ارشيف من :آراء وتحليلات

هل يتخلّف فيلتمان عن قطار التغيير؟

هل يتخلّف فيلتمان عن قطار التغيير؟
ليلى نقولا الرحباني
بغضّ النظر عن القرار الذي سيتخذه الكونغرس الاميركي بتثبيت تعيين جيفري فيلتمان في منصب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط أم لا، وبصرف النظر عن طلب السيناتور كارل ليفاين، رئيس لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ، تجميد اقرار تعيين فيلتمان "لبضعة أيام" والذي عزاه إلى رغبته في "استيضاح عدد من الامور" من فيلتمان عند عودته الى واشنطن، فالأكيد أن فيلتمان اليوم وغدا لن يكون هو نفسه فيلتمان الامس، لأن فيلتمان الذي سيعمل مساعدا لكلينتون سيكون مختلفا كليا عن فيلتمان مساعد كوندوليزا رايس وفيلتمان السفير الأميركي في لبنان.
لقد عاش السفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان وتصرف في الساحة اللبنانية منذ عام 2004 وحتى مطلع عام 2008، وكأنه الآمر الناهي لا يمكن لأحد أن يقطع خيطاً بدونه، في مشهد يذكر بعهد القناصل الذين ادّعوا حماية الاقليات في لبنان خلال القرن التاسع عشر، والذين أدّوا ما أدّوه من دور في المآسي التي حصلت بين عامي 1860 و1864. وهو بالضبط ما فعله فيلتمان خلال توليه مسؤولية سفير بلاده في لبنان، حينما تدخل في كل شاردة وواردة وحرّض أطراف الموالاة وقدم لها جميع أنواع الدعم المادي والمعنوي من أجل تحجيم المعارضة في لبنان وضرب أسس العيش المشترك، وتقويض الشرعية الدستورية للحكم اللبناني.
في جميع الحالات، لا شك أن فيلتمان اليوم هو غير فيلتمان السابق الذي عُرف خلال فترة وجوده في لبنان بكرهه الشديد للسوريين، ومحاولاته عزل سوريا على الصعيد العالمي منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري ودعمه للقوى التي وجهت أصابع الاتهام وفبركت الشهود والقصص والسيناريوهات لتضليل التحقيق في هدف واضح هو اتهام السوريين.
لقد فرضت المقاربة الجديدة للدبلوماسية الاميركية في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما على فيلتمان نفسه التوجه مرتين الى دمشق خلال الشهرين الماضيين، وحوّلت خطابه المعلن من أن سوريا "تقوّض الاستقرار في المنطقة بدعمها المنظمات الارهابية وتدخلها في لبنان" الى اعلان صريح أطلقه بعد لقائه وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان "بإمكان سوريا لعب دور بنّاء في الشرق الاوسط".
أيهما نصدّق؟ أنصدّق فيلتمان الذي عهدناه متدخلاً فجّاً في الشؤون الداخلية اللبنانية، ومحرّضاً على المعارضة، ومستنكراً ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وممارساً الضغوط هنا وهناك، أم نصدّق فيلتمان الذي قال انه سيعمل على اعتماد "دبلوماسية جديدة" تعتمد "القوة الذكية" في المنطقة، واعداً بتحقيق الشراكة والتعامل بواقعية مع دول المنطقة؟
الأكيد أن فيلتمان مضطر لمواكبة حملة "التغيير" التي انطلقت مع اوباما، والأكيد أن تخلفه عن قطار التغيير سيجعله ينتظر على المحطة فيقلع قطار الادراة بدونه، فماذا سيختار فيلتمان؟ وهل سيستطيع الخروج من حقده القديم، أم سيكون الحقد حاجزا أمامه في تولي المنصب الجديد؟ أيام قليلة وتظهر الاجابة.
الانتقاد/ العدد 1348 ـ 29 أيار/ مايو 2009
2009-05-29