ارشيف من :أخبار لبنانية

"تشرين": المحكمة الدولية انتهت كأداة بيد أميركا تواجه بها سوريا

"تشرين": المحكمة الدولية انتهت كأداة بيد أميركا تواجه بها سوريا

المحرر المحلي + وكالات


لفتت صحيفة "تشرين" في عددها اليوم، الى أنه بعد خروج الضباط الأربعة من سجنهم انطلقت جملة رؤى توضح، أو تستوضح، الرابط بين خروج هؤلاء الضباط بهذه الصيغة الدولية وبين جملة متحولات إقليمية، حيث حاول البعض أن يركب مجموعة من السيناريوهات التي تعتبر أن هذا الحدث السياسي الهام له علاقة أو رابطة مع جملة تلك المتحولات، خاصة على مستوى فضّ الاشتباك الأمريكي- السوري على أكثر من مفصل من مفاصل وملفات المنطقة، وذهب بعض هؤلاء، بحسب الصحيفة، إلى التلويح بأن هناك اتفاقاً أمريكياً-سورياً قادماً، أساسه أن تصفّى جملة ملفات إقليمية وينتهي الاشتباك فيها ويتراجع الدور السوري وينكمش لجهة داخله السياسي، ويكف عن تلك الاستطالات التي أتعبت لا بل أرهقت الأميركي على مستوى المنطقة، مع تمرير صفقة ما لها علاقة بحق وطني سوري لا تكون عودة الجولان بعيدة عنه، من خلال اتفاق تسوية مع إسرائيل تضمنها أوروبا والإدارة الأمريكية الجديدة.

ورأت أن الذين تبنوا مثل هذا التصوّر ليس بمقدورهم أن يقرؤوا استراتيجياً، وليس بمقدورهم أن يتصوّروا أن قوة عظمى بحجم الولايات المتحدة يمكن لها أن تُهزم، لافتة الى أن أولئك الذين يقدمون هذه القراءات هم أنفسهم الذين مهّدوا لمشروع الهزيمة، وهم أنفسهم الذين صدّروا أدبيات جديدة أساسها التشكيك بقدرة قوى الممانعة والمقاومة على النصر، دون أن يتمكنوا من قراءة جملة تلك التحولات التي حكمت مشهد المنطقة والعالم، بالشكل الصحيح، لكونهم ما زالوا يظنون أن الأميركي الذي جعل من 11 أيلول محطة متقدمة ومنصة هامة لتسخين آلة حربه والبناء عليها في سبيل إيجاد ذرائع تمكنه من الوصول إلى مفاصل دولية وإقليمية، كان يعدّ لغزوها واحتلالها، يظنون أنه لم يزل فيها ولم يزل يحافظ عليها، وهم لم يدركوا بعد أن الأدوات التي كان يبحث عنها قبل وبعد 11 أيلول من أجل أن تكون رافعة استراتيجيته، إقليمياً ودولياً، تجاوزها واستغنى عنها، حيث إن قدرته على الاحتفاظ بها أصبحت مكلفة جداً، الأمر الذي جعله يبحث عن أدوات جديدة مختلفة عنها تماماً.

وبحسب الصحيفة، فقد ساهم ملف اعتقال الضباط بإنجاز مشهد إقليمي منح مساحة سياسية واسعة تفيد بالربط بين هذا الملف وبين نظام مشترك سوري-لبناني كان يدير الواقع اللبناني قبل خروج القوات السورية من لبنان، وهو المعنى الذي سوف يؤدي أخيراً إلى اعتبار أن سوريا متورطة باغتيال رفيق الحريري، الأمر الذي يحتّم على السوري الدخول في نفق مفاوضات على سلامته، ما يمهّد لجملة إملاءات أميركية يضمن الأميركي من خلالها تمرير مشروعه الإقليمي، أو يمكن أن يتم الاشتغال على استصدار قرار دولي يؤسس لمواجهة مع سوريا يفضي إلى إنهاء دورها إقليمياً وعربياً.

ولاحظت أن هذا السيناريو كان معدّاً خلال حقبة زمنية مختلفة، لم يعد بمقدور الإدارة الأميركية أن تمرره الآن بذات الصيغة وذات المفردات، ومن جهة أخرى كنا نرى أن المساحة التي أعطيت لتمرير هذا السيناريو حكمتها جملة حيثيات ولّدت مجموعة من المعطيات التي لم تكن في مصلحة الأميركي، مشيرة الى أن جملة نتائجه على الأرض، أدت أخيراً إلى خلخلة وتذرير التصوّر الذي قامت عليه ومن أجله المحكمة الدولية ومن قبلها لجنة التحقيق الدولية.
وأضافت: "من هنا كان لا بد من أن تذهب المحكمة الدولية بعيداً عن الهدف الرئيس الذي أعدت وقامت من أجله، فهي لم تقم من أجل البحث عن قتلة رفيق الحريري، بمقدار ما أعدت من أجل أن تكون أداة ضاغطة وفاعلة تمنح المشروعية لفعل ما يمكن للإدارة الأميركية أن تقوم به في وجه القوى التي وقفت ضد تمرير، أو مرور مشروعها في المنطقة، وبالتالي فإن إطلاق سراح هؤلاء الضباط جاء كي يعبر حقيقة عن أن الهدف الذي أقيمت من أجله المحكمة قد حُيّد، نقول حُيّد، ولا نقول تم تجاوزه، لأن هناك بحثاً هاماً ومسعوراً عن أدوات يمكنها أن تفيد الإدارة الأميركية في تمرير استراتيجيتها على مستوى المنطقة، ولا يستبعد أن تكون المحكمة إحدى الأدوات التي يمكن أن تدخل في سبات مؤجل إلى حين".

وختمت القول: "إنه لم يكن بمقدور الأميركي أن يقيم صفقة مع السوريين أو غيرهم على هذا الأساس، وإنما تجاوز الأداة التي اعتبرها رئيسية خلال المواجهة الماضية، لكون المواجهة لم تنته وإنما المحكمة هي التي انتهت، انتهت كأداة يمكن أن تكون فاعلة في تلك المواجهة، لكنها سوف تبقى قائمة من أجل أن يُملأ الفراغ القضائي الذي يمكن أن ينشأ بغياب المحكمة كلياً، وهي سوف تبقى كذلك من أجل تحييد الإسرائيلي وجعله بعيداً عن احتمال إقحامه في عملية اغتيال الحريري.‏

2009-05-07