ارشيف من :أخبار لبنانية
بدون تعليق: الانسحاب من الغجر وشبكات التجسس.. توظيف سياسي إسرائيلي فاشل ـ 11/5/2009
كتب محمد الحسيني
لم تستطع "إسرائيل" الاستمرار في صمتها، ولم تعد قادرة على كبح جماح انتظارها القلق، فبقّت البحصة التي عملت في فترات سابقة على إبقائها في فم الكواليس السياسية الإسرائيلية بانتظار الوقت المناسب. فبالأمس، قرّر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر أنّه "في حال فوز حزب الله في الانتخابات النيابية المقبلة، فإن إسرائيل لن تنسحب من الجزء الشمالي من قرية الغجر".
وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة هآرتس عن "أيوب قرا" نائب وزير تطوير النقب والجليل، قوله إن "خطوات إسرائيل المتعلّقة بقرية الغجر ستكون مرتبطة بنتائج الانتخابات النيابية في لبنان.. فإذا تعززت مكانة حزب الله في هذه الانتخابات، فإن إسرائيل ستُبقي على الوضع الحالي القائم في القرية.. أما في حال فوز معارضي حزب الله، فإن إسرائيل ستدرس حلولاً مختلفة للوضع، لضمان عدم بقاء جنود الجيش على أراض لبنانية".
ولا بد من الإشارة إلى أن الحديث عن الانسحاب من الجزء المحتل من قرية الغجر ليس جديداً، فقد تكرر مرات عديدة، منذ ما بعد أيار من العام 2000 وحتى اليوم، وكانت تطرح سيناريوهات سياسية - وليست أمنية أو عسكرية - لكيفية الانسحاب.. وفي كل مرة كان العدو يفتش عن سبيل يؤدي من خلال ذلك إلى إضعاف حزب الله سياسياً مقابل "خصومه" في الداخل اللبناني..
ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن "إسرائيل"، التي استطاعت أن تجتمع مع العرب لأول مرة على عدو واحد هو إيران بحسب كلام بنيامين نتنياهو، تحرص دوماً على استغلال وتوظيف أي خطوة عسكرية أو أمنية لها في المجال السياسي محاولةً تحقيق مكاسب جديدة وتنازلات عربية إضافية، وساعيةً إلى إحداث تغيير أو تعديل ما في حالة العداء تجاهها ولا سيما من لبنان وسوريا..
إذاً، القرار محسوم بالانسحاب من الغجر، ولكن البحث الإسرائيلي هو في كيفية توظيف هذا الانسحاب، لا سيما أنه يأتي في محطة سياسية لبنانية قد تكون حرجة بالنسبة للعدو في مجرياتها ونتائجها.. هكذا يمكن قراءة كلام "قرا".. والنقطة الأساس في هذا البحث هي في توجيه الأمر بنحو سلبي على حزب الله، بدل أن تمنح "إسرائيل" هذا الحزب الفرصة مرة جديدة للاحتفال بالانتصار، كما في كل مرة كانت "إسرائيل" تتقهقهر وتجر أذيال الخيبة وراءها من دون أن تقبض أي ثمن سياسي أو عسكري أو معنوي..
وليس بعيداً عن هذا "الاجتياح السياسي" الإسرائيلي للساحة الداخلية اللبنانية، بثت القناة الأولى في تلفزيون العدو تقريراً رأت فيه أن "لا شيء يمنع من أن يكون كشف شبكات التجسس ادّعاءات من جانب حزب الله غايتها تعزيز وضع الحزب قبل الانتخابات النيابية"، فيما رأت القناة العاشرة أن "هدف حزب الله من بثّ الصور (التجهيزات التي كان يستخدمها العملاء) هو أن يظهر أن إسرائيل تتدخل في الانتخابات لمصلحة الحريري المعارض لسوريا".
قالت "إسرائيل" كلمتها ورمت الطعم وأرسلت الإشارات، وبدأت دوائرها السياسية وأجهزتها الاعلامية ومؤسساتها الأمنية بالمراقبة ورصد الترددات في لبنان.. وما علينا إلا أن نراقب ونرصد بدورنا صدى هذه الإشارات وكيفية ترجمتها في مرحلة انتخابية حساسة، ولن يكون مستغرباً أن يتلقفها البعض ممن تسميهم "إسرائيل" خصوم حزب الله في لبنان للانطلاق في مسار دعائي جديد بعدما أمّنت "إسرائيل" ذريعة الهجوم ووفّرت معطيات الحملة الجديدة في مسعىً يائسٍ يضاف إلى المساعي التي بُذلت وتُبذل كل يوم في استهداف المقاومة وسلاحها..
تتعدد العناوين والإشارات والوجهة واحدة.. والنتيجة واحدة: الفشل.