ارشيف من :أخبار لبنانية
"عروس الجنوب" تزف اليوم/ كتبت سعدى علوه في "السفير"

ولبنان يحتفل بعودة الأسرى الشهداء المحررين على الهواء مباشرة، امتدت يد متعبة، هناك بعيداً في ليبيا، تتلمس جثامين الشهداء العابرة على الشاشة الصغيرة: »نيالكم... نيال أهلكم... يا ريت لو رجع لي شي من سناء ادفنه بتراب الجنوب«، خاطبت أم هيثم محيدلي، والدة عروس الجنوب من استشعرت فيهم »روح سناء«.
وفرحتها بعودة سمير القنطار ورفاقه تسابق حزناً يستوطنها منذ ثلاثة وعشرين عاماً، »لم تبالغ« فاطمة محيدلي في التعاطي مع خسارتها لمن غادرتها من دون وداع تاركة فراغاً »لم يستطع أحد أن يملأه« حتى اليوم.
كانت تبكي طوال الوقت. تمسك بالهاتف وتتصل بعبير، ابنتها، لتقول لها
»قلبي حاسسني إن سناء راجعة معهم«. تترك الهاتف وتركض باتجاه غرفة زوجها »قولك يا يوسف سناء بترجع كمان«. حدس، ردته المرأة التي كانت تجهل أصلاً وجود جثمان ابنتها في مقبرة الأرقام تلك، إلى رغبتها الدفينة في أن يضم القبر الرمزي لرائدة الاستشهاديات شيئاً منها، »ولو خصلة من شعرها الجميل«.
ولماذا خصلة الشعر؟.. لأن إحساس يديها بشعرها وهي تسرحه لم يتركها يوماً. ثلاثة وعشرون عاماً وهي تعيش اللحظات عينها مع كل ضربة مشط في شعر أولادها وأحفادها. هي التهويدة نفسها تستعيدها، خصوصاً وهي ترتب شعر سناء الصغيرة، ابنة عبير: »شعرها متل شعر سناء الكبيرة كمان«. سناء الصغيرة، ابنة الأربع سنوات وحفيدة العائلة المقــاومة، هتفت لـ»المقاومة البطــلة« مع إخوتها يوسف وجهـاد ومحــمد، عندما أطل سمير ورفاقه ووراءهم الجثامين المحررة.
بعد ثلاثة وعشرين عاماً على العملية التي نفذتها سناء محيدلي على معبر باتر ـ جزين، »الذي كان معبر الذل، فحولته سناء إلى معبر العزة والبطولة«، كما يقول يوسف محيدلي والدها، سيكون لأم هيثم مكان »حقيقي« تختلي فيه إلى صبيتها الساكنة في صورة عروس في صدر الدار: »بطلّع فيها وبقول لها يا ريتني شفتك عروس عنجد يا ماما«. أم لا تجد تعارضاً بين عيشها حزنها إلى آخر حرقته وبين »وقفة العز« التي أورثتها إياها سناء. »عزة« لا تحول دون رؤيتها لها »في كل عروس« تراها، وفي كل أم تدخل عليها مع أولادها »بحب لو كانت بتفوت عليّ مع أولادها متل كل الأمهات«.
اليوم، وهي تتبع رفاتها من بيروت إلى عنقون ستزفها كما حلمت طوال ثلاثة وعشرين عاماً »كما هي، كأحلى عروس«، وكما تمنت أن ترى الوطن، »كل الوطن« يودعها كما يليق ببطلة مثلها. واليوم هو »العيد«، اليوم تشعر بالتحرير أكثر وبانتصار المقاومة التي صلت لأجلها طوال ٣٣ يوماً. سيكون لسناء قبر تبكي بقربه من دون أن تشعر أنها »كمن يكذب على نفسه« كما يحصل معها حين كانت تلجأ إلى القبر الفارغ الذي خصص لها في عنقون. والأهم أنها ستطلب أن تختلي بها ولو لدقيقة تخبرها فيها أنها »متعبة وأنها ما تزال تعتب عليها«. متعبة من »فراقها الذي لم ولن يكون عادياً.. ومن عمر صعب يمر بغيابها. ومن الغربة أيضاً«. ستهمس لها بسلام من الشعب الليبي الذي أطلق اسمها على شوارعه ومدارسه ودورات مجنداته والذي حضن عائلتها إكراماً لبطولاتها.
من عينين متعبتين إثر يومين من السفر المتواصل، ينهمر دمع أم هيثم غزيراً، تمسح أم البطلة التي عادت وجزء من الوطن منقسم على مقاومتها، تمسح دموعها لتشكر »سيد المقاومة الذي أعاد الشهداء إلى حضن أرضهم وأهلهم والحزب السوري القومي الاجتماعي الذي لم ينس سناء«.
[ بالأمس عادت عائلة الشهيدة سناء محيدلي إلى لبنان عبر الحدود اللبنانية ـ السورية في منطقة المصنع، قادمة من ليبيا للمشاركة في تشييع رفات ابنتهم عروس الجنوب اليوم في بلدتهم عنقون.
وفرحتها بعودة سمير القنطار ورفاقه تسابق حزناً يستوطنها منذ ثلاثة وعشرين عاماً، »لم تبالغ« فاطمة محيدلي في التعاطي مع خسارتها لمن غادرتها من دون وداع تاركة فراغاً »لم يستطع أحد أن يملأه« حتى اليوم.
كانت تبكي طوال الوقت. تمسك بالهاتف وتتصل بعبير، ابنتها، لتقول لها
»قلبي حاسسني إن سناء راجعة معهم«. تترك الهاتف وتركض باتجاه غرفة زوجها »قولك يا يوسف سناء بترجع كمان«. حدس، ردته المرأة التي كانت تجهل أصلاً وجود جثمان ابنتها في مقبرة الأرقام تلك، إلى رغبتها الدفينة في أن يضم القبر الرمزي لرائدة الاستشهاديات شيئاً منها، »ولو خصلة من شعرها الجميل«.
ولماذا خصلة الشعر؟.. لأن إحساس يديها بشعرها وهي تسرحه لم يتركها يوماً. ثلاثة وعشرون عاماً وهي تعيش اللحظات عينها مع كل ضربة مشط في شعر أولادها وأحفادها. هي التهويدة نفسها تستعيدها، خصوصاً وهي ترتب شعر سناء الصغيرة، ابنة عبير: »شعرها متل شعر سناء الكبيرة كمان«. سناء الصغيرة، ابنة الأربع سنوات وحفيدة العائلة المقــاومة، هتفت لـ»المقاومة البطــلة« مع إخوتها يوسف وجهـاد ومحــمد، عندما أطل سمير ورفاقه ووراءهم الجثامين المحررة.
بعد ثلاثة وعشرين عاماً على العملية التي نفذتها سناء محيدلي على معبر باتر ـ جزين، »الذي كان معبر الذل، فحولته سناء إلى معبر العزة والبطولة«، كما يقول يوسف محيدلي والدها، سيكون لأم هيثم مكان »حقيقي« تختلي فيه إلى صبيتها الساكنة في صورة عروس في صدر الدار: »بطلّع فيها وبقول لها يا ريتني شفتك عروس عنجد يا ماما«. أم لا تجد تعارضاً بين عيشها حزنها إلى آخر حرقته وبين »وقفة العز« التي أورثتها إياها سناء. »عزة« لا تحول دون رؤيتها لها »في كل عروس« تراها، وفي كل أم تدخل عليها مع أولادها »بحب لو كانت بتفوت عليّ مع أولادها متل كل الأمهات«.
اليوم، وهي تتبع رفاتها من بيروت إلى عنقون ستزفها كما حلمت طوال ثلاثة وعشرين عاماً »كما هي، كأحلى عروس«، وكما تمنت أن ترى الوطن، »كل الوطن« يودعها كما يليق ببطلة مثلها. واليوم هو »العيد«، اليوم تشعر بالتحرير أكثر وبانتصار المقاومة التي صلت لأجلها طوال ٣٣ يوماً. سيكون لسناء قبر تبكي بقربه من دون أن تشعر أنها »كمن يكذب على نفسه« كما يحصل معها حين كانت تلجأ إلى القبر الفارغ الذي خصص لها في عنقون. والأهم أنها ستطلب أن تختلي بها ولو لدقيقة تخبرها فيها أنها »متعبة وأنها ما تزال تعتب عليها«. متعبة من »فراقها الذي لم ولن يكون عادياً.. ومن عمر صعب يمر بغيابها. ومن الغربة أيضاً«. ستهمس لها بسلام من الشعب الليبي الذي أطلق اسمها على شوارعه ومدارسه ودورات مجنداته والذي حضن عائلتها إكراماً لبطولاتها.
من عينين متعبتين إثر يومين من السفر المتواصل، ينهمر دمع أم هيثم غزيراً، تمسح أم البطلة التي عادت وجزء من الوطن منقسم على مقاومتها، تمسح دموعها لتشكر »سيد المقاومة الذي أعاد الشهداء إلى حضن أرضهم وأهلهم والحزب السوري القومي الاجتماعي الذي لم ينس سناء«.
[ بالأمس عادت عائلة الشهيدة سناء محيدلي إلى لبنان عبر الحدود اللبنانية ـ السورية في منطقة المصنع، قادمة من ليبيا للمشاركة في تشييع رفات ابنتهم عروس الجنوب اليوم في بلدتهم عنقون.