ارشيف من :أخبار عالمية
التصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات..خلط أكبر للأوراق السياسية

بغداد ـ عادل الجبوري
هل انفرجت الأمور بعد تصويت مجلس النواب العراقي يوم الثلاثاء، الثاني والعشرين من شهر تموز/ يوليو الجاري على قانون انتخابات مجالس المحافظات، ام انه بهذا التصويت الذي رافقه الكثير من السجال والجدل والتراشق الكلامي يكون القانون قد دخل أنفاقا مظلمة اخرى، وستكون هناك حاجة الى كثير من الوقت والصبر وطول البال لاخراجه الى النور بطريقة افضل؟
ما رافق عملية التصويت والآلية التي تمت بها، وردود الافعال الحادة، كلها تشير الى ان القانون دخل انفاقا مظلمة، ولو لم يتم التصويت عليه بالشكل الذي حصل لكان الحال افضل مما هو عليه الان.
الاشكالية او المؤاخذة الرئيسية التي اعتبرها البعض خرقا للنظام الداخلي لمجلس النواب هي لجوء رئيس المجلس الدكتور محمود المشهداني للاقتراع السري المباشر حول الفقرة 24 من القانون، والمتعلقة بمحافظة كركوك، الامر الذي دفع اعضاء كتلة التحالف الكردستاني (60 نائبا)، ومعهم اعضاء كتلة المجلس الاعلى (30 نائبا)، اضافة الى اعضاء كتلة الحزب الشيوعي (ثلاثة نواب) الذين انسحبوا في وقت سابق من القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، وكذلك اعضاء مستقلين، الى الانسحاب من جلسة مجلس النواب، احتجاجا على أمرين، الاول خرق النظام الداخلي للبرلمان عبر استخدام طريقة الاقتراع السري المباشر، والثاني، هو محاولة فرض امر واقع من قبل رئيس البرلمان واعضاء جبهة التوافق العراقية والكتلة العربية للحوار الوطني، وكل من الائتلاف العراقي الموحد، والكتلة الصدرية.
وفضلا عن ردود الافعال الغاضبة لنواب اكراد من التحالف الكردستاني حيال ما حصل، فإن نائبي المشهداني، الشيخ خالد العطية، وعارف طيفور، عقدا مؤتمرا صحفيا في نفس اليوم، اعلنا فيه تحفظاتهما على الطريقة التي تم عبرها التصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات.
وكذلك فإن رئيس كتلة المجلس الاعلى الشيخ جلال الدين الصغير وجه في تصريحات صحفية انتقادات لاذعة لرئيس مجلس النواب محملا اياه مسؤولية الخروقات التي حصلت "لانه ـ بحسب الشيخ الصغير ـ كان بإمكانه التراجع عن هذا القرار الذي اتخذ من دون حتى اخذ مشورة هيئة رئاسة البرلمان"، معتبرا انه ستكون هناك نتائج سلبية للغاية على الشارع العراقي نتيجة ذلك الخرق القانوني للنظام الداخلي لمجلس النواب، لان النظام ينص على ان يكون التصويت علنيا وليس بطريقة التصويت السري، وان ما ابتدع في عملية التصويت كان حصيلة توافقات بين الكتل المعنية بقضية التصويت من اجل إمرار القانون بطريقة تمكّن الاحزاب المصوتة عليه من استثماره لمصلحتها، وان كتلة المجلس الاعلى في مجلس النواب لم تجد الا الانسحاب من جلسة التصويت بسبب قضيتين هما بالاضافة الى خرق النظام الداخلي، عدم اخذ مبدأ التوافقات السياسية بعين الاعتبار، لان العملية السياسية مرت بظروف وازمات كثيرة وكانت السمة البارزة لحل هذه الازمات هي التوافق بين الاطراف السياسية وتسيير الامور بشكل طبيعي".
ولم يذهب بعيدا من قال بفرضية او احتمال نقض القانون من قبل مجلس رئاسة الجمهورية، بالكامل او جزء منه، وخصوصا ان التجربة اثبتت ان ما لا يتم اقراره عبر التوافقات السياسية بين الكتل والكيانات المشاركة في العملية السياسية لا بد ان يصل الى طريق مسدود.
وتشير المادة 52 من قانون انتخابات مجالس المحافظات الى انه "ينفذ هذا القانون من تاريخ المصادقة عليه من قبل مجلس الرئاسة"، أي ان رفضه من قبل مجلس الرئاسة يستوجب اعادته الى البرلمان وفق الفقرة الخامسة من المادة 134 من الدستور العراقي التي تنص على انه "في حالة عدم موافقة مجلس الرئاسة، تعاد القوانين والقرارات الى مجلس النواب لإعادة النظر في النواحي المعترض عليها، والتصويت عليها بالاغلبية، وترسل ثانيةً الى مجلس الرئاسة للموافقة عليها".
وفي حالة عدم موافقة مجلس الرئاسة على القوانين والقرارات ثانيةً، خلال عشرة ايام من تاريخ وصولها اليه، تعاد الى مجلس النواب، الذي له ان يقرها بأغلبية ثلاثة اخماس عدد اعضائه، غير قابلةٍ للاعتراض، ويُعد مصادقاً عليها".
وواضح سر غضب واستياء الاكراد، لان مجمل ما جاء في المادة موضوع الاختلاف يتعارض مع توجهاتهم ورؤاهم، فضلا عن ان تشكيل اللجنة المفترضة وفق نسبة محددة لمكونات كركوك، وجعلها المسؤولة عن الشؤون الامنية والسياسية وغيرها في المحافظة، يلغي تقريبا ما قامت به لجنة المادة 140، ويعيد الامور الى الوراء.
ويبدو ان الكتل السياسية وفرقاء الساحة العراقية، لا بد ان يلجأوا الى خيار التوافق، وهنا فإن عامل الحسم لن يكون البرلمان، وانما مجلس الرئاسة، والمجلس السياسي للامن الوطني، ورؤساء الكتل السياسية.
الانتقاد/ العدد1284 ـ 25 تموز/ يوليو 2008