ارشيف من :آراء وتحليلات

الاستحقاق الانتخابي وفصول الحرب المفتوحة على حزب الله والمقاومة: المسار والدلالات

الاستحقاق الانتخابي وفصول الحرب المفتوحة على حزب الله والمقاومة: المسار والدلالات
كتب مصطفى الحاج علي
هل نحن أمام محطة انتخابات نيابية، أم أمام فصل من فصول الحرب المفتوحة على حزب الله والمقاومة، ومن خلالها على المعارضة عموماً؟
السؤال مبرر لأكثر من معطى وواقعة، والجواب عنه ضروري لما يكشفه من خلفيات ودوافع واستهدافات:
أولاً: لقد حرص الفريق الداخلي المعني بالتصدي للمقاومة، والمعنون بتجمع فريق الرابع عشر من آذار على التأكيد على الطابع المصيري للانتخابات النيابية، التي سرعان ما قدم لها مدونة تفسير تفصيلية تتمحور برمتها حول حزب الله، وبالطريق التيار الوطني الحر:
التحذير من ضرب اتفاق الطائف عبر الدعوة الى المثالثة، وإعادة النظر في صلاحيات رئيس الجمهورية، ومن خلال التخويف بأن لبنان على طريق التحول الى جمهورية اسلامية وفق نموذج ولاية الفقيه، أو على طريق اعادة سوريا الى لبنان. وبين هذا الافتراء والحبل الطويل من الأكاذيب التي لا همّ لها سوى العزف على وتيرة التهويل وتحديداً داخل الساحتين السنية والمسيحية، كان يتم إمرار المواقف الأصلية: وضع المقاومة وسلاحها في مقابل الجيش والدولة، والدعوة الى فرض الهدنة مع الكيان الاسرائيلي ... الخ.
ولم يتورع هؤلاء وتحديداً تيار المستقبل عن نبش الرماد من فوق الجمر البارد لأحداث السابع من أيار، لإعادة اللهيب اليها بهواء قبول الفتنة المذهبية.
ثانياً: لم يتورع النظام المصري عن الدخول على خط الانتخابات عندما جال سفيره في لبنان على أركان تجمع 14 شباط ليزف اليهم بشرى سعيدة مضمونها: انتظروا ما سنفعله بحزب الله على خلفية اعتقال الأخ المجاهد شهاب بتهمة تهريب السلاح للمقاومة في غزة.
النظام المصري جنّد حرباً ضروساً همها الرئيسي تشويه صورة الحزب وأمينه العام، وتوفير مادة لملاحقتهما قانونياً، الهدف هو الهدف: النيل من المقاومة وقائدها الرمز.
ثالثاً: الزيارات الاميركية المكوكية الى لبنان، والتي كان آخرها زيارة نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الذي عقد لقاءً مشتركاً مع أركان تجمع الرابع عشر من آذار، وما تسرب عن اللقاء كان كافياً لجهة المسعى الاميركي لشد أزر هذا التجمع، والى دعوته لممارسة سياسة اعلامية قادرة على أخذ المترددين خصوصاً داخل الساحة المسيحية الى جانبه، ولقد سبق هذا كله مواقف اميركية عديدة تحذر من فوز المعارضة عموماً، وتحديداً حزب الله في الانتخابات، معلنة في الوقت نفسه عن أنها لا ترغب ولا تريد رؤية حزب الله يفوز في الانتخابات.
رابعاً: فبركة "دير شبيغل" التي لا يخفى على أحد أن أحد أبعاد توقيتها هو التأثير على نتائج الانتخابات لمصلحة تجمع الرابع عشر من آذار عبر ضرب صورة الحزب في الشارعين السني والمسيحي تحديداً.
خامساً: المواقف الإسرائيلية التي صدرت عن كبار المسؤولين في الكيان الصهيوني والتي تلتقي عند نقطة أساسية: تخويف اللبنانيين من مغبة انتصار حزب الله في الانتخابات، ولدرجة أن وزير الحرب الإسرائيلي باراك قال محذراً اللبنانيين: حذار ان يفوز حزب الله حتى لا تعرضوا أنفسكم لجبروت الجيش الاسرائيلي.
ما تقدم، يكشف بوضوح أننا لسنا أمام استحقاق انتخابي عادي، بل نحن أمام حربٍ تستخدم فيها كل الأسلحة المحرمة تحديداً، وإن كانت جبهتها هذه المرة هي المجلس النيابي.
لكن ما الذي يدفع تحالف عدوان تموز الاميركي ـ الاسرائيلي ـ العربي ـ اللبناني، الى الاستمرار بعدوانه السياسي ـ الانتخابي على حزب الله والمقاومة؟
أولاً: كل المعطيات الآنفة كاشفة على نحو حاسمٍ بأن عدوان تموز هو محطة في مسار المواجهة بين مشروع المقاومة والممانعة، ومشروع الاستسلام والارتهان للعدو الاسرائيلي، وبالتالي، فإن الحلف هو الحلف، والأدوات هي الأدوات، والأهداف هي الأهداف، نعم، لا شك، أن الوسائل الآن أخطر وأخبث لأن خطوط المواجهة فيها متداخلة وملتبسة وحمّالة أوجه، وفي هذا الإطار، يصبح الوعي الحقيقي أحد أهم أسلحة المواجهة والمقاومة.
ثانياً: كل المعطيات الآنفة كاشفة أيضاً عن أهمية الاستحقاق الانتخابي في هذه المواجهة باعتباره أحد تعبيراتها السياسية المركزية التي يتوقف على نتائجها الاحتمالات التالية:
أ ـ فوز المعارضة الذي يعني بدوره تكريس انتصار المقاومة في تموز وترجمته سياسياً.
ب ـ فوز الموالاة الذي يعني بناء سد سياسي قوي في وجه المدى الحيوي لانتصار تموز، ما يوفر بدوره خطوط دفاع سياسية  مهمة صموداً واستمراراً.
ج ـ عدم فوز أي من الطرفين، وهنا تأتي فلسفة الكتلة الوسطية أو المستقلة، والتي يراد لها أن تشكل ضابط توازن دقيقا وحساسا لا يعطي نصراً مرجحاً لأحد الطرفين، ويؤجل بالتالي المواجهة الحاسمة الى ظروف أخرى.
في هذا الإطار، فإن الضغوط الممارسة على المعارضة لا تستهدف نقل المترددين بالضرورة الى الموالاة، وإنما الى الوسط حيث موقع رئيس الجمهورية.
ثالثاً: كل ما تقدم أيضاً كاشف بدوره عن حجم القلق على تجمع الرابع عشر من شباط من خسارة الأكثرية، وكذلك حجم القلق من المرحلة المقبلة، ما يؤكد بدوره أرجحية فوز المعارضة في هذه الانتخابات.
رابعاً: إن شراسة الهجمات الممارسة ضد المعارضة عموماً وحزب الله والتيار الوطني تحديداً، تؤكد أيضاً أن استحقاق الانتخابات النيابية ليس استحقاقاً داخلياً بحتاً، بل يجري التعامل معه كاستحقاق اقليمي ودولي، وكجزء من المواجهة الأشمل في المنطقة.
بعد هذا كله، ألا نكون أمام فصل جديد من فصول الحرب الكونية ضد المقاومة؟
الانتقاد/ العدد 1348 ـ 29 أيار/ مايو 2009
2009-05-29