ارشيف من :أخبار لبنانية

الكباش يتجاوز المقاعد الوزارية الى تعيينات الفئة الأولى

الكباش يتجاوز المقاعد الوزارية الى تعيينات الفئة الأولى
كتب هلال السلمان

لم تحمل الأيام والساعات الأخيرة اي اختراق نوعي يخرج البلاد من مأزق المراوحة في تشكيل الحكومة الى انفراج التشكيل، وبدا واضحا للمراقبين ان التأخير الحاصل في انجاز التشكيلة الحكومية الجديدة هو تأخير متعمد ومقصود من قبل فريق الموالاة، الذي يسعى الى الحفاظ على "امتيازات في السلطة" كان قبض عليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
ولم يستوعب هذا الفريق بعد على ما يبدو أن "الشراكة الحقيقية في الحكم"  التي أرساها اتفاق الدوحة تفرض عليه النزول عن "شجرة الاستئثار والتفرد والنكايات والارتماء في حضن المشروع الأميركي"، إلى واقع لبنان الجديد الذي أرسته انتفاضة السابع من أيار، والذي يفرض التأقلم مع مرحلة تأسيسية جديدة في البلاد تقوم على أساس الشراكة الحقيقية في الحكم والمؤسسات، وأن تتشارك جميع فئات الشعب في صياغة النظام السياسي لهذا البلد.
وعلى هذا الأساس لم يعد ـ بحسب الأوساط المتابعة ـ مسموحا لهذا الفريق بأن يستأثر بالوزارات الأساس ورمي الفتات للمعارضة.. كذلك لم يعد باستطاعته استخدام الأجهزة الأمنية على اختلافها لخدمة مشروعه السياسي في مواجهة معارضيه. وعليه بات واضحا ان جزءاً من الكباش الحاصل يتعدى الخلاف على الحقائب الوزارية للحكومة التي لم تولد بعد، الى رسم صورة جديدة للتعيينات الإدارية في الفئة الأولى، ومن بينها تشكيلات الأجهزة الأمنية.
وفي هذا الإطار يأتي استحقاق تعيين قائد جديد للجيش، وهنا تشدد المعارضة على أن يكون المرشح لهذا المنصب، يحمل صفات وطنية تحمي المؤسسة العسكرية وتبقيها مؤسسة جامعة مهمتها حفظ أمن جميع اللبنانيين، وتبقي عقيدتها موجهة ضد الكيان الصهيوني، ومنيعة تجاه ما يخطط لها من قبل الأميركيين الذين يحلمون بتحويل هذه المؤسسة الوطنية الى أداة في مواجهة مشروع المقاومة.
كذلك هناك المآخذ الكبيرة على فرع المعلومات الذي استخدم رأسَ حربة من قبل فريق السلطة في وجه المعارضة خلال السنوات الثلاث الماضية، والمطلوب في المرحلة المقبلة إعادة هذا الجهاز الى "وضعه الصحيح وحجمه الحقيقي"، وعدم إبقائه أداة بيد ميليشيا المستقبل كما هو حاصل حتى الآن.
وفي ما خص تشكيل الحكومة واصلت المرجعيات السياسية للمعارضة إرسال رسائل التحذير من مغبة الإبطاء في تشكيل الحكومة الجديدة، لأن الأوضاع السائدة في البلاد لا تحتمل مغامرات إضافية ولعباً بمصير البلد. وفي هذا السياق بعثت مصادر عين التينة بإنذار سياسي لرئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة، مفادها أن الأمور لم تعد تحتمل التأخير في تشكيل الحكومة.. مشيرة إلى أن المطلوب ليس فتح باب أمام المشاكل، إنما عدم ترك الأمور على غاربها دون التوصل إلى تأليف حكومة وحدة وطنية بأسرع وقت ممكن.
وأكدت المصادر أن ما يقال عن أن الرئيس فؤاد السنيورة قد أعدّ تشكيلة وقدمها الى المعارضة وهو ينتظر الجواب عنها، هو كلام غير دقيق، فما حصل بالنسبة الى هذا الموضوع لا يعدو كونه تشاوراً وتبادل آراء حول مقترحات ليست مرتكزة على أي أساس. واستغربت مصادر عين التينة كيف أنه لا توجد أي حركة جدية من الرئيس المكلف للوصول إلى توليد الحكومة.
واعتبرت المصادر أن وزراء الدولة يُفترض أن يوزعوا على المذاهب، بحيث يحصل كل مذهب على وزارة دولة، لا أن يُعطى فريق وزارة دولة أو وزارتي دولة وأكثر، بينما لا يعطى آخرون، فهذا الكرم غير طبيعي.
في كل الأحوال فمصادر المعارضة تؤكد انه مهما مارس فريق السلطة من "ألاعيب" أمنية أو سياسية، فلا مناص أمامه من الركون إلى المعادلة السياسية الجديدة في البلاد. وهو إذا لم يكن قد استطاع هضم حجم الخسائر التي مُني بها حتى الآن، فإنه سيكون مجبراً في المستقبل على تلقي خسائر إضافية.
وهنا تشبه بعض المصادر حال فريق السلطة في لبنان بحال الجندي الياباني الذي كان مشاركا في الحرب العالمية الثانية وبقي تائها في الغابة مدة أربعين سنة، حاملاً سلاحه متوهما أن الحرب مستمرة، دون أن يعلم أن الحرب قد انتهت منذ زمن طويل.

الانتقاد/ العدد1272 ـ 13 حزيران/ يونيو 2008
2008-06-12