ارشيف من :أخبار عالمية

هل يقدم أولمرت على مغامرة عسكرية للبقاء في منصبه

هل يقدم أولمرت على مغامرة عسكرية للبقاء في منصبه
كتب يحيى دبوق
شهد ملف رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، مزيدا من الدفع باتجاه تنحيته عن منصبه، بعد أن أنهت الشرطة الإسرائيلية استجوابها الأخير منذ أيام، وتأكيد المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز، أن "التحقيقات الأخيرة عززت الشبهات حوله، وعلى المؤسسة السياسية أن لا تنتظر الحسم القضائي"، في حين تدفع الفضيحة الجديدة والمعروفة اصطلاحا بـ"أولمرت تورس"، نحو تنحيته بالتأكيد.
وبرغم ان أوساط أولمرت ترى في قضية الفساد القائمة والتي تحقق الشرطة فيها، والمستندة بشكل أساسي على شهادة الملياردير اليهودي تالانسكي، وترى أنها ستنهار، إلا أن الفضيحة الجديدة والمعروفة اصطلاحا بـ"أولمرت تورس"، تدفع نحو تنحيته بالتأكيد. وهي قضية تستند إلى وجود فواتير دفعتها مؤسسات إسرائيلية مختلفة في نفس الوقت، عن زيارات قام بها أولمرت وعائلته إلى الخارج.
تزايد الشبهات حول أولمرت، وفتح ملفات قضائية جديدة مشبعة بالدلائل، ومكافحة رجاله ومحاموه للدفاع عنه، إضافة إلى الحراك السياسي من حوله، سواء في حزبه كاديما أو المؤتلفين معه في الحكومة كحزب العمل وغيره، باتجاه إطاحته، تطرح إمكانية أن يقدم أولمرت على لفت الأنظار وحرفها باتجاه جبهات سياسية أو عسكرية أخرى، تؤدي إلى التسبب بدفع القيادة الإسرائيلية والحزبية إلى الإبقاء عليه في منصبه.. بما يشمل أيضا، إمكانية الإقدام على شن عدوان جديد، ضد الفلسطينيين أو اللبنانيين أو حتى الإيرانيين، بهذا المستوى او ذاك.
ويعتبر استئناف المفاوضات غير المباشرة مع السوريين، برعاية تركية، احدى الوسائل التي اتبعها اولمرت على الجبهة السياسية، بعد ان رفضها واستهزأ بها في الماضي، سعيا للالتفاف على قضاياه الداخلية ودفعا باتجاه بقائه في منصبه. لكن حنكة القيادة السورية التي مكنت من استئناف المفاوضات بمستوى ووتيرة وعلانية تسمح باستثمارها سوريا لمواجهة الجبهات المختلفة التي تضغط عليها، وعدم السماح بتجاوز سقوفها المفروضة من قبلها نحو استفادات شخصية من قبل اولمرت، قلصت سلة الاستفادة المطلوبة، ومن المستبعد أن تفيده كثيرا في مواجهة مصيره.
بالطبع تأتي انفتاحة أولمرت على سوريا، وجهده نحو انجاز شكلي معها، بعد يأس من إمكان فتح ثغرات في الجبهة السياسية مع السلطة الفلسطينية لتعقد وتشعب ملفاتها التي لا يمكنه خرقها، باعتبار ان أي ملف أساسي فيها، يفتح عليه جبهات اخرى في الداخل الإسرائيلي غير قادر على مواجهتها، سواء بالنسبة لحق العودة أو القدس أو المستوطنات، وهي الملفات الأكثر إشكالية في المفاوضات مع الفلسطينيين.
السؤال الاكثر إلحاحية، هو إقدام أولمرت على تحريك مقاربة عسكرية نحو أي من الجبهات الثلاث المذكورة آنفا، الأراضي الفلسطينية، لبنان وسوريا وصولا إلى إيران.
وإذا كان للموضوع الإيراني خصوصيته، المرتبطة بأصل القدرة الإسرائيلية على تفعيل مسار عسكري معها، ولكونها مرتبطة بملفات أكثر التصاقا بالمصلحة الأميركية ما يستلزم استئذانها. ولكون الموضوع الفلسطيني قد تجاوز قطوعه وخطورته بعد التهدئة المعلنة مع حركة حماس في قطاع غزة. إضافة إلى أن المسار التفاوضي غير المباشر مع سوريا خفف من إمكان استهدافها، تبقى الجبهة اللبنانية منفردة مدار بحث ودراسة، باعتبارها الساحة الوحيدة المتبقية نظريا لتفعيل عدوان عسكري او امني تجاهها، حرفا للأنظار عن المشاكل الداخلية لرئيس حكومة العدو. وقد تكون الاجابة تلقائية في الالتفات إلى النقاط التالية:
لم تكن حرب تموز عام 2006، تجربة عسكرية إسرائيلية فاشلة وحسب، بل كانت حربا أظهرت قصورا بنيويا لدى الجندي الاسرائيلي ولدى قيادته، كما اظهرت قصورا في التكتيكات المستخدمة للوصول الى الانتصار في حروب شبيهة بحرب 2006، واذا كانت اسرائيل قادرة على ازالة شوائب معينة ظهرت في الحرب، كالتدريبات والاسلحة المستخدمة، لكنها عاجزة بالتأكيد عن اعادة تشكيل روحية الجندي المفقودة، كما انها قاصرة عن التأثير على المقاتل في الطرف الاخر.
ان انتصار حزب الله في تموز 2006، دفع الحذر الاسرائيلي من مقاربة عسكرية وامكانية الفشل فيها، الى مرتبة اولى في حسابات الاقدام على مغامرة عسكرية في الساحة اللبنانية. وبالتالي فان القرار الاسرائيلي في مقاربة هذه الساحة ابتعد عن التعامل معها كساحة بديلة للتغطية على فضائح او مشاكل داخلية اسرائيلية، لحاساباتها الخاصة المرتبطة بالربح والخسارة الكامنين فيها تجاه أي مغامرة عسكرية اسرائيلية.
لم تعد الرهانات العسكرية على خوض حرب في لبنان، وهي امكانية مرتفعة وذات معقولية معتبرة في حالة المقاربة العسكرية الاسرائيلية للساحة اللبنانية، بأي مستوى كان، نتيجة الخشية من تدحرجها نحو مواجهة شاملة. فاضافة الى ما اظهرته حرب تموز من قدرة لدى المقاومة، سواء في المستوى العسكري او المنعة الداخلية لدى جمهورها، الا ان الاسرائيليين يدركون جيدا، وهو ما يقرون به، ان القدرات العسكرية للمقاومة تضاعفت واصبحت اكثر قدرة على الحاق الضرر الفعلي بالكيان الاسرائيلي.
الانتقاد/ العدد1282 ـ الجمعة 18 تموز/ يوليو 2008
2008-07-17