ارشيف من :آراء وتحليلات

7 أيار: تواريخ في تاريخ

 7 أيار: تواريخ في تاريخ
ليلى نقولا الرحباني
7 أيار 2005، عاد العماد عون الى لبنان منهيا سنوات  طويلة من المنفى، عاد الى حضن الوطن الذي كرس حياته مضحيا في سبيله منذ دخوله في الجيش.
كان تاريخ 7 أيار محطة مفصلية في تاريخ لبنان الحديث، ومحطة في رسم مسار آخر للتحالفات اللبنانية الداخلية والتحالفات الإقليمية. ولقد كان اكتساء الساحات باللون البرتقالي عاملاً حاسما في الخيار الذي اتخذته قوى الموالاة منذ ذلك الحين، بتحجيم هذه الحالة الشعبية الوطنية التي يطغى عليها اللون المسيحي. وهي عرفت منذ ذلك الوقت أنها ستؤرخ لعهد جديد من العلاقات اللبنانية  ـ اللبنانية، سيكون للمسيحيين فيها كلمتهم المستقلة، التي قد تكون مختلفة عما رسمه لها الآخرون طيلة أعوام طويلة، منذ الحرب الأهلية وما بعدها.
كان الحشد البشري البرتقالي عاملاً أساسيا في المقياس الذي اعتمد عليه التيار الوطني ليحدد الحجم الذي يقبل ان يتمثل به في برلمان 2005، الأمر الذي رفضه المفاوضون من الجهات الأخرى، وحاولوا تخفيف تأثير "التسونامي" بتحجيمه من خلال فرض عدد من المقاعد يحددونها هم له، الأمر الذي دفع بالتيار الوطني الحر الى خوض الانتخابات بشكل شبه منفرد في مواجهة أطراف رئيسية كبيرة في البلاد، تمثل تقريبًا معظم الطوائف الرئيسية الكبرى.
هذا كان في العام 2005، وعلى أبواب الانتخابات النيابية آنذاك. اما اليوم في 2009، فنلاحظ أن كثرا ممن رفضوا حقيقة أن التمثيل الشعبي والتأييد على الساحة المسيحية بالأخص هو من حق التيار الوطني الحر في تلك الانتخابات، يحاولون اليوم اعادة المشاهد وعقارب الساعة الى الوراء، فيقوم تكتل رؤوس الأموال والإقطاع الديني والسياسي، اضافة الى دول اقليمية ودولية كبرى، بشن حرب على التيار الوطني اليوم، ليس لمعارضته السوريين في لبنان كما كان سابقا، وتخوينه وإطلاق صفات العمالة عليه، بل لأنه تحالف مع حزب الله وعطل على الأميركيين والإسرائيليين وحلفائهم القدرة على قضم واجتثاث جزء من اللبنانيين. فأخذوا يتوعدون بتلقينه درسا في الانتخابات يجعله يندم على كل ما اتخذه من خيارات وطنية وإقليمية، وما يقولون إنه خيار أخذ المسيحيين اليه، ويمنون النفس بأن سلطة المال والاعلام والطائفية قد تحقق ما عجزت قوى الموالاة عن تحقيقه في انتخابات 2005، من تحجيم للتيار وتقوية لشخصيات مسيحية ونفخها الى أقصى حد لمواجهته.
بين العام 2005 والعام 2009، أربع سنوات مرت من عمر الوطن ومن عمر التيار الوطني الحر، وبلا شك كانت هذه السنوات الأربع مليئة بالتحديات الاقليمية والداخلية التي فرضت على كل طرف سياسي أن يحدد خياراته الاستراتيجية ويعلن عنها، اذ لم يكن من الممكن الوقوف على الحياد في وقت يتعرض فيه الوطن لأبشع الهجمات ويمر بأخطر مرحلة في حياته. لم يكن من الممكن للتيار الوطني الحر تحديدا، أن يتخلى عن شعبه ووطنه وأهله، وأن يقف على الحياد.. ففي ظل التهديد الخارجي تنتفي جميع التمايزات السياسية، وتسقط عند أبواب الخطر الوجودي كل المصالح السياسية والطموحات المشروعة.
إنها بالتأكيد الخيارات الوطنية التي اتخذها التيار الوطني الحر، والتي تدعم تاريخه النضالي الداعم للسيادة والاستقلال والحرية، والتي لو عادت الأيام الى الوراء وطلب منه أن يتخذ خياراته السياسية بناء على التجربة لاختارها نفسها من دون تردد.
الانتقادـ العدد 1345ـ 8 أيار/ مايو 2009
2009-05-12