ارشيف من :آراء وتحليلات
نقطة حبر: عن الحب الإلهي

كتب حسن نعيم
كثيراً ما يردد الناس عبارات ومفاهيم لا يفقهون معانيها أو الإحاطة بها على وجه الدقة على الرغم من احتلالها حيّزاً واسعاً في بنيتهم الفكرية الثقافية. من هذه المفاهيم الغائمة مفهوم الحب الإلهي الذي خاض فيه الخائضون وكتبوا حوله القصائد التي يرددها عامة الناس كما خاصتهم من المتصوفين والعرفاء واصحاب الأحوال والمقامات.
أهل البحث والنظر العقلي الذين لا يولون للجانب القلبي الكشفي كبير عناية على مستوى الاستدلال ساهموا في الموضوع على طريقتهم في طرح الأسئلة ومنها: كيف يمكن للمحدود أن يحب اللامحدود أو المطلق؟ والعكس كيف يمكن للكامل أن يحب النقص؟ كيف يمكن للمرء أن يحب ما لا يعرفه؟ أليست المعرفة سابقة والمحبة لاحقة؟ وهل يمكن للمحدود أن يعرف اللامحدود؟
المعرفة والمحبة وكلاهما واحد لأنك إذا عرفته لا يمكنك إلا أن تحبه، والمعرفة مسار وطريق لذلك كثيراً ما يردد أهل العرفاء كلمات من قبيل الصراط والطريق والسير والسلوك. الحب هنا مسار وليس قراراً، إنه أقرب إلى المشوار الحياتي منه إلى المحطة العابرة, هو ليس درباً من هذه الدروب التي يقطعها سالكو طريق المعرفة. إنه الدرب الوحيد الذي يفضي إلى اللقاء في نهاية المطاف يوم يقوم الناس إلى ربهم. إنه مشوار العمر الذي تهاوى العشاق على جنباته أنبياء وعلماء وعرفاء وشهداء... لم يروا في هذا العالم الذي هو محضر الحق تبارك وتعالى سوى ساحة للعشق ليس فيها إلاّ المعشوق، فكل ما سواه عدم، والعدم لا يمكن مقارنته بالكمال مهما كانت المعرفة به متواضعة وغير معمقة.
جاء في الدعاء المروي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلهي ما عبدناك حق عبادتك, وما عرفناك حق معرفتك..
العبادة هنا هي طريق المعرفة, والمعرفة هي طريق المحبة, والمحبة مقدمة للعبادة، ألا يقول البعض عندما يريدون المبالغة في التعبير عن المحبة: أعبده أو أحبه حتى العبادة.
الانتقاد/ العدد1283 ـ 22 تموز/ يوليو 2008
كثيراً ما يردد الناس عبارات ومفاهيم لا يفقهون معانيها أو الإحاطة بها على وجه الدقة على الرغم من احتلالها حيّزاً واسعاً في بنيتهم الفكرية الثقافية. من هذه المفاهيم الغائمة مفهوم الحب الإلهي الذي خاض فيه الخائضون وكتبوا حوله القصائد التي يرددها عامة الناس كما خاصتهم من المتصوفين والعرفاء واصحاب الأحوال والمقامات.
أهل البحث والنظر العقلي الذين لا يولون للجانب القلبي الكشفي كبير عناية على مستوى الاستدلال ساهموا في الموضوع على طريقتهم في طرح الأسئلة ومنها: كيف يمكن للمحدود أن يحب اللامحدود أو المطلق؟ والعكس كيف يمكن للكامل أن يحب النقص؟ كيف يمكن للمرء أن يحب ما لا يعرفه؟ أليست المعرفة سابقة والمحبة لاحقة؟ وهل يمكن للمحدود أن يعرف اللامحدود؟
المعرفة والمحبة وكلاهما واحد لأنك إذا عرفته لا يمكنك إلا أن تحبه، والمعرفة مسار وطريق لذلك كثيراً ما يردد أهل العرفاء كلمات من قبيل الصراط والطريق والسير والسلوك. الحب هنا مسار وليس قراراً، إنه أقرب إلى المشوار الحياتي منه إلى المحطة العابرة, هو ليس درباً من هذه الدروب التي يقطعها سالكو طريق المعرفة. إنه الدرب الوحيد الذي يفضي إلى اللقاء في نهاية المطاف يوم يقوم الناس إلى ربهم. إنه مشوار العمر الذي تهاوى العشاق على جنباته أنبياء وعلماء وعرفاء وشهداء... لم يروا في هذا العالم الذي هو محضر الحق تبارك وتعالى سوى ساحة للعشق ليس فيها إلاّ المعشوق، فكل ما سواه عدم، والعدم لا يمكن مقارنته بالكمال مهما كانت المعرفة به متواضعة وغير معمقة.
جاء في الدعاء المروي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلهي ما عبدناك حق عبادتك, وما عرفناك حق معرفتك..
العبادة هنا هي طريق المعرفة, والمعرفة هي طريق المحبة, والمحبة مقدمة للعبادة، ألا يقول البعض عندما يريدون المبالغة في التعبير عن المحبة: أعبده أو أحبه حتى العبادة.
الانتقاد/ العدد1283 ـ 22 تموز/ يوليو 2008