ارشيف من :آراء وتحليلات
القاتل..

كتب مصطفى خازم
مع اندلاع الحرب العنصرية على مسلمي البوسنة والهرسك، اكتشف المسلمون في العالم ان هناك أخوة لهم في الدين والعقيدة.. يعيشون في قلب أوروبا، ليسوا من المسلمين الوافدين الى تلك البلاد، بل هم من صميم أهلها، بل ومن الطبقات الاساسية فيها.
يومها وكالعادة كانت الشعوب تميل الى النصرة فيما الانظمة تتحجج بضروراتها.. وبدأت التصفية العرقية.. احتشد كل المعادين لمسلمي البوسنة والهرسك في جبهة واحدة..
وتقاطرت الأمة لتقديم الدعم..
ولما بان الانتصار وثبت ان القدرة عند الشعوب.. لم يترك القتلة مئذنة مسجد الا وهدموها.. لم يتركوا قبة مسجد الا وقصفوها، ولما اكتشفوا ان المعالم الحجرية لن تجعل البوسنيين يتخلون عن دينهم.. قرروا "الإبادة"..
فخرج "القاتل".. من جحره لينفذ أكبر جريمة إبادة عنصرية لم تزل قبورها مفتوحة حتى اليوم.. بالالاف كانوا، دفن بعضهم في الوحل.. وبعضهم قتل خنقاً، اما الاطفال فكانوا العدد الاكبر.. وكذلك النساء.. المغتصبات والمقتولات لاحقاً..
أراد قتل المستقبل..
كل ذنبهم انهم مسلمون.. لم يعترفوا بحدود ولا بكيان.. كل ما طالبوا به كان الكرامة والعزة..
"نحن مسلمون".. هكذا كانوا يجيبون لجان الإحصاء التي شكلت وقت الاستفتاء..
كل ذنبهم أنهم قالوا ربنا الله..
أما القاتل فلا دين له..
بالامس القريب.. كان الموعد مع آخر دفعة من شهداء مجزرة سربرنيتشا .. تم التعرف اليهم..
بعد اتفاق "دايتون" فر ثالث الثلاثة المجرمين، وتخفى في شكله وزيه ومهنته.. الا انه بقي "القاتل"..
ثلاثة عشر عاماً امضاها متخفياً ملتحياً خلف نظارة سوداء..
رادوفان كاردزيتش أشهر مجرم حرب هارب في العصر الحديث، المسؤول عن تنفيذ عمليات التصفيات العرقية وأعمال القتل والتعذيب الوحشي التي شهدتها سراييفو والبوسنة والهرسك في بداية التسعينيات وحتى عام 1994.
والمسؤول عن إصدار أوامر للقوات الصربية بالقيام بأكبر مذبحة للمسلمين في مدينة سربرينتشيا التي راح ضحيتها 8 آلاف مسلم، ومارس أعمال القتل والتعذيب والاغتصاب الجماعي للنساء على مدى 43 شهرا تم خلالها وضع سراييفو تحت الحصار وقصف النيران..
وسط صمت.. كل "القتلة" غير المباشرين..
بالأمس اعتقل القاتل.. او قرر الصرب التخلي عنه ليحصلوا على كرسي في الاتحاد الاوروبي وهم الذين أمّنوا له الحماية طوال هذه الفترة.. والمصير تحدده المحكمة التي طال انتظارها له..
بالامس استعدت صورة فؤاد البوسني، الصحفي الذي حضر الى بيروت ليشرح قضية أبناء سراييفو، كان يعيش الخوف.. قطع آلاف الاميال ليسمع الصوت يومها..
وكذلك آخرون.. وجنود مجهولون.. عملوا لنصرة هذه القضية.. فكانوا شهداء مجهولين فعلاً..
نتذكرهم اليوم كلهم.. لنقول لهم..
وقع ثاني الثلاثي المجرم.. سلوبودان ميلوسوفيتش، ورادوفان كرادزيتش.. ويبقى الأخطر والأكثر إجراماً.. راتكو ملاديتش "دراكولا" القرن..
"أخيرا.. سيحاكم المجرم أخيرا على أفعاله".
بانتظار اعتقال الثالث..
سيبقى قبر سربرينيتشا مفتوحاً.. وسيبقى العار كل العار على من سمع مسلماً ينادي يا للمسلمين ولم يجبه..
بالأمس وصل الأمر الى الرئيس السوداني عمر البشير.. اما ان يبيعها السودان بما فيه ومن فيه.. أو هو "مجرم حرب"..
أما القتلة من بوش الى بلير الى أولمرت.. فهم "معجزة" القرن..
من أجل كرسي.. باع أوباما كل القيم.. فهل ما زلتم تراهنون على أميركا..
هي حرب كَراسٍ.. لا وزن فيها لأحد الا للقوي الذي يتكل على الله.. ويعمل بالزنود السمر التي حررت أسرى وأجساد شهداء في عملية الرضوان.. وستحرر أسرى في صفقة "شاليط" مهما طالت..
من يعتبر.. قبل أن يصل الموسى الى لحيته..
لننتظر ولنرَ..
الانتقاد/ العدد1284 ـ 25 تموز/ يوليو 2008