ارشيف من :أخبار عالمية
مجالس الصحوات في العراق..انجازات آنية ومخاوف مستقبلية

بغداد ـ عادل الجبوري
مع مرور الوقت أخذت مجالس الصحوات تشغل حيزا واسعا من الاهتمام في الدوائر والمحافل السياسية العراقية وغير العراقية المعنية بالشأن العراقي، حيث برز الاختلاف في النظر إليها بين طرف وآخر. فمنهم من اعتبر أن ايجابياتها يمكن أن تغطي على سلبياتها، متخذا من التأثير المباشر لهذه المجالس على عمل تنظيم القاعدة في العراق، ومنهم من اعتبر أنه برغم هذا التأثير فهذه التجربة لها تأثيرات خطيرة على مستقبل الدولة العراقية ككل، معددا جملة أسباب من بينها:
ـ ان عددا غير قليل من منتسبي تلك المجالس والمنخرطين فيها هم من الذين حملوا السلاح ضد الحكومة والدولة ونفذوا أعمالا مسلحة ربما تكون قد تسببت بإزهاق أرواح وسفك دماء أناس أبرياء كثيرين، وتدمير وتخريب ممتلكات عامة وخاصة، بعبارة أوضح ان تنظيمات لها عناوينها الواضحة مثل كتائب ثورة العشرين التي كانت في يوم من الأيام تقف في صف تنظيم القاعدة، ان لم يكن في الاطر والبنى والسياسية والفكرية فبالممارسة والسلوك والمنهج، أصبحت تشكل احد مكونات مجالس الصحوة.
ـ مع مرور الوقت تزايدت اعداد منتسبي مجالس الصحوة حتى بلغت عشرات الالاف من الاشخاص، بحيث ناهزت المئة ألف، وباتوا يشكلون رقما لا يستهان به من ناحية الكم في المعادلات الأمنية على أرض الواقع.
ـ تعد العشائر السنية في المناطق التي كانت تمثل قواعد ومنطلقات لتنظيم القاعدة احد الروافد الأساسية لتشكيلات مجالس الصحوة في مختلف مناطق العراق، ان لم تكن تعد الهيكل والمنظم الرئيسي لها الى جانب قوات الاحتلال.
ـ تُمول مجالس الصحوة ماديا وتسليحيا من قبل قوات الاحتلال، الامر الذي يستتبع ان تتولى تلك القوات الإشراف عليها ما دامت قضية التمويل والاسناد تتم من قبلها.
ـ الطريقة التي يجري فيها اختيار وقبول المتقدمين للانخراط في مجالس الصحوة، والجهة المخولة البت في الطلبات، وكيفية التعاطي مع طلبات المتقدمين للانضمام لتلك المجالس من الذين كانوا في يوم من الايام ضمن المجاميع الإرهابية المسلحة، وكذلك كيفية التعاطي مع الذين ضُموا من دون تمحيص وتدقيق كافيين.
وقد حذرت شخصيات دينية وسياسية عديدة من الجوانب السلبية المترتبة على تشكيل مجالس الصحوات مستقبلا.
فإمام جمعة النجف الأشرف السيد صدر الدين القبانجي كان قد اشار قبل فترة من الزمن الى وجود قلق لدى مواقع سياسية متقدمة في العراق من قيام قوات الاحتلال بتسليح أبناء العشائر، من ان تؤدي تلك العملية الى اندلاع صراعات طائفية من قبل تلك العشائر في عدة محافظات، داعيا الى ضرورة ان تنسجم تلك العملية مع سيادة العراق.
وهنا فإن السيد القبانجي توقف عند نقطة مهمة وحساسة وخطيرة، فهو اذا كان قد اشار الى وجود قلق لدى مواقع سياسية متقدمة حيال هذا الموضوع، فإنه في حقيقة الامر يمكن للمتابع بدقة ان يلمس وجود قلق مماثل ان لم يكن اشد لدى فئات وشرائح وقطاعات عديدة من ابناء الشعب العراقي، من ان تفضي الاستراتيجية التي اتبعتها قوات الاحتلال الى نتائج سلبية على المدى الأبعد.
لذلك ليس غريبا ان تنطلق الدعوات من هنا وهناك بضرورة دمج عناصر مجالس الصحوة في الاجهزة الامنية والعسكرية الحكومية بعد فرزها وتمحيصها والتمييز بين الغث والسمين منها مثلما يقولون. وإخضاعها للسياقات التنظيمية والادارية المتعارف عليها في اجهزة الدولة ومؤسساتها، من حيث التخصيصات المالية والتجهيز والاوامر وخطط العمل والتحرك، وفك ارتباطاتها بقوات الاحتلال بأقرب وقت ممكن، هذا الى جانب ان يخضع تشكيل أي مجلس للصحوة في اي منطقة من مناطق العراق لضرورات ومقتضيات الواقع القائم على الارض، لا ان تكون القضية محكومة بمزاجيات وحسابات وامتيازات مادية ومكاسب سياسية.
ولا شك ان مراعاة هذه المسائل وإيجاد الصيغ والمخارج العملية والمناسبة لها من شأنه الحفاظ على المكاسب التي تحققت بواسطة مجالس الصحوات، وفي الوقت ذاته يحول دون تحولها الى قوى مسلحة خارجة عن هياكل الدولة لان ذلك من شأنه ان يفضي الى عسكرة المجتمع وايجاد مظاهر وعناوين مسلحة قد تكون في يوم ما اداة للتقويض الامن والاستقرار بعدما كانت عنصر مساهم بإيجاده.
وحاليا فإن المعطيات تشير الى ان معظم- او كل- منتسبي مجالس الصحوة يتقاضون منحا شهرية من القوات الأميركية، ويتلقون التسليح والدعم اللوجيستي منها، وان ارتباطهم بالقوات العراقية قد لا يتعدى قدرا من التنسيق الذي تديره قوات الاحتلال.
الى جانب ذلك فإن جماعات تنظيم القاعدة نجحت في اختراق بعض مجالس الصحوة، فقد تبين ان هناك عناصر ضالعة بارتكاب اعمال ارهابية ضد المدنيين ومؤسسات الدولة نجحت في الانخراط بمجالس الصحوات، اما بعلم القوات الاميركية، او عن طريق التمويه، باستخدام اسماء مستعارة او الحصول على تزكيات من شخصيات مسؤولة في الدولة.
اضافة الى ذلك فإن بعض آمري مجالس الصحوات ضالعين بقضايا فساد إداري ومالي كبير، مثلما حصل مع آمر مجلس صحوة العامرية المكنى بـ ابو العبد) الذي هرب من العراق الى الاردن ثم الى الدانمارك بعد صدور امر قضائي بالقبض عليه، على خلفية سرقته مئات الآلاف من الدولارات التي كان يتسلمها كرواتب للعناصر التابعين له.
وكذلك فإن بعض منتسبي مجالس الصحوة يتصرفون ويتعاملون من منطلقات طائفية، وهم يكررون بشكل او بآخر اساليب وممارسات عصابات تنظيم القاعدة، وهذا ما حصل من قبل في منطقة السيدية وفي مناطق اخرى داخل بغداد وخارجها.
الانتقاد/ العدد1283 ـ 22 تموز/ يوليو 2008
مع مرور الوقت أخذت مجالس الصحوات تشغل حيزا واسعا من الاهتمام في الدوائر والمحافل السياسية العراقية وغير العراقية المعنية بالشأن العراقي، حيث برز الاختلاف في النظر إليها بين طرف وآخر. فمنهم من اعتبر أن ايجابياتها يمكن أن تغطي على سلبياتها، متخذا من التأثير المباشر لهذه المجالس على عمل تنظيم القاعدة في العراق، ومنهم من اعتبر أنه برغم هذا التأثير فهذه التجربة لها تأثيرات خطيرة على مستقبل الدولة العراقية ككل، معددا جملة أسباب من بينها:
ـ ان عددا غير قليل من منتسبي تلك المجالس والمنخرطين فيها هم من الذين حملوا السلاح ضد الحكومة والدولة ونفذوا أعمالا مسلحة ربما تكون قد تسببت بإزهاق أرواح وسفك دماء أناس أبرياء كثيرين، وتدمير وتخريب ممتلكات عامة وخاصة، بعبارة أوضح ان تنظيمات لها عناوينها الواضحة مثل كتائب ثورة العشرين التي كانت في يوم من الأيام تقف في صف تنظيم القاعدة، ان لم يكن في الاطر والبنى والسياسية والفكرية فبالممارسة والسلوك والمنهج، أصبحت تشكل احد مكونات مجالس الصحوة.
ـ مع مرور الوقت تزايدت اعداد منتسبي مجالس الصحوة حتى بلغت عشرات الالاف من الاشخاص، بحيث ناهزت المئة ألف، وباتوا يشكلون رقما لا يستهان به من ناحية الكم في المعادلات الأمنية على أرض الواقع.
ـ تعد العشائر السنية في المناطق التي كانت تمثل قواعد ومنطلقات لتنظيم القاعدة احد الروافد الأساسية لتشكيلات مجالس الصحوة في مختلف مناطق العراق، ان لم تكن تعد الهيكل والمنظم الرئيسي لها الى جانب قوات الاحتلال.
ـ تُمول مجالس الصحوة ماديا وتسليحيا من قبل قوات الاحتلال، الامر الذي يستتبع ان تتولى تلك القوات الإشراف عليها ما دامت قضية التمويل والاسناد تتم من قبلها.
ـ الطريقة التي يجري فيها اختيار وقبول المتقدمين للانخراط في مجالس الصحوة، والجهة المخولة البت في الطلبات، وكيفية التعاطي مع طلبات المتقدمين للانضمام لتلك المجالس من الذين كانوا في يوم من الايام ضمن المجاميع الإرهابية المسلحة، وكذلك كيفية التعاطي مع الذين ضُموا من دون تمحيص وتدقيق كافيين.
وقد حذرت شخصيات دينية وسياسية عديدة من الجوانب السلبية المترتبة على تشكيل مجالس الصحوات مستقبلا.
فإمام جمعة النجف الأشرف السيد صدر الدين القبانجي كان قد اشار قبل فترة من الزمن الى وجود قلق لدى مواقع سياسية متقدمة في العراق من قيام قوات الاحتلال بتسليح أبناء العشائر، من ان تؤدي تلك العملية الى اندلاع صراعات طائفية من قبل تلك العشائر في عدة محافظات، داعيا الى ضرورة ان تنسجم تلك العملية مع سيادة العراق.
وهنا فإن السيد القبانجي توقف عند نقطة مهمة وحساسة وخطيرة، فهو اذا كان قد اشار الى وجود قلق لدى مواقع سياسية متقدمة حيال هذا الموضوع، فإنه في حقيقة الامر يمكن للمتابع بدقة ان يلمس وجود قلق مماثل ان لم يكن اشد لدى فئات وشرائح وقطاعات عديدة من ابناء الشعب العراقي، من ان تفضي الاستراتيجية التي اتبعتها قوات الاحتلال الى نتائج سلبية على المدى الأبعد.
لذلك ليس غريبا ان تنطلق الدعوات من هنا وهناك بضرورة دمج عناصر مجالس الصحوة في الاجهزة الامنية والعسكرية الحكومية بعد فرزها وتمحيصها والتمييز بين الغث والسمين منها مثلما يقولون. وإخضاعها للسياقات التنظيمية والادارية المتعارف عليها في اجهزة الدولة ومؤسساتها، من حيث التخصيصات المالية والتجهيز والاوامر وخطط العمل والتحرك، وفك ارتباطاتها بقوات الاحتلال بأقرب وقت ممكن، هذا الى جانب ان يخضع تشكيل أي مجلس للصحوة في اي منطقة من مناطق العراق لضرورات ومقتضيات الواقع القائم على الارض، لا ان تكون القضية محكومة بمزاجيات وحسابات وامتيازات مادية ومكاسب سياسية.
ولا شك ان مراعاة هذه المسائل وإيجاد الصيغ والمخارج العملية والمناسبة لها من شأنه الحفاظ على المكاسب التي تحققت بواسطة مجالس الصحوات، وفي الوقت ذاته يحول دون تحولها الى قوى مسلحة خارجة عن هياكل الدولة لان ذلك من شأنه ان يفضي الى عسكرة المجتمع وايجاد مظاهر وعناوين مسلحة قد تكون في يوم ما اداة للتقويض الامن والاستقرار بعدما كانت عنصر مساهم بإيجاده.
وحاليا فإن المعطيات تشير الى ان معظم- او كل- منتسبي مجالس الصحوة يتقاضون منحا شهرية من القوات الأميركية، ويتلقون التسليح والدعم اللوجيستي منها، وان ارتباطهم بالقوات العراقية قد لا يتعدى قدرا من التنسيق الذي تديره قوات الاحتلال.
الى جانب ذلك فإن جماعات تنظيم القاعدة نجحت في اختراق بعض مجالس الصحوة، فقد تبين ان هناك عناصر ضالعة بارتكاب اعمال ارهابية ضد المدنيين ومؤسسات الدولة نجحت في الانخراط بمجالس الصحوات، اما بعلم القوات الاميركية، او عن طريق التمويه، باستخدام اسماء مستعارة او الحصول على تزكيات من شخصيات مسؤولة في الدولة.
اضافة الى ذلك فإن بعض آمري مجالس الصحوات ضالعين بقضايا فساد إداري ومالي كبير، مثلما حصل مع آمر مجلس صحوة العامرية المكنى بـ ابو العبد) الذي هرب من العراق الى الاردن ثم الى الدانمارك بعد صدور امر قضائي بالقبض عليه، على خلفية سرقته مئات الآلاف من الدولارات التي كان يتسلمها كرواتب للعناصر التابعين له.
وكذلك فإن بعض منتسبي مجالس الصحوة يتصرفون ويتعاملون من منطلقات طائفية، وهم يكررون بشكل او بآخر اساليب وممارسات عصابات تنظيم القاعدة، وهذا ما حصل من قبل في منطقة السيدية وفي مناطق اخرى داخل بغداد وخارجها.
الانتقاد/ العدد1283 ـ 22 تموز/ يوليو 2008