ارشيف من :أخبار لبنانية
البيان الوزاري: أزمة شبيهة بأزمة التأليف

كتب هلال السلمان
هل بات لبنان أمام "أزمة بيان وزاري" لن تكون له ولادة الا بطريقة قيصرية كما حصل في أزمة تشكيل الحكومة التي لم تولد الا بطريقة قيصرية بعد شهر ونصف من المماطلة التي مارسها فريق الموالاة قبل ان يخضع للواقع الجديد الذي ارسته انتفاضة السابع من ايار؟
معظم المؤشرات الحاصلة تدلل على هذا الامر خصوصا بعدما بدا التأخير في انجاز البيان غير مبرر بعد اكثر من عشرة ايام على ولادة الحكومة.
وقد كانت "الانتقاد" سبّاقة في طرح التساؤلات عن السبب في التأخير في انجاز البيان الوزاري الثلاثاء الماضي، وعما اذا كان للأمر علاقة بتأخير زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى دمشق بعد تلقيه دعوة رسمية بهذا الشأن من الرئيس السوري بشار الأسد سلمه إياها وزير الخارجية وليد المعلم خلال زيارته الاخيرة الى بيروت, وجاء بيان رئاسة الجمهورية عن موضوع الزيارة وربطها بالانتهاء من البيان الوزاري ليؤكد ما كان قد طرح من تساؤلات، وان تأخير انجاز البيان الوزاري يحول دون حصول هذه الزيارة.
وتلفت المصادر إلى انه بقدر ما يربط بيان الرئاسة الاولى بين الزيارة وانجاز البيان الوزاري فانه يعبر في الوقت نفسه عن الاستياء من الإبطاء في إنجاز هذا البيان، وهو يهدف أيضا إلى توجيه رسالة لمن يعنيه الأمر بضرورة الإسراع في إنجاز البيان لإتمام زيارة الرئيس سليمان الى سوريا مثلما كان ضغط في اللحظة الاخيرة لانجاز تشكيل الحكومة قبل سفره الى باريس للمشاركة في قمة الاتحاد المتوسطي قبيل منتصف الشهر الجاري.
وتستغرب الاوساط المتابعة هذه العرقلة لزيارة سليمان الى دمشق، وخصوصا ان آمالا كبيرة يعلقها عليها البلدان لما سيكون لنتائجها من انعكاسات ايجابية لمستقبل العلاقة بين البلدين من عودة التعاون السياسي والاقتصادي.
تحذير بري
وفي سياق التحذير من المماطلة في انجاز البيان الوزاري جاء الموقف اللافت لرئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الاربعاء من قصر بعبدا بعد لقائه الرئيس سليمان حيث اكد على ضرورة الانتهاء من البيان سريعا، وخصوصا ان القضايا الاساسية متفق عليها مسبقا ضمن اتفاق الدوحة، وتبقى الاستراتيجية الدفاعية الى مؤتمر الحوار الذي سيرعاه لاحقا رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وقد اخذ الرئيس بري على لجنة صياغة البيان الوزاري اخذها للدور الذي يفترض ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيقوم به لاحقا عبر مؤتمر الحوار الذي سيعقد في قصر بعبدا، والذي بدأت تحضيراته العملية تأخذ طريقها من خلال الزيارات التي بدأها المستشار السياسي للرئيس سليمان ناظم الخوري على المرجعيات السياسية.
في هذه الاثناء كانت اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري تواصل جلساتها في السراي الكبير برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة دون ان تحقق الاختراق المنشود بشأن موضوع المقاومة والعلاقة مع سوريا.
وفي الموضوع الاول تتمسك المعارضة بضرورة تضمين البيان الوزاري بندا يؤكد على دعم المقاومة لتحرير باقي الاراضي المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وفق ما كان واردا في البيان الوزاري للحكومة السابقة مع لحظ التطورات التي حصلت لاحقا، وهي ترفض ترحيل هذا البند الى جلسات الحوار لاحقا, بينما يسعى فريق الموالاة الى صيغة لا تتضمن دعما للمقاومة وكأنه يعيش خارج الزمن الراهن الذي بات فيه عنوان الممانعة والمقاومة هو الاساس، في حين تعرض المشروع الاميركي ـ الصهيوني في المنطقة لضربة قوية من قبل قوى الممانعة وهو امر ستتكرس معادلته على الساحة اللبنانية، وبالتالي ليس باستطاعة فريق السلطة فرض شروطه على المعارضة في هذا السياق وفق ما تؤكد مصادر المعارضة التي تتوقع ان يقر البيان الوزاري في نهاية المطاف بما يتلاءم مع موقفها بشأن موضوع سلاح المقاومة. وتذكر المصادر انه كما تمسكت المعارضة بموقفها خلال مناقشات تشكيل الحكومة وعدم خضوعها للابتزاز برغم التأخير الذي حصل في تأليف الحكومة فإن المعارضة لن تخضع ايضا للابتزاز في موضوع البيان الوزاري.
أما بشأن موضوع العلاقة مع سوريا فإن فريق السلطة الذي نادى بالعلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا على مدى السنوات الثلاث الماضية بات الان يتهيب من هذه العلاقات بعدما وافقت سوريا بشكل رسمي على هذا الامر, وفي سياق عرقلة هذا التوجه برز في جلسات لجنة صياغة البيان الوزاري تقديم فريق الموالاة مسألة المطالبة بانجاز ترسيم الحدود على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا، وهو ما يصب في خطة تعطيل عودة العلاقات الى طبيعتها بين لبنان وسوريا.
بالإجمال فإن أزمة واضحة باتت ماثلة في موضوع البيان الوزاري بحاجة الى تذليل وتدخلات لجعل الحكومة تقلّع في مهامها، وخصوصا معالجة الازمة الاقتصادية المعيشية المستفحلة والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة عبر اقرار مجلس النواب قانون الانتخاب الذي نص عليه اتفاق الدوحة. وحتى تتحقق المخارج المرجوة فإن الوضع السياسي في البلاد يعيش حالا من المراوحة التي تنعكس سلبا على اكثر من صعيد.
الانتقاد/ العدد1284 ـ 25 تموز/ يوليو 2008
هل بات لبنان أمام "أزمة بيان وزاري" لن تكون له ولادة الا بطريقة قيصرية كما حصل في أزمة تشكيل الحكومة التي لم تولد الا بطريقة قيصرية بعد شهر ونصف من المماطلة التي مارسها فريق الموالاة قبل ان يخضع للواقع الجديد الذي ارسته انتفاضة السابع من ايار؟
معظم المؤشرات الحاصلة تدلل على هذا الامر خصوصا بعدما بدا التأخير في انجاز البيان غير مبرر بعد اكثر من عشرة ايام على ولادة الحكومة.
وقد كانت "الانتقاد" سبّاقة في طرح التساؤلات عن السبب في التأخير في انجاز البيان الوزاري الثلاثاء الماضي، وعما اذا كان للأمر علاقة بتأخير زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى دمشق بعد تلقيه دعوة رسمية بهذا الشأن من الرئيس السوري بشار الأسد سلمه إياها وزير الخارجية وليد المعلم خلال زيارته الاخيرة الى بيروت, وجاء بيان رئاسة الجمهورية عن موضوع الزيارة وربطها بالانتهاء من البيان الوزاري ليؤكد ما كان قد طرح من تساؤلات، وان تأخير انجاز البيان الوزاري يحول دون حصول هذه الزيارة.
وتلفت المصادر إلى انه بقدر ما يربط بيان الرئاسة الاولى بين الزيارة وانجاز البيان الوزاري فانه يعبر في الوقت نفسه عن الاستياء من الإبطاء في إنجاز هذا البيان، وهو يهدف أيضا إلى توجيه رسالة لمن يعنيه الأمر بضرورة الإسراع في إنجاز البيان لإتمام زيارة الرئيس سليمان الى سوريا مثلما كان ضغط في اللحظة الاخيرة لانجاز تشكيل الحكومة قبل سفره الى باريس للمشاركة في قمة الاتحاد المتوسطي قبيل منتصف الشهر الجاري.
وتستغرب الاوساط المتابعة هذه العرقلة لزيارة سليمان الى دمشق، وخصوصا ان آمالا كبيرة يعلقها عليها البلدان لما سيكون لنتائجها من انعكاسات ايجابية لمستقبل العلاقة بين البلدين من عودة التعاون السياسي والاقتصادي.
تحذير بري
وفي سياق التحذير من المماطلة في انجاز البيان الوزاري جاء الموقف اللافت لرئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الاربعاء من قصر بعبدا بعد لقائه الرئيس سليمان حيث اكد على ضرورة الانتهاء من البيان سريعا، وخصوصا ان القضايا الاساسية متفق عليها مسبقا ضمن اتفاق الدوحة، وتبقى الاستراتيجية الدفاعية الى مؤتمر الحوار الذي سيرعاه لاحقا رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وقد اخذ الرئيس بري على لجنة صياغة البيان الوزاري اخذها للدور الذي يفترض ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيقوم به لاحقا عبر مؤتمر الحوار الذي سيعقد في قصر بعبدا، والذي بدأت تحضيراته العملية تأخذ طريقها من خلال الزيارات التي بدأها المستشار السياسي للرئيس سليمان ناظم الخوري على المرجعيات السياسية.
في هذه الاثناء كانت اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري تواصل جلساتها في السراي الكبير برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة دون ان تحقق الاختراق المنشود بشأن موضوع المقاومة والعلاقة مع سوريا.
وفي الموضوع الاول تتمسك المعارضة بضرورة تضمين البيان الوزاري بندا يؤكد على دعم المقاومة لتحرير باقي الاراضي المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وفق ما كان واردا في البيان الوزاري للحكومة السابقة مع لحظ التطورات التي حصلت لاحقا، وهي ترفض ترحيل هذا البند الى جلسات الحوار لاحقا, بينما يسعى فريق الموالاة الى صيغة لا تتضمن دعما للمقاومة وكأنه يعيش خارج الزمن الراهن الذي بات فيه عنوان الممانعة والمقاومة هو الاساس، في حين تعرض المشروع الاميركي ـ الصهيوني في المنطقة لضربة قوية من قبل قوى الممانعة وهو امر ستتكرس معادلته على الساحة اللبنانية، وبالتالي ليس باستطاعة فريق السلطة فرض شروطه على المعارضة في هذا السياق وفق ما تؤكد مصادر المعارضة التي تتوقع ان يقر البيان الوزاري في نهاية المطاف بما يتلاءم مع موقفها بشأن موضوع سلاح المقاومة. وتذكر المصادر انه كما تمسكت المعارضة بموقفها خلال مناقشات تشكيل الحكومة وعدم خضوعها للابتزاز برغم التأخير الذي حصل في تأليف الحكومة فإن المعارضة لن تخضع ايضا للابتزاز في موضوع البيان الوزاري.
أما بشأن موضوع العلاقة مع سوريا فإن فريق السلطة الذي نادى بالعلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا على مدى السنوات الثلاث الماضية بات الان يتهيب من هذه العلاقات بعدما وافقت سوريا بشكل رسمي على هذا الامر, وفي سياق عرقلة هذا التوجه برز في جلسات لجنة صياغة البيان الوزاري تقديم فريق الموالاة مسألة المطالبة بانجاز ترسيم الحدود على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا، وهو ما يصب في خطة تعطيل عودة العلاقات الى طبيعتها بين لبنان وسوريا.
بالإجمال فإن أزمة واضحة باتت ماثلة في موضوع البيان الوزاري بحاجة الى تذليل وتدخلات لجعل الحكومة تقلّع في مهامها، وخصوصا معالجة الازمة الاقتصادية المعيشية المستفحلة والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة عبر اقرار مجلس النواب قانون الانتخاب الذي نص عليه اتفاق الدوحة. وحتى تتحقق المخارج المرجوة فإن الوضع السياسي في البلاد يعيش حالا من المراوحة التي تنعكس سلبا على اكثر من صعيد.
الانتقاد/ العدد1284 ـ 25 تموز/ يوليو 2008