، يتمثل بعودة الاهتمام الفرنسي والأميركي والسعودي بلبنان في هذا التوقيت الانتخابي بالذات.
ثلاثة محاور تبدو للوهلة الأولى متوازية، إلا أنها في العمق متقاطعة ومتلاقية على الأقل في مؤداها النهائي.
ـ ملف الضباط الأربعة:
بعيداً عن الحيثيات القانونية لهذا الملف، فإن ما يهمنا هنا، هو الأبعاد والتداعيات السياسية التي يمكن أن تترتب على عملية إخلاء سبيلهم بعد حجز طال لمدة ثلاث سنوات ونيف من دون أي وجه قانوني.
من نافل القول، إن اعتقال هؤلاء الضباط جرى على إثر شهادة زور مشهورة، ومدفوعة الثمن، وبتلقين مدروس من وزير مشهور في فريق الرابع عشر من آذار، قام بها محمد زهير الصدّيق، وشكلت عملية اعتقال الضباط، والإدانة بل والمحاكمة السياسية السريعة لهم من قبل فريق الرابع عشر من آذار، حجر الزاوية في مسعى هذا الفريق للحكم بالإعدام على مرحلة سياسية كاملة، وعلى توجيه الاتهام الى سوريا، بل وحتى الى المعارضة.
من هنا، فإن تبرئة هؤلاء الضباط، ستعني في ما تعنيه التالي:
أولاً: فتح ملف الشهود الزور على مداه وبكل أبعاده، أي عدم الاكتفاء بمن شهد، وإنما بمن صنع وموّل في الغرف السوداء، وأيضاً بمن روّج وشهد إعلامياً وسياسياً.
ثانياً: فتح ملف القضاء المسيس الذي أساء لجهاز القضاء اللبناني ولمهنة القضاء نفسها.
ثالثاً: توجيه ضربة مركزية لحجر الزاوية في قضية هامة وحساسة تهم كل اللبنانيين، لأنها أساءت الى قضية أسمى هي قضية الحق والعدالة.
رابعاً: محاكمة بمفعول رجعي لفريق الرابع عشر من آذار وكل حقبته السياسية ولا سيما أن هذا الفريق فقد مصداقيته وصدقيته أمام ناسه قبل غيرهم.
في الخلاصة، لا شك، أن التبرئة تشكل نكسة سياسية مهمة لفريق الرابع عشر من آذار، ستكون لها تردداتها على وضعه المهزوز انتخابياً.
ـ تظهير اللوائح:
يعاني فريق الرابع عشر من آذار من تصدعات انتخابية تضاف الى مأزقه السياسي البنيوي، أما أبرز مظاهر هذه التصدعات فتتمثل بـ:
أولاً: تراخي قبضة الحريري شمالاً، وتمثل ذلك في عجزه عن اتخاذ قرارات ملزمة لأقرب المحسوبين عليه في المنية مع النائب هاشم علم الدين الذي رد على عملية استبعاده بما يشبه الانتفاضة، وما حدث مع النائب مصباح الأحدب الذي علّق على تفضيل الحريري للأستاذ أحمد كرامي عليه قائلاً: "لقد فضّل رئيس اللائحة من كان يسميهم القتلة والمجرمين على حساب من وقفوا معه في السراء والضراء على مدى أربع سنوات"، هذا الى جانب ردود فعل عرب وادي خالد، والعلويين، التي لم تنته فصولاً بعد.
ثانياً: اضطرار الحريري الى تشكيل لائحة ائتلافية مع كل من الوزير الصفدي والرئيس ميقاتي، في حين خاض انتخابات عام 2005 منفرداً.
ثالثاً: استمرار الخلاف مع القوات اللبنانية على مقعد الأرمن في دائرة بيروت الأولى، والذي سيكون له تداعياته أيضاً، خصوصاً على الناخب الأرمني.
رابعاً: استمرار التجاذب في المتن وزحلة بفعل الخلاف على الأسماء، وبفعل التزاحم وكثرة المرشحين.
خامساً: تغريد النائب وليد جنبلاط تغريداً مزعجاً ومسيئاً الى حلفائه متجاوراً منطق التكتيك الانتخابي والمسايرة مع الآخرين، ليبدو متجهاً الى تموضع جديد يعقب استحقاق السابع من حزيران على حد تعبير مجلة المسيرة الخاصة بتنظيم القوات اللبنانية.
وبمعزل عن الموضع الجديد الذي سيختاره جنبلاط، فهو بالتأكيد لن يكون مع الرابع عشر من آذار، كما لا أحد يتوقع أنه سيعيده الى موقعه الطبيعي في الثامن من آذار، فإن فريق الرابع عشر من آذار، لن يكون هو هو عقب السابع من حزيران.
سادساً: ارتفاع الشكوى داخل مسيحيي فريق الرابع عشر من آذار من تحكم تيار الحريري، ولمرحلة استخدام الكتل المستقلة أو الوسطية لهذه الذريعة في تصديهم الانتخابي لهذا الفريق من المسيحيين.
سابعاً: الظهور الى العلن، ومنذ الآن، أن هناك مساعٍي داخل مسيحيي 14 آذار لتشكيل تكتل مسيحي موحد يلعب دور المرجعية الواحدة، وليس في وجه عون فحسب، وإنما في وجه تيار المستقبل أيضاً.
ـ الحراك الدولي ـ العربي تجاه لبنان:
الأول: الدخول على خط الإدارة السياسية للانتخابات لفريق الرابع عشر من آذار التي بدا واضحاً أنها تعاني من إخفاقات وعثرات ومشاكل كبيرة على أكثر من صعيد، وهنا جاء التدخل السعودي تحديداً.
الثاني: الدخول على خط الإعداد للانتخابات تقنياً وأمنياً، والتأكد من أن لبنان في جهوزية تامة لإنجاز الاستحقاق الانتخابي بهدوء.
الثالث: تبين معالم المرحلة الانتخابية والسياسية لما بعد السابع من حزيران، وهنا، يحاول الفريق الأميركي ـ الأوروبي تكبير التحديات والأسئلة أمام المعارضة في حال شكلت هي الأكثرية، سواء لتخويف المعارضة، أم الناخبين، أم لاستدراج المعارضة الى اتفاقات مسبقة حول هذه المرحلة.
خلاصة:
من الواضح أن لبنان يعيش مخاضين متلازمين: مخاض انتخابي، ومخاض سياسي، وكل منهما له تأثيره في الآخر، وإن كان لا أحد يتوقع تغيرات دراماتيكية.
الانتقاد/ العدد 1344 ـ 2 أيار/ مايو 2009
توزع الاهتمام الداخلي على ثلاثة محاور رئيسية: المحور الأول ويتمثل بملف الضباط الأربعة الذين ترجح مصادر قانونية احتمال إخلاء سبيلهم منتصف هذا الأسبوع، والمحور الثاني، يتمثل بعملية استكمال الموالاة والمعارضة تظهير اللوائح الانتخابية المتبقية، وما يرافق ذلك من مواقف وتحركات تكشف عن حقيقة الوضع السياسي لكل فريق، والمحور الثالث، يتمثل بعودة الاهتمام الفرنسي والأميركي والسعودي بلبنان في هذا التوقيت الانتخابي بالذات.
ثلاثة محاور تبدو للوهلة الأولى متوازية، إلا أنها في العمق متقاطعة ومتلاقية على الأقل في مؤداها النهائي.
ـ ملف الضباط الأربعة:
بعيداً عن الحيثيات القانونية لهذا الملف، فإن ما يهمنا هنا، هو الأبعاد والتداعيات السياسية التي يمكن أن تترتب على عملية إخلاء سبيلهم بعد حجز طال لمدة ثلاث سنوات ونيف من دون أي وجه قانوني.
من نافل القول، إن اعتقال هؤلاء الضباط جرى على إثر شهادة زور مشهورة، ومدفوعة الثمن، وبتلقين مدروس من وزير مشهور في فريق الرابع عشر من آذار، قام بها محمد زهير الصدّيق، وشكلت عملية اعتقال الضباط، والإدانة بل والمحاكمة السياسية السريعة لهم من قبل فريق الرابع عشر من آذار، حجر الزاوية في مسعى هذا الفريق للحكم بالإعدام على مرحلة سياسية كاملة، وعلى توجيه الاتهام الى سوريا، بل وحتى الى المعارضة.
من هنا، فإن تبرئة هؤلاء الضباط، ستعني في ما تعنيه التالي:
أولاً: فتح ملف الشهود الزور على مداه وبكل أبعاده، أي عدم الاكتفاء بمن شهد، وإنما بمن صنع وموّل في الغرف السوداء، وأيضاً بمن روّج وشهد إعلامياً وسياسياً.
ثانياً: فتح ملف القضاء المسيس الذي أساء لجهاز القضاء اللبناني ولمهنة القضاء نفسها.
ثالثاً: توجيه ضربة مركزية لحجر الزاوية في قضية هامة وحساسة تهم كل اللبنانيين، لأنها أساءت الى قضية أسمى هي قضية الحق والعدالة.
رابعاً: محاكمة بمفعول رجعي لفريق الرابع عشر من آذار وكل حقبته السياسية ولا سيما أن هذا الفريق فقد مصداقيته وصدقيته أمام ناسه قبل غيرهم.
في الخلاصة، لا شك، أن التبرئة تشكل نكسة سياسية مهمة لفريق الرابع عشر من آذار، ستكون لها تردداتها على وضعه المهزوز انتخابياً.
ـ تظهير اللوائح:
يعاني فريق الرابع عشر من آذار من تصدعات انتخابية تضاف الى مأزقه السياسي البنيوي، أما أبرز مظاهر هذه التصدعات فتتمثل بـ:
أولاً: تراخي قبضة الحريري شمالاً، وتمثل ذلك في عجزه عن اتخاذ قرارات ملزمة لأقرب المحسوبين عليه في المنية مع النائب هاشم علم الدين الذي رد على عملية استبعاده بما يشبه الانتفاضة، وما حدث مع النائب مصباح الأحدب الذي علّق على تفضيل الحريري للأستاذ أحمد كرامي عليه قائلاً: "لقد فضّل رئيس اللائحة من كان يسميهم القتلة والمجرمين على حساب من وقفوا معه في السراء والضراء على مدى أربع سنوات"، هذا الى جانب ردود فعل عرب وادي خالد، والعلويين، التي لم تنته فصولاً بعد.
ثانياً: اضطرار الحريري الى تشكيل لائحة ائتلافية مع كل من الوزير الصفدي والرئيس ميقاتي، في حين خاض انتخابات عام 2005 منفرداً.
ثالثاً: استمرار الخلاف مع القوات اللبنانية على مقعد الأرمن في دائرة بيروت الأولى، والذي سيكون له تداعياته أيضاً، خصوصاً على الناخب الأرمني.
رابعاً: استمرار التجاذب في المتن وزحلة بفعل الخلاف على الأسماء، وبفعل التزاحم وكثرة المرشحين.
خامساً: تغريد النائب وليد جنبلاط تغريداً مزعجاً ومسيئاً الى حلفائه متجاوراً منطق التكتيك الانتخابي والمسايرة مع الآخرين، ليبدو متجهاً الى تموضع جديد يعقب استحقاق السابع من حزيران على حد تعبير مجلة المسيرة الخاصة بتنظيم القوات اللبنانية.
وبمعزل عن الموضع الجديد الذي سيختاره جنبلاط، فهو بالتأكيد لن يكون مع الرابع عشر من آذار، كما لا أحد يتوقع أنه سيعيده الى موقعه الطبيعي في الثامن من آذار، فإن فريق الرابع عشر من آذار، لن يكون هو هو عقب السابع من حزيران.
سادساً: ارتفاع الشكوى داخل مسيحيي فريق الرابع عشر من آذار من تحكم تيار الحريري، ولمرحلة استخدام الكتل المستقلة أو الوسطية لهذه الذريعة في تصديهم الانتخابي لهذا الفريق من المسيحيين.
سابعاً: الظهور الى العلن، ومنذ الآن، أن هناك مساعٍي داخل مسيحيي 14 آذار لتشكيل تكتل مسيحي موحد يلعب دور المرجعية الواحدة، وليس في وجه عون فحسب، وإنما في وجه تيار المستقبل أيضاً.
ـ الحراك الدولي ـ العربي تجاه لبنان:
الأول: الدخول على خط الإدارة السياسية للانتخابات لفريق الرابع عشر من آذار التي بدا واضحاً أنها تعاني من إخفاقات وعثرات ومشاكل كبيرة على أكثر من صعيد، وهنا جاء التدخل السعودي تحديداً.
الثاني: الدخول على خط الإعداد للانتخابات تقنياً وأمنياً، والتأكد من أن لبنان في جهوزية تامة لإنجاز الاستحقاق الانتخابي بهدوء.
الثالث: تبين معالم المرحلة الانتخابية والسياسية لما بعد السابع من حزيران، وهنا، يحاول الفريق الأميركي ـ الأوروبي تكبير التحديات والأسئلة أمام المعارضة في حال شكلت هي الأكثرية، سواء لتخويف المعارضة، أم الناخبين، أم لاستدراج المعارضة الى اتفاقات مسبقة حول هذه المرحلة.
خلاصة:
من الواضح أن لبنان يعيش مخاضين متلازمين: مخاض انتخابي، ومخاض سياسي، وكل منهما له تأثيره في الآخر، وإن كان لا أحد يتوقع تغيرات دراماتيكية.
الانتقاد/ العدد 1344 ـ 2 أيار/ مايو 2009