ارشيف من :آراء وتحليلات
على العهد: البيان الوزاري

كتب إبراهيم الموسوي
على عادته في المماطلة والتسويف، يدأب فريق 14 آذار على المناكفة وتعطيل التوصل إلى اتفاق سريع حول البيان الوزاري.. جلسات تعقبها جلسات ونقاشات مستفيضة، وتوقف عند الحرف والفاصلة والنقطة، ثم مراجعة وتراجع ومحاولة التفاف، ولكن.. إلى متى؟
لن تفيد العرقلة وتأخير إصدار البيان الوزاري فريق 14 آذار في شيء.. العرقلة تقول شيئاً واحداً، ان هذا الفريق لم يستوعب المتغيرات من حوله، ولا أن البساط قد سُحب من تحت قدميه.. العرقلة تراكم سلبيات اضافية وأعباء غير مجدية على الوطن والمواطنين الذين ينوؤون تحت وطأتها منذ زمن.. العرقلة هي مناكفة دونما طائل، ولن يكون لها أي ثمن مقابل، لن تسترجع المعنويات والهيبة، ولن تحسن شروط اللعبة، لأن هذه الأخيرة قد انتهت أو تكاد.
عجيب أمر هذا الفريق وهو يناقش في شأن المقاومة، ألم تكفهم كل الدروس والعبر! ألم تكفهم كل الأمثولات! ماذا يريدون أكثر من ذلك؟
مع انتهاء عدوان تموز 2006 أقرت "اسرائيل" بهزيمة مفجعة، وُثقت وحققت ورفعت أعلامها من قبل لجنة فينوغراد، فيما أصروا هم أن لبنان هُزم. لقد امتدت مصاديق الهزيمة الإسرائيلية إلى الأمس حين جرى التبادل، وأعلن العدو أن شعوره بالألم لا يضاهيه إلا شعوره بالذل، غير أن هؤلاء لم يعنِ لهم هذا الأمر شيئاً.
لقد شكلت المقاومة رافعة للمشروع الوطني اللبناني والعربي باعتراف البعيد قبل القريب، ولقد أرست معادلة استراتيجية تحريرية دفاعية أقر بجدواها العدو قبل الصديق.. لقد ضخت المقاومة في جسم هذه الأمة من المناعة ما يكفي حتى لا تسقط أمام التهويل والضغوط والحصار والحروب.. وشكلت هذه المقاومة حالة ثقافية، ورسخت معالم منهج جديد أعاد للأمة هويتها وتوازنها أمام انقسامات الداخل وضغوط الخارج.. ولكن فريق 14 آذار يصر على تطبيق المثل القائل: لا قيمة لنبي في قومه!
ألم يئن لهؤلاء أن يتوقفوا قليلاً لمراجعة حساباتهم وما جنوه جرّاء المكابرة وعرقلة الحلول؟! ألم يكفهم ما أنزلوه بالبلد وأهله من خسائر سياسية واقتصادية جسيمة بسبب استئثارهم بالسلطة ورهاناتهم على الخارج؟! ثم ما هي الرهانات الجديدة التي يمكن لآمالهم أن تنعقد عليها، ولطموحاتهم أن تتجسد بفعلها؟
إنه فعل المكابرة الذي لن يجلب للبلد إلا الخسارة ولهم الندامة، اذا ما استفاقوا يوماً.
لقد تبدل المشهد بشقيه المحلي والإقليمي أيها السادة، يقول الواقع، وهذا التبدل لم يأتِ في خدمة المشروع الذي رهنتم أنفسكم وحساباتكم والوطن له. ومقتضى الحكمة حين تكتشف جماعة سياسية ما عقم رهاناتها أن توقف هذه الرهانات، لا أن تستمر في اللعبة الخاسرة.
ما فعلته المعارضة منذ اليوم الأول أنها وضعت حسابات الوطن ومصلحة المواطنين فوق كل اعتبار، أثبتت ذلك في أدبياتها وسلوكياتها في القول والفعل، في الشعار والممارسة، لم تعتبر أن هناك رابحا وخاسرا بعد 7 أيار، فلم تضع شروطاً سياسية جديدة، ولا انقلبت على عهود واتفاقات سابقة، بل وضعت كل انجاز في خدمة الوطن. والسؤال: لماذا يصر فريق 14 آذار على العرقلة؟
يصرّ هؤلاء لأسباب غير مفهومة تتصل بما تبقى من حسابات واهمة بضربة قادمة لإيران، ما يضعف حلفاءها وأصدقاءها في لبنان والمنطقة. ويظنون حينئذ أن المنطقة ستنتقل من طور إلى آخر. ربما كان ذلك صحيحاً اذا ما حصلت الضربة، لكن من قال إنها ستوفر انتقالاً إلى طورٍ يصب في مصلحتهم؟ في الأمر كثير شك.
مهما يكن، العبر كثيرة والاعتبار قليل، بل قل نادر. البيان الوزاري سيجد طريقه إلى الصدور، وستكون فيه للحسابات الوطنية الخالصة وعلى رأسها المقاومة كل نصيب، ولن يكون هناك تفريط بالثوابت. لا أحد يحتاج إلى إثباتات في ذلك، لقد انتظر اللبنانيون طويلاً، فلا بأس من بعض انتظار. يقولون الأمور بخواتيمها، والعبرة دائماً في خواتم الأمور، عساها تكون كما يريد غالبية اللبنانيين، طافحة بالخير الذي جلبته المقاومة نصراً وعزاً وكرامة، وإن شاء الله ستكون.
الانتقاد/ العدد1284 ـ 25 تموز/ يوليو 2008
على عادته في المماطلة والتسويف، يدأب فريق 14 آذار على المناكفة وتعطيل التوصل إلى اتفاق سريع حول البيان الوزاري.. جلسات تعقبها جلسات ونقاشات مستفيضة، وتوقف عند الحرف والفاصلة والنقطة، ثم مراجعة وتراجع ومحاولة التفاف، ولكن.. إلى متى؟
لن تفيد العرقلة وتأخير إصدار البيان الوزاري فريق 14 آذار في شيء.. العرقلة تقول شيئاً واحداً، ان هذا الفريق لم يستوعب المتغيرات من حوله، ولا أن البساط قد سُحب من تحت قدميه.. العرقلة تراكم سلبيات اضافية وأعباء غير مجدية على الوطن والمواطنين الذين ينوؤون تحت وطأتها منذ زمن.. العرقلة هي مناكفة دونما طائل، ولن يكون لها أي ثمن مقابل، لن تسترجع المعنويات والهيبة، ولن تحسن شروط اللعبة، لأن هذه الأخيرة قد انتهت أو تكاد.
عجيب أمر هذا الفريق وهو يناقش في شأن المقاومة، ألم تكفهم كل الدروس والعبر! ألم تكفهم كل الأمثولات! ماذا يريدون أكثر من ذلك؟
مع انتهاء عدوان تموز 2006 أقرت "اسرائيل" بهزيمة مفجعة، وُثقت وحققت ورفعت أعلامها من قبل لجنة فينوغراد، فيما أصروا هم أن لبنان هُزم. لقد امتدت مصاديق الهزيمة الإسرائيلية إلى الأمس حين جرى التبادل، وأعلن العدو أن شعوره بالألم لا يضاهيه إلا شعوره بالذل، غير أن هؤلاء لم يعنِ لهم هذا الأمر شيئاً.
لقد شكلت المقاومة رافعة للمشروع الوطني اللبناني والعربي باعتراف البعيد قبل القريب، ولقد أرست معادلة استراتيجية تحريرية دفاعية أقر بجدواها العدو قبل الصديق.. لقد ضخت المقاومة في جسم هذه الأمة من المناعة ما يكفي حتى لا تسقط أمام التهويل والضغوط والحصار والحروب.. وشكلت هذه المقاومة حالة ثقافية، ورسخت معالم منهج جديد أعاد للأمة هويتها وتوازنها أمام انقسامات الداخل وضغوط الخارج.. ولكن فريق 14 آذار يصر على تطبيق المثل القائل: لا قيمة لنبي في قومه!
ألم يئن لهؤلاء أن يتوقفوا قليلاً لمراجعة حساباتهم وما جنوه جرّاء المكابرة وعرقلة الحلول؟! ألم يكفهم ما أنزلوه بالبلد وأهله من خسائر سياسية واقتصادية جسيمة بسبب استئثارهم بالسلطة ورهاناتهم على الخارج؟! ثم ما هي الرهانات الجديدة التي يمكن لآمالهم أن تنعقد عليها، ولطموحاتهم أن تتجسد بفعلها؟
إنه فعل المكابرة الذي لن يجلب للبلد إلا الخسارة ولهم الندامة، اذا ما استفاقوا يوماً.
لقد تبدل المشهد بشقيه المحلي والإقليمي أيها السادة، يقول الواقع، وهذا التبدل لم يأتِ في خدمة المشروع الذي رهنتم أنفسكم وحساباتكم والوطن له. ومقتضى الحكمة حين تكتشف جماعة سياسية ما عقم رهاناتها أن توقف هذه الرهانات، لا أن تستمر في اللعبة الخاسرة.
ما فعلته المعارضة منذ اليوم الأول أنها وضعت حسابات الوطن ومصلحة المواطنين فوق كل اعتبار، أثبتت ذلك في أدبياتها وسلوكياتها في القول والفعل، في الشعار والممارسة، لم تعتبر أن هناك رابحا وخاسرا بعد 7 أيار، فلم تضع شروطاً سياسية جديدة، ولا انقلبت على عهود واتفاقات سابقة، بل وضعت كل انجاز في خدمة الوطن. والسؤال: لماذا يصر فريق 14 آذار على العرقلة؟
يصرّ هؤلاء لأسباب غير مفهومة تتصل بما تبقى من حسابات واهمة بضربة قادمة لإيران، ما يضعف حلفاءها وأصدقاءها في لبنان والمنطقة. ويظنون حينئذ أن المنطقة ستنتقل من طور إلى آخر. ربما كان ذلك صحيحاً اذا ما حصلت الضربة، لكن من قال إنها ستوفر انتقالاً إلى طورٍ يصب في مصلحتهم؟ في الأمر كثير شك.
مهما يكن، العبر كثيرة والاعتبار قليل، بل قل نادر. البيان الوزاري سيجد طريقه إلى الصدور، وستكون فيه للحسابات الوطنية الخالصة وعلى رأسها المقاومة كل نصيب، ولن يكون هناك تفريط بالثوابت. لا أحد يحتاج إلى إثباتات في ذلك، لقد انتظر اللبنانيون طويلاً، فلا بأس من بعض انتظار. يقولون الأمور بخواتيمها، والعبرة دائماً في خواتم الأمور، عساها تكون كما يريد غالبية اللبنانيين، طافحة بالخير الذي جلبته المقاومة نصراً وعزاً وكرامة، وإن شاء الله ستكون.
الانتقاد/ العدد1284 ـ 25 تموز/ يوليو 2008