ارشيف من :آراء وتحليلات
تحرير لبنان أمنياً بعد تحريره عسكرياً: الكيان الإسرائيلي هو العدو

كتب المحرر السياسي
أرخت عمليات إلقاء القبض على خلايا أمنية تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي بظلالها الكثيفة على مجمل المشهد السياسي الداخلي الذي يتوقع أن يتحرر هذا الأسبوع من تشكيل اللوائح الانتخابية ليفرغ بالكامل لعملية تحفيز الناس على المشاركة، واحتساب معادلة الربح والخسارة وما بين الاثنين، في الوقت الذي ما زالت التدخلات الدولية والاميركية تضغط على الواقع اللبناني عبر أكثر من موقف وتحرك.
ـ الشبكات الأمنية:
ثمة أسئلة مشروعة تتعلق تحديداً بفرع المعلومات، حيث السؤال الذي يطرحه الجميع: لماذا الآن؟ ولماذا لم نشهد إنجازات كهذه في السابق؟ والذي يبرر أكثر هذه الأسئلة هو المسار الملتبس لهذا الجهاز، والذي كان مدعاة للريبة في أكثر من محطة، وخصوصاً أنه بدا منذ نشأته، جهازاً تابعاً لجهة سياسية لها عنوانها الخاص، وأريد له أن يحجز لهذه الجهة موقعاً موازناً في مقابل الأجهزة الأمنية الأخرى بتوزعاتها المختلفة؟
إن تبعية هذا الجهاز لمشروع سياسي، وإنباته في تربة هذا المشروع والاحتضان الخاص الذي حظي به أميركياً وأوروبياً ومن قبل عرب أميركا.. كل هذه الأمور وسواها وضعت أمام أعمال هذا الجهاز أكثر من علامة استفهام، فهل نحن أمام إعادة نظر في الدور تنهض على إعادة ترتيب الأولويات الأمنية، أم أمام عملية تطهير وتبييض للصفحة تتصل بحسابات مرحلة ما بعد الانتخابات، كما تتصل بعملية منافسة مع الجهاز الطبيعي والذي تعود اليه صلاحية تعقب النشاط الأمني الإسرائيلي في لبنان ألا هو جهاز مخابرات الجيش اللبناني.
ما تقدم يفرض حتماً الاستنتاجات التالية:
أولاً: لا يستطيع أحد أن يثني على هذه الإنجازات من أي جهة أتت، وأكثر من ذلك، الجميع يتمنى لو أنه منذ البداية أعطيت الأولوية للعدو الإسرائيلي.
ثانياً: صحيح أن الساحة اللبنانية مستهدفة أمنياً من العدو الإسرائيلي، لكن صحيح أيضاً أن هذا الاستهداف ما كان ليقوى ويشتد لو لم يجد منافذ واسعة ينفذ منها، يبقى أبرزها الانقسام السياسي الحاد الذي حرص على تعميقه فريق الرابع عشر من آذار، الذي عمل بدوره على إعادة النظر في الأعداء والأصدقاء لمصلحة أن تكون سوريا والمقاومة هما الخصمان بل العدوان الأبرزان، على حساب العداوة للكيان الإسرائيلي.
ثالثاً: إن حجم الشبكات المكشوفة يؤكد أن أخطر عدو للبنانيين هو العدو الإسرائيلي، الذي يحتل البند الأول والأخير على لائحة التهديدات المصيرية لكل اللبنانيين، ولعل هذا ما يجب أن يعيد الاعتبار إلى أولوية الاشتباه به كمخطط ومنفذ لجريمة اغتيال الحريري، خصوصاً مع تسرب معلومات أمنية تؤكد هذه الشبهة.
رابعاً: يؤمل، أن تكون إنجازات فرع المعلومات الأخيرة في سياق إعادة النظر في سياسة هذا الفرع، لا محاولة لتطهير الذات والدور والمشروع والجهة التي يقف خلفها، ولا محاولة لحجز موقع ثابت لنفسه في ضوء فقدانه الشرعية القانونية حتى الآن، وتداركاً لما يمكن أن تحمله الانتخابات النيابية من نتائج، وفي سياق نزع صلاحيات ليست له بالأصل، وكسب ود المقاومة.
ـ زيارة هيل:
في الشكل، تندرج هذه الزيارة في سياق زيارة وزيرة الخارجية الأميركية الأخيرة إلى لبنان، وبالتالي، فهي لها بعد استكمالي، كما أنها تندرج في سياق زيارة كل من فيلتمان وشابيرو إلى دمشق، حيث تشكل تعويضاً عن زيارتهما إلى لبنان على غرار ما جرى أثناء زيارتهما الأولى اليها، حيث اضطر الاثنان إلى زيارة بيروت.
وفي التوقيت تأتي هذه الزيارة بعد اطلاق سراح الضباط الأربعة من قبل المحكمة الدولية حيث اعتبر كثيرون ذلك بمثابة منح صك براءة لدمشق من قبل واشنطن، وأن ذلك هو بمثابة أثمان مسبقة تندرج في سياق عملية بناء الثقة بين دمشق وواشنطن.
وفي التوقيت أيضاً، تأتي هذه الزيارة في سياق التحضير للانتخابات النيابية التي توليها واشنطن أهمية خاصة، وهي سبقت وأعلنت صراحة أنها لا تتمنى أن ترى المعارضة عموماً وحزب الله تحديداً فائزين بها.
بناءً على ما تقدم، فإن هذه الزيارة حملت الدلالات التالية:
ـ متابعة زيارة كلينتون القصيرة إلى لبنان بكل أبعادها وعناوينها.
اعادة الاعتبار لشكل الاهتمام الأميركي بفريق الرابع عشر من آذار حيث ذكرتنا جولة هيل على أركان هذا الفريق بجولات المبعوثين الأميركيين في عهد ادارة بوش.
تطمين هذا الفريق لجهة ما يجري بين واشنطن ودمشق، ولا سيما بأن هذا الفريق لن يكون ورقة مساومة، وكذلك، في ما يعني المحكمة الدولية، وإن كانت كثرة التطمينات تشي بالعكس.
الاطمئنان الى الوضع الانتخابي لفريق الرابع عشر من آذار، في ظل الإرباك والتمزق الذي يعاني منه، ومحاولة رص صفوفه مجدداً.
تحضير هذا الفريق للمرحلة السياسية المقبلة محلياً وإقليمياً.
كان واضحاً أن واشنطن قد تجاوزت إصدار أي مواقف مسبقة من نتائج الانتخابات في ما يتعلق بفوز المعارضة، وذلك باتجاه ربط موقفها النهائي بطبيعة تركيبة الحكومة وبرنامجها السياسي، الذي يبدو أنه يعنيها بالدرجة الأولى.
إذا نظرنا إلى هذه الزيارة التي جاءت متزامنة مع تقرير لارسن وموقف مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن من سلاح حزب الله، فهي تشكل عملية تدخل مباشر للتأثير على مسار هذه الانتخابات.
لا يبعد أن يكون هيل قد وضع فريق الرابع عشر من آذار في أبعاد المناورة الإسرائيلية واستهدافاتها.
لا يبعد أيضاً أن يكون هيل قد دخل على خط الشبكات الأمنية للضغط على مسار عمل الأجهزة الأمنية.
ـ تقرير لارسن:
تكمن خطورة هذا التقرير بالتالي:
أولاً: دخول مباشر على خط الانتخابات النيابية للتأثير على مسارها ونتائجها، والعمل على التشكيك مسبقاً بنتائجها، يمكن الاستناد اليه دولياً لاحقاً ولمصلحة فريق الرابع عشر من آذار.
ثانياً: تصوير حزب الله كمهدد للاستقرار الاقليمي لرفع درجة خطورته ما يستدعي التعامل معه بهذه الصفة من قبل مجلس الأمن الدولي.
الدخول على خط ملف حزب الله ومصر لتحويله إلى قضية دولية، بالتزامن مع المحاولات التي جرت في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، والذي غابت عنه سوريا ولبنان، من أجل ضرب مناخات التصالح عن طريق استحضار ملف حزب الله وإيران في موازاة الملف الإسرائيلي، وكان لهذا الغياب أن قطع الطريق على هذه المحاولات.
الانتقاد/ العدد 1346 ـ 15 أيار/ مايو 2009
أرخت عمليات إلقاء القبض على خلايا أمنية تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي بظلالها الكثيفة على مجمل المشهد السياسي الداخلي الذي يتوقع أن يتحرر هذا الأسبوع من تشكيل اللوائح الانتخابية ليفرغ بالكامل لعملية تحفيز الناس على المشاركة، واحتساب معادلة الربح والخسارة وما بين الاثنين، في الوقت الذي ما زالت التدخلات الدولية والاميركية تضغط على الواقع اللبناني عبر أكثر من موقف وتحرك.
ـ الشبكات الأمنية:
ثمة أسئلة مشروعة تتعلق تحديداً بفرع المعلومات، حيث السؤال الذي يطرحه الجميع: لماذا الآن؟ ولماذا لم نشهد إنجازات كهذه في السابق؟ والذي يبرر أكثر هذه الأسئلة هو المسار الملتبس لهذا الجهاز، والذي كان مدعاة للريبة في أكثر من محطة، وخصوصاً أنه بدا منذ نشأته، جهازاً تابعاً لجهة سياسية لها عنوانها الخاص، وأريد له أن يحجز لهذه الجهة موقعاً موازناً في مقابل الأجهزة الأمنية الأخرى بتوزعاتها المختلفة؟
إن تبعية هذا الجهاز لمشروع سياسي، وإنباته في تربة هذا المشروع والاحتضان الخاص الذي حظي به أميركياً وأوروبياً ومن قبل عرب أميركا.. كل هذه الأمور وسواها وضعت أمام أعمال هذا الجهاز أكثر من علامة استفهام، فهل نحن أمام إعادة نظر في الدور تنهض على إعادة ترتيب الأولويات الأمنية، أم أمام عملية تطهير وتبييض للصفحة تتصل بحسابات مرحلة ما بعد الانتخابات، كما تتصل بعملية منافسة مع الجهاز الطبيعي والذي تعود اليه صلاحية تعقب النشاط الأمني الإسرائيلي في لبنان ألا هو جهاز مخابرات الجيش اللبناني.
ما تقدم يفرض حتماً الاستنتاجات التالية:
أولاً: لا يستطيع أحد أن يثني على هذه الإنجازات من أي جهة أتت، وأكثر من ذلك، الجميع يتمنى لو أنه منذ البداية أعطيت الأولوية للعدو الإسرائيلي.
ثانياً: صحيح أن الساحة اللبنانية مستهدفة أمنياً من العدو الإسرائيلي، لكن صحيح أيضاً أن هذا الاستهداف ما كان ليقوى ويشتد لو لم يجد منافذ واسعة ينفذ منها، يبقى أبرزها الانقسام السياسي الحاد الذي حرص على تعميقه فريق الرابع عشر من آذار، الذي عمل بدوره على إعادة النظر في الأعداء والأصدقاء لمصلحة أن تكون سوريا والمقاومة هما الخصمان بل العدوان الأبرزان، على حساب العداوة للكيان الإسرائيلي.
ثالثاً: إن حجم الشبكات المكشوفة يؤكد أن أخطر عدو للبنانيين هو العدو الإسرائيلي، الذي يحتل البند الأول والأخير على لائحة التهديدات المصيرية لكل اللبنانيين، ولعل هذا ما يجب أن يعيد الاعتبار إلى أولوية الاشتباه به كمخطط ومنفذ لجريمة اغتيال الحريري، خصوصاً مع تسرب معلومات أمنية تؤكد هذه الشبهة.
رابعاً: يؤمل، أن تكون إنجازات فرع المعلومات الأخيرة في سياق إعادة النظر في سياسة هذا الفرع، لا محاولة لتطهير الذات والدور والمشروع والجهة التي يقف خلفها، ولا محاولة لحجز موقع ثابت لنفسه في ضوء فقدانه الشرعية القانونية حتى الآن، وتداركاً لما يمكن أن تحمله الانتخابات النيابية من نتائج، وفي سياق نزع صلاحيات ليست له بالأصل، وكسب ود المقاومة.
ـ زيارة هيل:
في الشكل، تندرج هذه الزيارة في سياق زيارة وزيرة الخارجية الأميركية الأخيرة إلى لبنان، وبالتالي، فهي لها بعد استكمالي، كما أنها تندرج في سياق زيارة كل من فيلتمان وشابيرو إلى دمشق، حيث تشكل تعويضاً عن زيارتهما إلى لبنان على غرار ما جرى أثناء زيارتهما الأولى اليها، حيث اضطر الاثنان إلى زيارة بيروت.
وفي التوقيت تأتي هذه الزيارة بعد اطلاق سراح الضباط الأربعة من قبل المحكمة الدولية حيث اعتبر كثيرون ذلك بمثابة منح صك براءة لدمشق من قبل واشنطن، وأن ذلك هو بمثابة أثمان مسبقة تندرج في سياق عملية بناء الثقة بين دمشق وواشنطن.
وفي التوقيت أيضاً، تأتي هذه الزيارة في سياق التحضير للانتخابات النيابية التي توليها واشنطن أهمية خاصة، وهي سبقت وأعلنت صراحة أنها لا تتمنى أن ترى المعارضة عموماً وحزب الله تحديداً فائزين بها.
بناءً على ما تقدم، فإن هذه الزيارة حملت الدلالات التالية:
ـ متابعة زيارة كلينتون القصيرة إلى لبنان بكل أبعادها وعناوينها.
اعادة الاعتبار لشكل الاهتمام الأميركي بفريق الرابع عشر من آذار حيث ذكرتنا جولة هيل على أركان هذا الفريق بجولات المبعوثين الأميركيين في عهد ادارة بوش.
تطمين هذا الفريق لجهة ما يجري بين واشنطن ودمشق، ولا سيما بأن هذا الفريق لن يكون ورقة مساومة، وكذلك، في ما يعني المحكمة الدولية، وإن كانت كثرة التطمينات تشي بالعكس.
الاطمئنان الى الوضع الانتخابي لفريق الرابع عشر من آذار، في ظل الإرباك والتمزق الذي يعاني منه، ومحاولة رص صفوفه مجدداً.
تحضير هذا الفريق للمرحلة السياسية المقبلة محلياً وإقليمياً.
كان واضحاً أن واشنطن قد تجاوزت إصدار أي مواقف مسبقة من نتائج الانتخابات في ما يتعلق بفوز المعارضة، وذلك باتجاه ربط موقفها النهائي بطبيعة تركيبة الحكومة وبرنامجها السياسي، الذي يبدو أنه يعنيها بالدرجة الأولى.
إذا نظرنا إلى هذه الزيارة التي جاءت متزامنة مع تقرير لارسن وموقف مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن من سلاح حزب الله، فهي تشكل عملية تدخل مباشر للتأثير على مسار هذه الانتخابات.
لا يبعد أن يكون هيل قد وضع فريق الرابع عشر من آذار في أبعاد المناورة الإسرائيلية واستهدافاتها.
لا يبعد أيضاً أن يكون هيل قد دخل على خط الشبكات الأمنية للضغط على مسار عمل الأجهزة الأمنية.
ـ تقرير لارسن:
تكمن خطورة هذا التقرير بالتالي:
أولاً: دخول مباشر على خط الانتخابات النيابية للتأثير على مسارها ونتائجها، والعمل على التشكيك مسبقاً بنتائجها، يمكن الاستناد اليه دولياً لاحقاً ولمصلحة فريق الرابع عشر من آذار.
ثانياً: تصوير حزب الله كمهدد للاستقرار الاقليمي لرفع درجة خطورته ما يستدعي التعامل معه بهذه الصفة من قبل مجلس الأمن الدولي.
الدخول على خط ملف حزب الله ومصر لتحويله إلى قضية دولية، بالتزامن مع المحاولات التي جرت في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، والذي غابت عنه سوريا ولبنان، من أجل ضرب مناخات التصالح عن طريق استحضار ملف حزب الله وإيران في موازاة الملف الإسرائيلي، وكان لهذا الغياب أن قطع الطريق على هذه المحاولات.
الانتقاد/ العدد 1346 ـ 15 أيار/ مايو 2009