ارشيف من :أخبار لبنانية

مجلس القضاء الأعلى: مستعدّون لتحمّل المسؤوليّة

مجلس القضاء الأعلى: مستعدّون لتحمّل المسؤوليّة
المحرر المحلي - صحيفة "الاخبار"

بعد اجتماع دام أكثر من 4 ساعات بحث خلاله تداعيات إطلاق الضباط الأربعة، خرج مجلس القضاء الأعلى ليصدر بياناً أعلن فيه وقوفه على الحياد، قائلاً إنه لا يتبنى أي وجهة نظر. وهو أقر بوجود خلل، مبدياً استعداده للمحاسبة، ومطالباً باستكمال التعيينات ووقف التدخلات السياسية.مجلس القضاء الأعلى: مستعدّون لتحمّل المسؤوليّة
 
أبدى مجلس القضاء الأعلى ارتياحه لإطلاق الضباط الأربعة، قبل أن يتحدث عن وجود اختلاف في المعايير المتبعة في لبنان وتلك التي تتبعها المحكمة الدولية.

وأكّد أحد أعضاء مجلس القضاء الأعلى لـ«الأخبار» أن المجلس سيتابع النظر في القضية المثارة منذ إطلاق الضباط الأربعة، وهو سيتخذ خطوات تتعلق بمحاسبة كل من يثبت إخلاله بواجباته. «فكما أننا، في كوننا مجتمعاً لبنانياً، رفضنا اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فإننا اليوم، في مجلس أعلى للقضاء، نرفض الظلم اللاحق بأي أحد، فكيف إذا كان مرتكب الظلم أحد من يفترض بهم رفع الظلم عن المواطنين».

ونفى القاضي الرفيع أن يكون ما سيتخذه مجلس القضاء الأعلى مرتبطاً بصدور مرسوم تعيين رئيس هيئة التفتيش القضائية وأعضائها، مؤكداً أن المجلس سيتابع اجتماعاته لدراسة ما ينبغي فعله لمعالجة القضايا المثارة، «وبياننا واضح: نحن مع
  اكد احد اعضاء مجلس القضاء الاعلى ل"الاخبار" ان المجلس سيتابع النظر في القضية المثارة منذ اطلاق الضباط وسيتخذ خطوات بمحاسبة كل من يثبت اخلاله بواجباته 
المحاسبة إلى النهاية». وبرر القاضي طول مدة الاجتماع بأن القضاة الستة الذين كانوا حاضرين أمس أبدوا رأيهم تفصيلياً في كل ما جرى إيراده في البيان، علماً بأن نقاشاً طويلاً سبق كتابة كل فقرة من فقرات البيان المذكور.

أحد وكلاء الدفاع عن اللواء جميل السيد رأى أن بيان مجلس القضاء الأعلى «متوازن، فهو اعترف بأن هناك خللاً وتدخلات سياسية. المجلس معني بالتدخلات السياسية. أما الخلل والحديث عن المحاسبة فهو ما يعنينا. وهذا الكلام بحاجة إلى خطوات عملية. ونحن بانتظار هذه الخطوات».

ولفتت بعض المصادر في المعارضة إلى أنها ستتريّث في الحكم على البيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلى، وستدرس الخيارات الموجودة أمامها بهدوء وتروّ. وأكّدت المصادر أن المعارضة ستعمل بكلّ إمكان لتنحية مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة صقر صقر عن مهامه في أسرع وقت ممكن.
 مصادر المعارضة : المعارضة ستعمل بكل امكان لتنحية مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية عن مهامه في اسرع وقت ممكن

وكان مجلس القضاء الأعلى قد عقد بدعوة من رئيسه، الرئيس الأول لمحكمة التمييز، القاضي غالب غانم اجتماعاً، حضره الأعضاء الممارسون، القضاة: نعمة لحود، ميشال طرزي، عبد اللطيف الحسيني، فريال دلول ومروان كركبي، وتغيّب النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا لوجوده خارج لبنان.

وبعد التداول في الشأن القضائي، ولا سيما بعد مواكبة ما تعلق بالقضاء من مواقف تلت صدور قرار إطلاق سراح الضباط الأربعة من قاضي الإجراءات التمهيدية لدى المحكمة الخاصة بلبنان، صدر بيان من تسع نقاط عن المجتمعين، شدّد على أن المجلس يمثّل سلطة مستقلة من سلطات الدولة الثلاث، ويؤكد «عزمه على الدفاع بلا كلَل عن هذا الاستقلال وما يتلازم معه من دور فاعل للقضاء، ومن حياد وكرامة ومناعة. وهو، لأجل ذلك، مصمم التصميم كله على تحصين القضاء في وجه كل هوى خاص لن يكون له إلا ارتداد سلبي على كيان الدولة وعمل القضاء وثقة المجتمع بمسار العدالة».

ورأى المجلس أنه لن يقبل بأن يمثّل القضاء مطية يُتوسَّل بها لتحقيق أيّ غرض خارج عن مهامه الأصلية. وأسف لكل تعرّض ينال الجسم القضائي اللبناني، ويرفضه، و«خصوصاً أن القضاة يبذلون كل جهد لإطلاق ورشة عمل متجددة فاعلة ومسؤولة تجلت بصورة واضحة إثر صدور التشكيلات القضائية الأخيرة. ويذكر أن العواصف التي هبّت على الوطن في العقود المنصرمة وزعزعت بعض مؤسساته لم تنل من صلابة القضاء ووحدته واستمراره في ممارسة مسؤولياته من دون تردد أو وجل». ودعا أهل السياسة إلى ترك القضاء يدير شؤونه بنفسه.
 مجلس القضاء الاعلى : لن نقبل بان يمثل القضاء مطية يتوسل بها لتحقيق اي غرض خارج عن مهامه


كذلك أبدى المجلس ارتياحه لقرار إطلاق سراح السادة الضباط الأربعة، الصادر عن قاضي الإجراءات التمهيدية لدى المحكمة الخاصة بلبنان، وتمنى أن تتابع العدالة الدولية مسارها السوي، وصولاً إلى الحلقة الأخيرة من حلقات إحقاق الحق.

ولفت المجلس، في بيانه، النظر إلى واقعة مآلها أن ثمة اختلافاً بين القواعد القانونية المطبقة في لبنان وتلك المحددة في الأصول الإجرائية العائدة إلى المحكمة الخاصة بلبنان، ما قد يكون من شأنه التأثير على المعايير المعتمدة وعلى القرارات المتخذة في هذا المضمار. لكنه أكّد استعداده لتحمّل المسؤولية في مواجهة أي خلل في الممارسات القضائيّة، و«لإعمال قواعد المحاسبة التي يمكن أن تطال أي قاض مخلٍّ بمناسبة النظر في أي قضية من القضايا، ولمتابعة الأمور المطروحة حتى نهايتها بوجه أي قاضٍ معني، وذلك في إطار أحكام الدستور ومبادئ حقوق الإنسان والقوانين المرعية والمؤسسات القضائيّة القائمة».
ورأى المجلس أنه آن الأوان لاستكمال تكوين هيئة التفتيش القضائي، بدءاً بتعيين رئيس لها، ويطلب بإلحاح إلى السلطات المعنيّة المبادرة إلى سدّ هذه الثغرة من دون أي تأخير نظراً للمهام الجسام الملقاة على عاتق هيئة التفتيش، ولما في ذلك من تفعيل لقواعد المراقبة والمحاسبة، ولتعزيز مبدأ حسن سير العدالة.
ورحب المجلس بأي طرح جدي وإيجابي وعلمي يهدف إلى إعادة النظر في بعض أسس النظام القضائي، في سبيل تحصين السلطة القضائية وبهدف مواكبة التوجهات الإصلاحية التي أثبتت جدواها ونجاحها في بعض الدول الديموقراطية المتقدمة. وهو ينوي، لأجل ذلك «تحريك المشاريع المعدة والتقدم بالاقتراحات المناسبة إلى السلطات المختصة تلبية لهذا المطلب».
 مجلس القضاء الاعلى اكد استعداده لتحمل المسؤولية في مواجهة اي خلل في الممارسات القضائية


وطالب القضاة بأن يتلقوا ما يُثار حول القضاء ودوره، «بحكمة القاضي وبما تنشأ عليه من قيم وبما لديه من مناقبية ووعي وحس بالتوازن وحرص على شيوع العدالة والسلام الاجتماعي، وبروح المسؤوليّة العليا التي تدعوه إلى الاستمرار في ممارسة النقد الذاتي، من دون أن ينال ذلك، في أي حال، من مسلمات الكرامة والمهابة والحصانة».

ودعا الإعلام إلى النظر إلى القضاء بعيداً عن أي تصوّر يعدّ القضاء منغمساً في السياسة وشعابها، «لأنه بالفعل تصوّر في غير محله». وأكّد أنه «لا لون للقضاء إلا اللون القضائي الذي يأبى كل اصطفاف أو سجال يعزز موقعاً على موقع آخر». وختم بيانه بالإشارة إلى أنه سيعقد اجتماعات استثنائية لاحقة لمتابعة البحث في الشؤون المطروحة.

بدوره، أكّد الرئيس إميل لحود «أنه لا يزال على ثقته بالقضاء اللبناني»، مذكراً «بأنه المسؤول الأوحد الذي أبدى ملاحظات على المحكمة ذات الطابع الدولي، ولا سيما لجهة الالتفاف على صلاحيات رئاسة الجمهورية في الذود عن السيادة الوطنية التي يؤلف القضاء اللبناني جزءاً لا يتجزأ منها. إلا أنه في الوقت نفسه، ومن باب هذا الحرص، يهيب بمجلس القضاء الأعلى أن يتخذ ما يراه مناسباً من إجراءات لتحصين القضاء ضد السياسة تدخلاً أو استجداءً، ذلك أن أخطر ما يمكن أن يصيب القضاء هو اهتزاز ثقة المواطنين به».
2009-05-06