ارشيف من :أخبار لبنانية

..وعادوا الى مارون وعيناتا وأرنون وميس الجبل: رجال نالوا الحسنيين: النصر والشهادة

..وعادوا الى مارون وعيناتا وأرنون وميس الجبل: رجال نالوا الحسنيين: النصر والشهادة
كتب علي الصغير
.. تعود الشهادة لتعبق في فضاءات النصر، من هنا من حيث كان النصر، مارون الراس، عيناتا، وبنت جبيل، عيتا الجبل وأرنون وكل زوايا هذه الارض التي اذاقت المعتدي طعم الهزيمة المرة، ورسمت تلاوين صورة الغد القادم الملون بوعد الآخرة.
ثمانية شهداء ممن صدقوا فقضوا، عادوا يحملون عبق تراب فلسطين مبشرين بالنصر الحاسم.
الى عيتا الجبل وجوادها محمد دمشق، صاحب اهازيج النصر في معركة مارون الراس، صياد الدبابات بنخبتها، وهدف الطائرات التي ازعجها صوته فأصبح معركتها ونسيت "شرق اوسطها الجديد".
بالامس عندما عاد جواد الى عيتا الجبل، دخلها شهيدا فاتحا ابواب الحرية لمستقبليه، مكملا صدق الوعد.
بين المستقبلين الكثر لجواد ملاكه الصغيرة "فاطمة" التي ما عرفته وقد ولدت بعد استشهاده، حملت على اكف الاقارب الى نعش والدها الشهيد، طبعت قبلتها الحنونة على النعش امامها وانتظرت، وبكت على على ما تبكي عليه امها وجدتها ام الجوادين التي تودع شهيدها الثاني بعد بكرها رياض.
فارس عيتا الشاب، التحق بصفوف المقاومة وهو صبي، متخذا من اخيه رياض الذي سبقه للشهادة قدوة له حتى التحق به، اما اخر معاركه فكانت في أحد بيوت البلدة التي "تلطت" فيها مجموعة من الجيش الإسرائيلي حيث كان جواد يرصد تحركاتهم، فما ان استقروا داخل المنزل حتى تسلل من الخلف وقتل اثنين منهم كانا يتوليان حراسة الجهة الخلفية، فأعلن على الجهاز أيضاً مصرعهما مبشراً بالنصر القريب، وأكمل التفافه الى مدخل المنزل حيث كانت تكمن له القوة فعاجلته برشقات رشاشة من خلف الباب دون أن تجرؤ على مواجهته وجهاً لوجه، وهناك سقط جواد شهيداً وأسيراً وأكملت مجموعته طريقه.
الى عيناتا عاد فرسانها الثلاثة محملين على اكتاف المجد، عادوا وشقوا دروب البلدة وساحاتها تزفهم جماهير المقاومة الى روضتهم ورضوانهم..
بالامس عندما شيعت بلدة عيناتا العاملية شهداء الوعد الصادق موسى خنافر، زيد حيدر ومروان سمحات سجلت هذه البلدة المقاومة حصتها من النصر الالهي الذي تحقق في تموز ـ آب 2006، ففرسانها الذين خاضوا معارك الانتصار على مربع التحرير (مارون الراس – عيترون – بنت جبيل وعيناتا) خطوا بجهادهم ومن ثم بشهادتهم ودمائهم صورة المستقبل الاتي.
والى بيته عاد الشهيد موسى خنافر، عاد للمرة الاخيرة على غير عادته، عاد بغير هدوئه وسكونه المعتادين، وتعرف الى وعده "وعد" التي ولدت يوم استشهاده وبلغت اليوم العامين من عمرها، عاد اليها لمرة واحدة ليتعارفا وليضربا موعدا آجلاً، فاللقاء في جنة الرضوان..
وزيد حيدر عاد الى منزل ذويه ليؤكد لوالده ما كان قاله له قبل استشهاده بأنه لم يخلق ليسكن بيوت الدنيا، وهو قد بنى بيتا اجمل من هذا البيت الذي بناه له. يقول والده ابو سعيد "كان كثيرا ما يتملكني احساس داخلي يجعلني دائما في حالة ترقب وانتظار لخبر استشهاده، شيء لم اشعر به مع اخوته وهو اصغرهم"، فقد لاحظت منذ صغره في الكويت انه كان ميالا نحو الصلاة والعبادة برغم البيئة المختلفة التي كنا نعيش فيها هناك، وقد احس بأنه وُلد من جديد عندما عدنا الى لبنان ابان حرب الخليج بين الكويت والعراق، وكان لا يزال صغيراً نسبيا".
ومروان سمحات صغير والده الذي أضنته ايام الغربة وعاد، عاد الى الارض التي أستشهد ولده من اجلها ليسكنها وليقبل كل حبة من تراب الارض التي تضم في ثراها اغلى الناس واعز الناس. تقول والدته "بعاطفتي كنت دائمة الخوف على مروان، وكذلك على باقي اخواته، ولكني لم اكن معترضة على عمله بالمقاومة، فنحن لا نرفع شعار المقاومة ونخبئ اولادنا في البيت، قدوتنا في ذلك سيدنا وسيد المقاومة السيد حسن (نصرالله) حفظه الله وحماه".
والى مارون الراس وشهيديها موسى فارس وحسن كرنيب، اولهما بطل مواجهات البلدة التي شيبت شعر العدو، وتحولت الى ام المعارك بعد ان اعتقد الغزاة انها مجرد "كزدورة"، موسى فارس عاد اليوم الى مارون الراس شهيدا وبالحسنيين "النصر مع الشهادة"، مر موكب تشييعه من امام المنزل الذي حاصرته فيه المجموعة الاسرائيلية دون ان تتمكن من اقتحامه الى ان نفدت ذخيرته وارتفع شهيدا. يقول احد رفاقه عندما اشتدت المعركة في الاسبوع الثاني من العدوان وبدأ الإسرائيليون بالتقدم نحو مارون الرأس واثناء انتقاله من مكان إلى آخر لتأمين الدعم تعرض الشهيد موسى لغارة من مروحية "اباتشي" ما ادى إلى اصابته في القسم السفلي من جسمه، فالتجأ إلى احد المنازل القريبة في وسط البلدة دون ان يحدده لنا وطلب منا عدم الاقتراب، بعد ان رصدته قوة اسرائيلية قامت على الفور بمحاصرة المكان مع استمرار التحليق المكثف للطيران المروحي في اجواء المنطقة ما اعاق حركتنا، ويتابع حسن "لقد انتظرت القوة الإسرائيلية يوما وليلة قبل ان تجرؤ وتتقدم نحو المنزل مع علمهم باصابته، وقد دارت اشتباكات عنيفة برغم جراحه مع القوة المهاجمة انتهت باستشهاده، وقد اعترف العدو لاحقا بضراوة المعركة التي خاضها في احد منازل البلدة".
وحسن كرنيب الذي ضاع طوال العامين الماضيين بين الاسر والشهادة، كان قد سقط بطلا من ابطال مربع التحرير، قاتل حتى أستشهد وما لان أو ضعف، من منزله المطل على فلسطين المحتلة القى حسن نظرته الاخيرة على الارض التي ضمته العامين الفائتين ومضى.
ما يعرفه شباب البلدة ان حسن شارك في المواجهات التي دارت على مربع التحرير حيث خاض مع رفاقه معارك شرسة قبل ان ينقطع الاتصال به ومع هلال علوية من ارنون.
وكذلك ميس الجبل التي كان لها موعد ايضا مع الشهادة، مع شهيدها علي الوزواز احد ابطال معركة مارون الراس الذي لم ينتظر العدو ليتقدم اليه بل لاقاه هناك على التلة المطلة على الارض الحبيبة فلسطين، فلم تجرؤ على مواجهة المجموعة التي كان فيها الا طائرة تجسس فأستشهد بغارة جوية بعد ان هزم عدوه على الارض.
الانتقاد/ العدد1283 ـ 22 تموز/ يوليو 2008
2008-07-22