ارشيف من :أخبار عالمية

في ظل المنع الصهيوني لدخول الأدوية: نهايات درامية تنتظر "مرضى غزة"

في ظل المنع الصهيوني لدخول الأدوية: نهايات درامية تنتظر "مرضى غزة"
غزة – فادي عبيد
إنها المأساة بأصعب معانيها وأقسى صورها، ألا يجد المريض دواءه، أو أن يُحرم قسراً من تلقي علاجه، فيظل يرقب هو ومن حوله لحظة النهاية، في مشهد درامي يعجز عن كتابته كبار المؤلفين. هكذا هي حال مئات المرضى الفلسطينيين في قطاع غزة الذي يتعرض لحصار خانق منذ ما يزيد عن عامين ونصف العام.
الطفلة علا الشرباصي في الخامسة من عمرها، زهرة من بين نحو 300 حالة مصابة بأمراض سرطان الدم "اللوكيميا"، وأنيميا البحر المتوسط، إلى جانب أمراض الدم الأخرى، ممن أوصدت كل الأبواب في وجوههم للسفر إلى الخارج لاستكمال علاجهم.. التقت "الانتقاد" والدتها مجدداً بعد نحو عام ونصف العام من لقاء مشابه في مستشفى الأطفال بمدينة غزة، حيث ما زال المشهد سوداوياً.

مشوار معاناة
تقول والدة علا: "إن الحصار واستمرار إغلاق المعابر أثر بشكل كبير في صحة ابنتها، حيث انها الآن بحاجة ماسّة إلى بعض الأنواع من الأدوية والحبوب غير المتوافرة".
الشعور بالعجز عن فعل أي شيء لمسناه خلال حديثنا إلى (أم إياد التح)، حين بدأت الحديث عن مشوار معاناتها في علاج ابنها حسن، وصولاً إلى النهاية المؤلمة بوفاته.
تقول أم إياد: "في البداية عولج ابني بالكيماوي فترة طويلة داخل مستشفى تل هاشومير في "إسرائيل"، ولما حاول أن يرجع لاستكمال العلاج رفض الاحتلال إعطاءه تصريحا بحجج أمنية، فتدهورت حاله كثيرا، ولعدم وجود علاج له هنا في غزة فارق الحياة أمام أعيننا".
معاناة المرضى الفلسطينيين وذويهم لم تتوقف على داء دون آخر، حيث تعج أقسام المستشفيات في القطاع يومياً بالمراجعين، لا سيما مرضى الكلى الذين باتت حياتهم مهددة نتيجة نفاد محاليل غسل الكلى وغيرها من المستحضرات الطبية.
يقول الحاج أبو رأفت (62 عاماً): "مش عارفين من وين نتلقاها! يعني فوق معاناتنا مش ملاقيين الدواء، ما في محاليل إلنا، فتم تقليص عدد مرات الغسل أسبوعيا".
هذا الواقع المرير لم يلق بظلاله على المرضى وحدهم، بل وصلت انعكاساته السلبية إلى الخدمات الطبية، حيث حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من عدم دخول العديد من الأدوية والمستهلكات الطبية المستعجلة، لا سيما عقب إعلان الإدارة العامة للصيدلة نفاد أدوية مهمة، في مقدمتها أدوية الكلية الصناعية، وأدوية السرطان، والأمراض المزمنة، إضافة إلى حليب الأطفال (PKU)، الذي يجعل منهم معاقين جدداً، لما له من أهمية كبيرة بالنسبة اليهم.

تحديات وبدائل

د. منير البرش مدير عام الصيدلة في الوزارة، قال في حديث "للانتقاد": "هناك ما يزيد على 67 صنفا من المستلزمات الطبية رصيدها صفر، وما يزيد على 70 صنفا من الأدوية أيضاً رصيدها صفر".
وعن آلية عمل الوزارة في ضوء هذه المعطيات، أوضح البرش أن الوزارة عكفت على الاجتهاد دائماً في التعامل مع مثل هذه الأزمات، وهي بطبيعة الحال كثيرة خلال فترة الحصار، بحيث عملت على إدخال بعض تلك الأدوية بطرائق مختلفة عبر منظمات وهيئات دولية. فيما لم ُتفلح بإدخال أصناف أخرى نتيجة مزاجية الاحتلال وتعاطيه مع هذا الملف الإنساني بنواحٍ أمنية واهية. مشدداً في الوقت ذاته على أن الدواء يجب أن يأتي بشكل مستمر لإنقاذ حياة مليون ونصف مليون إنسان في غزة. ولا يجوز تأجيله، لأن حياة المرضى لا تنتظر المزيد من الصمت الدولي والعربي والإسلامي.
وناشد المسؤول الفلسطيني كل الجهات المعنية التدخل لدى حكومة الاحتلال، وإجبارها على التخلي عن ممارساتها التعسفية وغير الإنسانية بحق الفلسطينيين. كما ناشدها المساهمة في حل هذه الأزمة التي تعادل موازنتها وحدها ما قيمته 30 مليون دولار أميركي سنوياً، وهي مناشدة يأمل الفلسطينيون أن تلقى هذه المرة آذاناً صاغية، وألا يجاوبها الصدى كما كان يحصل سابقاً.
الانتقاد/ العدد 1347 ـ 22 أيار/ مايو 2009
2009-05-22