ارشيف من :أخبار عالمية
الكويـت: 4 سـيدات يدخلـن البـرلمان
نجحت نساء الكويت أمس في طيّ صفحة من التهميش المزمن لهن في الحياة العامة الكويتية بفوز أربع مرشحات في انتخابات مجلس الأمة (البرلمان، والتي شهدت كذلك تطورات لا تقل أهمية: تراجع النفوذ السلفي، واتساع الحصة الشيعية في برلمان الإمارة النفطية المنهمكة بتجاذباتها السياسية.
ورغم تغيير تركيبة البرلمان الكويتي بنسبة تفوق الثلث، إلا أن هذا لا يبدو كافياً للتفاؤل بفرص فتح صفحة جديدة تنهي مسلسل الأزمات المتكررة التي سادت العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة. وبين الوجوه التي احتفظت بمقاعدها عدد من أبرز منتقدي الحكومة ومقدمي الاستجوابات التي أدت إلى حل البرلمان غير مرة في لعبة قط وفأر لا تنتهي، وتحسب على الخلافات السياسية داخل الأسرة الحاكمة.
وبعد أربعة أعوام على منحها حقوقها السياسية، نجحت المرأة الكويتية في اقتحام الحياة السياسية في أقدم ديموقراطيات الخليج منذ إطلاق الحياة البرلمانية فيها عام 1962. وأظهرت النتائج الرسمية لانتخابات أمس الأول فوز كل من أسيل العوضي ورولا دشتي وسلوى الجسار، إضافة إلى الوزيرة المثيرة للجدل في حكومة تسيير الأعمال معصومة المبارك، التي حلت أولى في دائرتها الانتخابية بين عشرة فائزين، موجهة ضربة موجعة لخصومها الألداء من الإسلاميين السلفيين.
وبعيد الإعلان عن فوزها، وصفت المرشحات الحدث بأنه انتصار للمرأة الكويتية وللديموقراطية الكويتية. وحلت أستاذة الفلسفة السياسية في جامعة الكويت أسيل العوضي في المرتبة الثانية بين الفائزين العشرة في الدائرة الثالثة، ورئيسة الجمعية الاقتصادية الكويتية رولا دشتي في المرتبة السابعة في الدائرة عينها، أما الأستاذة الجامعية سلوى الجسار، فحلت في المرتبة الأخيرة بين الفائزين في دائرتها. وتقسم البلاد بحسب النظام الانتخابي الكويتي إلى خمس دوائر، لكل منها عشرة نواب.
وكانت نساء الكويت اللواتي يمثلن 54.3 في المئة من نحو 385 ألف ناخب وناخبة في الكويت، شاركن في الانتخابات خلال دورتين سابقتين في عامي 2006 و2008، ومُنّين بخسارتين مخيبتين. وخاضت 16 مرشحة انتخابات أمس الأول، من أصل 210 مرشحين. وقالت معصومة المبارك، وهي ناشطة ليبرالية أصبحت عام 2005 أول وزيرة في تاريخ الكويت إن الحدث «يثبت أن لا شيء مستحيل، وهو انتصار للكويتيين ولعزمهم على التغيير»، موضحة «لقد فزت بثقة ثلاثة أمراء (عبر مشاركتها في ثلاث حكومات)، واليوم فزت بثقة الشعب الكويتي».
وأكدت المبارك أنها ستسعى إلى إرساء الاستقرار في الكويت بعد سلسلة الأزمات السياسية التي ضربت البلاد على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، فضلا عن السعي «للحصول على الحقوق المدنية والاجتماعية للمرأة بعدما نالت حقوقها السياسية». وتمثل النساء 44 في المئة من القوة العاملة الكويتية، وهي النسبة الأعلى بين دول الخليج.
وبنتيجة الأمس، تكون المرأة الكويتية سبقت نظيراتها في دول الخليج إلى قطف ثمار الحقوق السياسية، مع استثناء البحرينية لطيفة القعود ـ أول برلمانية خليجية «بالتزكية» لا الاقتراع.
وكان الكويتيون اقترعوا أمس الأول في انتخابات مبكرة لاختيار برلمانهم الثاني في سنة واحدة، بعدما حل أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح البرلمان السابق في آذار الماضي، في أعقاب مواجهة قوية بين النواب والحكومة، وفي إجراء يتكرر حدوثه في المشهد السياسي الكويتي.
نواب جدد، برلمان قديم
وفي الإجمال، عززت انتخابات يوم السبت تمثيل التيار المدني في البرلمان، حيث نجح في الدفع بأربع نساء إلى عضوية البرلمان رغم معارضة ضارية من التيارات الدينية المحافظة. في المقابل منيت التيارات التي رفعت شعار الإسلام السلفي بخسارة فادحة، إذ تلقت المجموعتان الرئيسيتان بين الإسلاميين السنة صفعة قوية مع خسارة معظم المقاعد التي كانتا تسيطران عليها في البرلمان المنحل.
وفاز التجمع السلفي الإسلامي بمقعدين مقابل أربعة مقاعد كان يسيطر عليها في البرلمان السابق، فيما فازت الحركة الدستورية الإسلامية المنبثقة عن الإخوان المسلمين بمقعد واحد مقارنة بثلاثة مقاعد في البرلمان السابق. وبدلاً من الحلول في المراكز الأولى بين الفائزين كما كانت الحال في الانتخابات السابقة، حل عدد من الإسلاميين في المراتب الأخيرة بين الفائزين.
في المقابل، عزز الليبراليون حضورهم في البرلمان وفازوا بمقعد إضافي وباتوا يسيطرون على ثمانية مقاعد. أما الشيعة، الذين يمثلون ثلث المواطنين في الكويت، فقد ضاعفوا تقريباً حضورهم وفازوا بتسعة مقاعد مقارنة بخمسة مقاعد في البرلمان المنحل. وبشكل عام، يضم المجلس الجديد 21 وجهاً جديداً من أصل 50 نائباً، وهم خصوصاً من المناطق القبلية. وفاز مرشحو القبائل التي ينتمي إليها نصف المواطنين، بـ25 مقعداً وبعضهم مقرب من الإسلاميين.
وبين أبرز الوجوه الفائزة رئيس المجلس السابق جاسم الخرافي، ورئيس المجلس الأسبق أحمد السعدون، ووزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية السابق حسين الحريتي، ووزير الصحة السابق روضان الروضان، ووزير التجارة الأسبق يوسف الزلزلة، فيما أخفق وزير الإسكان السابق عبد الواحد العوضي الذي استقال من الحكومة للترشح في الانتخابات.
وبلغت نسبة المشاركة على مستوى الكويت 58 في المئة، مقارنة بـ68 في المئة في الدورة الماضية، وهو أمر كان متوقعاً نظراً لشعور المواطنين بنوع من الإحباط من أداء مجلس الأمة والحكومة.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018