ارشيف من :آراء وتحليلات
الرقابة الدولية: السيادة اللبنانية في خطر

كتبت ليلى نقولا الرحباني
حدد قانون الانتخاب اللبناني في مادته العشرين لهيئات المجتمع المدني ذات الاختصاص مواكبة الانتخابات ومراقبة مجرياتها، على أن لا أن تكون مرتبطة بأي جهة أو طرف سياسي، وأن ترتبط أهدافها بالديمقراطية أو بالانتخابات أو بالشفافية، وأن تلتزم ميثاق شرف.
وهكذا فتح القانون الانتخابي الجديد شهية الجمعيات المحلية والعالمية للتقدم للاستحصال على التراخيص، وقد حصلت عليها. لكن القانون المذكور، والمرسوم 1517 الذي حدد آلية عمل هذه المؤسسات، وميثاق الشرف الذي وقعته الجمعيات مع الوزارة المختصة، بالاضافة الى إعلان مبادئ المراقبة الدولية للانتخابات ومدونة قواعد السلوك لمراقبي الانتخابات الدوليين، جميعها اشترطت على المنظمات المحلية والدولية التي ستقوم بالرقابة، "احترام سيادة الدولة اللبنانية"، و"الحفاظ على الحيادية السياسية الكاملة طيلة الوقت"، وأن "لا تؤيد طرفا ضد آخر"، و"الإحجام عن الإدلاء بتعليقات شخصية عن مراقبتهم أو استنتاجاتهم أمام وسائل الاعلام الإخبارية، أو أفراد من الشعب".
فأين الجمعيات الدولية من هذه المعايير؟
كان لافتا جدا المؤتمر الصحفي الذي عقدته رئيسة مجلس الادارة في "المعهد الديموقراطي الوطني للشؤون الدولية" NDI وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين اولبرايت، التي أعلنت فيه أن "أحد الأحزاب السياسية المتنافسة يمتلك قوى عسكرية ومسلّحة لا تخضع لسلطة الدولة، ما يمنع تقويم النظام الانتخابي اللبناني بالترابط مع المعايير والنظم الدولية"، وقد عادت لتوضح هذا الامر في لقائها مع "الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات" حينما سمّت حزب الله بالتحديد، وأكدت أن «ثمة تخوّفا من انتشار سلاح حزب الله، وما يمكن أن يؤثره السلاح في سير العملية الانتخابية ونتائجها" الخ..
كل هذه التصريحات تأتي الوزيرة السابقة لتطلقها دون حسيب أو رقيب!! فلا الهيئة المشرفة تحركت، ولا من قال ان الوزيرة بتصريحاتها تنتهك السيادة اللبنانية وتخرق كل المعايير والنصوص التي تعهدت جمعيتها باحترام الشروط المدرجة فيها، ومنها الحيادية السياسية وعدم الانحياز، كما خرقت ميثاق الشرف الذي وقعه المعهد مع وزارة الداخلية والبلديات.
إن ما قامت به الوزيرة الأميركية السابقة خطير جدا، وقد تزداد خطورته عندما نقرأ التصريح الصادر عن أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية والذي أيّد فيه ما قاله سيرغي لافروف من أن "على المجتمع الدولي ان يقبل نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية كما هي، وأن لا يكرر تجربة غزة"، ولكن الخطير جدا في حديثه هو الجزء الذي يقول فيه "اننا حريصون على أن تجري الانتخابات في أجواء ديمقراطية ونزيهة، ويشهد على ذلك المراقبون الاوروبيون والدوليون الذين سيتابعون العملية الانتخابية عن كثب من لبنان".
هذا يعني أن المراقبين الدوليين سيعود لهم إصدار الحكم في مدى ديمقراطية ونزاهة الانتخابات اللبنانية القادمة. لكن من منا لا يعرف اولبرايت وغيرها من المسؤولين الذين يشهد لهم تاريخهم بأنهم كانوا دائما من المؤيدين لـ"اسرائيل"؟ ومن منا لا يذكر الضغوط التي مارستها اولبرايت عام 2000 لارهاب اللبنانيين واجبارهم على الاعتراف بان "اسرائيل" انسحبت من كامل الأرض اللبنانية؟ ومن منا ينسى مآثر اولبرايت في الصراع العربي الاسرائيلي، والمآسي التي سببتها إدارتها لكل من الفلسطينيين واللبنانيين، في محاباتها لـ"اسرائيل"؟
إن الحَكَم الممنوح تفويضا لمراقبة انتخاباتنا، هو أبعد ما يكون عن صفة الحكم.. هو طرف منحاز بامتياز، فهل تعي المعارضة هذا الأمر وتتحسب قبل فوات الاوان؟ أم أن الموضوع سيمر ونعود فيما بعد لندفع نتيجة "طيبة قلوبنا" وصدق نوايانا؟
الانتقاد/ العدد 1346 ـ 15 أيار/ مايو 2009
حدد قانون الانتخاب اللبناني في مادته العشرين لهيئات المجتمع المدني ذات الاختصاص مواكبة الانتخابات ومراقبة مجرياتها، على أن لا أن تكون مرتبطة بأي جهة أو طرف سياسي، وأن ترتبط أهدافها بالديمقراطية أو بالانتخابات أو بالشفافية، وأن تلتزم ميثاق شرف.
وهكذا فتح القانون الانتخابي الجديد شهية الجمعيات المحلية والعالمية للتقدم للاستحصال على التراخيص، وقد حصلت عليها. لكن القانون المذكور، والمرسوم 1517 الذي حدد آلية عمل هذه المؤسسات، وميثاق الشرف الذي وقعته الجمعيات مع الوزارة المختصة، بالاضافة الى إعلان مبادئ المراقبة الدولية للانتخابات ومدونة قواعد السلوك لمراقبي الانتخابات الدوليين، جميعها اشترطت على المنظمات المحلية والدولية التي ستقوم بالرقابة، "احترام سيادة الدولة اللبنانية"، و"الحفاظ على الحيادية السياسية الكاملة طيلة الوقت"، وأن "لا تؤيد طرفا ضد آخر"، و"الإحجام عن الإدلاء بتعليقات شخصية عن مراقبتهم أو استنتاجاتهم أمام وسائل الاعلام الإخبارية، أو أفراد من الشعب".
فأين الجمعيات الدولية من هذه المعايير؟
كان لافتا جدا المؤتمر الصحفي الذي عقدته رئيسة مجلس الادارة في "المعهد الديموقراطي الوطني للشؤون الدولية" NDI وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين اولبرايت، التي أعلنت فيه أن "أحد الأحزاب السياسية المتنافسة يمتلك قوى عسكرية ومسلّحة لا تخضع لسلطة الدولة، ما يمنع تقويم النظام الانتخابي اللبناني بالترابط مع المعايير والنظم الدولية"، وقد عادت لتوضح هذا الامر في لقائها مع "الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات" حينما سمّت حزب الله بالتحديد، وأكدت أن «ثمة تخوّفا من انتشار سلاح حزب الله، وما يمكن أن يؤثره السلاح في سير العملية الانتخابية ونتائجها" الخ..
كل هذه التصريحات تأتي الوزيرة السابقة لتطلقها دون حسيب أو رقيب!! فلا الهيئة المشرفة تحركت، ولا من قال ان الوزيرة بتصريحاتها تنتهك السيادة اللبنانية وتخرق كل المعايير والنصوص التي تعهدت جمعيتها باحترام الشروط المدرجة فيها، ومنها الحيادية السياسية وعدم الانحياز، كما خرقت ميثاق الشرف الذي وقعه المعهد مع وزارة الداخلية والبلديات.
إن ما قامت به الوزيرة الأميركية السابقة خطير جدا، وقد تزداد خطورته عندما نقرأ التصريح الصادر عن أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية والذي أيّد فيه ما قاله سيرغي لافروف من أن "على المجتمع الدولي ان يقبل نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية كما هي، وأن لا يكرر تجربة غزة"، ولكن الخطير جدا في حديثه هو الجزء الذي يقول فيه "اننا حريصون على أن تجري الانتخابات في أجواء ديمقراطية ونزيهة، ويشهد على ذلك المراقبون الاوروبيون والدوليون الذين سيتابعون العملية الانتخابية عن كثب من لبنان".
هذا يعني أن المراقبين الدوليين سيعود لهم إصدار الحكم في مدى ديمقراطية ونزاهة الانتخابات اللبنانية القادمة. لكن من منا لا يعرف اولبرايت وغيرها من المسؤولين الذين يشهد لهم تاريخهم بأنهم كانوا دائما من المؤيدين لـ"اسرائيل"؟ ومن منا لا يذكر الضغوط التي مارستها اولبرايت عام 2000 لارهاب اللبنانيين واجبارهم على الاعتراف بان "اسرائيل" انسحبت من كامل الأرض اللبنانية؟ ومن منا ينسى مآثر اولبرايت في الصراع العربي الاسرائيلي، والمآسي التي سببتها إدارتها لكل من الفلسطينيين واللبنانيين، في محاباتها لـ"اسرائيل"؟
إن الحَكَم الممنوح تفويضا لمراقبة انتخاباتنا، هو أبعد ما يكون عن صفة الحكم.. هو طرف منحاز بامتياز، فهل تعي المعارضة هذا الأمر وتتحسب قبل فوات الاوان؟ أم أن الموضوع سيمر ونعود فيما بعد لندفع نتيجة "طيبة قلوبنا" وصدق نوايانا؟
الانتقاد/ العدد 1346 ـ 15 أيار/ مايو 2009