ارشيف من :أخبار لبنانية
موسم السفر للشمال...

شبكة فلسيطن الاخبارية - بقلم: عبد الرحيم ملوح
تشد رحال بعض قادة المنطقة إلى العاصمة الأمريكية واشنطن بناء لدعوات من الرئيس الأمريكي اوباما، وسبق وترافق مع " موسم السفر إلى الشمال" مع العذر من الطيب صالح الروائي السوداني الكبير صاحب رواية "موسم الهجرة إلى الشمال "، تصريحات وإعلان مواقف من بعض القادة المسافرين وغير المدعوين للسفر إلى واشنطن، والهدف إعلان الحضور السياسي على طاولة رئيس القوة الأعظم عالمياً في هذه المرحلة التاريخية.
بأمل أن يأخذ قضاياهم سيد البيت الأبيض الجديد بالاعتبار أثناء رسم سياساته الخارجية للمنطقة والعالم.
ومن الهام إدراك أن السياسة الخارجية الأمريكية، تحددها المؤسسات في أمريكا استناداً للمصالح الأمريكية اولاً، وتأخذ بالاعتبار مصالح حلفائها في العالم والمنطقة المعنية ثانياً، وإذا أسقطنا هذه الأولويات على واقع المنطقة وقضاياها، نجد ما يلي: أن المصالح الأمريكية " الحيوية" في المنطقة هي النفط، والموقع الاستراتيجي، وإسرائيل قوية، وهذه المصالح الإستراتيجية لم تتغير جوهرياً منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية على الأقل. وما حدث هو أجراء تعديلات هنا وهناك أو بين هذا الرئيس الأمريكي أو ذاك، باليات صون هذه المصالح.
والجديد في العقدين الماضيين، تمثل في انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، مما ترك لأمريكا الفرصة بأن تكون القطب الأوحد عالمياً، وتبع هذا اعتقاد القيادة الأمريكية بأن من الهام لتأبيد فرض هيمنتها اختلاق عدو عالمي جديد، فكان "الإسلام السياسي" هذا العدو. وقدمت بعض المجموعات الإسلامية المحسوبة على الإسلام السياسي المبررات والذرائع لهذه السياسة. بعد أن قدمت لها الإدارات الأمريكية الدعم في حربها ضد الوجود السوفيتي في أفغانستان، وانقلبت عليها بعد إخراج السوفييت من أفغانستان.
والجديد في أداء السياسة الخارجية الأمريكية، يجب رؤيته في إطار الفارق بين إدارة بوش الابن الجمهورية وإدارة اوباما الديمقراطية. ويتركز هذا الفارق في تقديم أمريكا نفسها للعالم بشكل مختلف من زاوية الأداء العدواني الذي مثلته إدارة بوش الابن أثناء محاولة فرض سياستها عالمياً. في حين أن الرئيس اوباما، يريد الحفاظ على المصالح والدور الأمريكي من خلال الحوار، والبحث عن المصالح المشتركة مع قادة ونخب الدول المختلفة. وإذا اقتربنا أكثر من منطقتنا وقضاياها ومشاكلها، وفي القلب منها القضية الفلسطينية، نجد ما يلي:
اولاً؛ إن أولية السياسة الأمريكية بقيادة اوباما، هي معالجة الأزمة الاقتصادية، التي بدأت أمريكية وتحولت لتصبح عالمية، مع المحافظة على موقع ودور الدولار في التجارة والتعامل الدوليين.
ثانياً؛ الخروج العسكري الأمريكي من العراق، والحفاظ في نفس الوقت على بقائه في دائرة النفوذ السياسي والأمني والاقتصادي الأمريكي، وتحديد المصالح المشتركة مع إيران.
ثالثاً؛ التركيز على دعم السلطة في أفغانستان وباكستان لأسباب باتت معروفة، ويأتي في مقدمتها موقعه الاستراتيجي بين إيران والهند والصين وروسيا. وباعتبار أفغانستان وباكستان المنفذ لنفط بحر قزوين على البحر. إضافة إلى تركز القاعدة التي أقدمت على ضرب وزارة الدفاع الأمريكية ومركز التجارة الدولي في أفغانستان وشمال باكستان.
رابعاً؛ الشرق الأوسط، وتسوية الصراع العربي – الإسرائيلي وفي قلبه فلسطين، وهنا تتكثف مجموعة تناقضات في موقع واحد، فإضافة للصراع الفلسطيني والعربي – الإسرائيلي يتركز النفط والموقع الاستراتيجي ودور إسرائيل الحليف الاستراتيجي لأمريكا، ودعم اللوبي الصهيوني المتحالف، مع اليمين المسيحي الأمريكي أو " المسيحيين الصهاينة" في الوقوف وراء إسرائيل وسياستها وممارساتها. لكل ما سبق وغيره فإن الأرجح هو أن تضغط إدارة اوباما على قيادة إسرائيل اليمنية المتطرفة بزعامة نتنياهو – ليبرمان- براك، في بعض القضايا، على غرار ما حدث عام 1956 عندما ضغط ايزنهاور الجمهوري على بن غوريون للانسحاب من سينا، مقابل فتح مضائق تيران لسفنه. وفي ظل هذه التناقضات وحسابات المصالح، لن يتجاوز الضغط الأمريكي مستوى" إدارة الصراع" أو إدارة الأزمة لا حلّها، ومحاولات الإرضاء الشكلية لدول ونخب المنطقة بما فيهم المعنيين مباشرة في البحث عن حل أو تسوية للصراع، حتى لو دفع الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية الثمن غاليا.
خامساً؛ معالجة الوضع المتفجر الذي تركته إدارة بوش الابن في أوروبا، وخاصة وضع صواريخ جدد في كل من بولندا وتشيكيا، ومشاكل حلف الأطلسي، وجورجيا....الخ. وكلها يمكن البحث عن حلول لها مع روسيا.
إذا دققنا في هذه الإستراتيجية السياسية لإدارة اوباما، نجد أن قضايا الصراع في الشرق الأوسط يأتي رابعاً في سلم أولويات سياسته. وحتى لو عملت بمتابعة كل القضايا بالتوازي وليس وفق سلم الأولويات كما أشير له. ستجد نفسها لأكثر من سبب تقف إلى جانب إسرائيل مما يحول بينها وبين ممارسة الضغط الجدي عليها.
لكل هذا على القادة " المسافرين للشمال الأمريكي" أخذ هذا باعتبارهم مقدماً، فالتجربة السياسية تعلمنا أنه بدون خلق ميزان قوى عربي _ وفلسطيني وميزان مصالح سياسية، يفرض على الإدارة الأمريكية أخذه بعين الاعتبار ليس من المقدر أن يكون ميزان الأخلاق والعدالة الأمريكية هو ما يحدد التسويات والحلول في المنطقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.