ارشيف من :ترجمات ودراسات

المناورة الصهيونية: جهوزية المقاومة تلغي عنصر المفاجأة وتربك اي تخطيط لعمل امني

المناورة الصهيونية: جهوزية المقاومة تلغي عنصر المفاجأة وتربك اي تخطيط لعمل امني

بدأت "اسرائيل" مناورتها العسكرية الاضخم في تاريخها على مستوى جبهتها الداخلية، في ظل استنفار المقاومة والجيش اللبناني تحسبا لأي اعتداء يقوم به العدو تحت ستار المناورة العسكرية.

وافتتح رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو جلسة الحكومة بالحديث عن أن هذه المناورة "غير موجهة ضد اي دولة في المنطقة وبأنها عملا روتينيا يستهدف حماية الجبهة الداخلية لمواجهة حالة طوارئ وغير مرتبطة بتقدير استخباراتي ما موجود لدينا".

وعليه تطرح علامات استفهام حول مغزى التعامل الاستثنائي اللبناني مع هذه المناورة عبر استنفار كافة اذرع المقاومة واجهزتها الى جانب قوات الجيش اللبناني.

رغم تأكيد نتنياهو على ان هذه المناورة ليست موجهة ضد اي دولة في المنطقة، الا ان هذا الكلام لا ينسجم مع حقيقة الواقع ومع ما اعلنته اسرائيل نفسها من ان هذه المناورة تحاكي حرباً تشمل كافة الجبهات وتشمل قطاع غزة ولبنان وسوريا وايران. وبالتالي كيف لا تكون هذه المناورة موجهة ضد احد وفي الوقت نفسه مبنية على اساس افتراض تعرضها لقصف صاروخي يشمل كافة "الاراضي الاسرائيلية". هذا فضلا عن انه من غير المتوقع ان يتحدث رئيس وزراء العدو بغير الكلام الذي ادلى به.

اما بخصوص وصفه المناورة بأنها عمل روتيني او عادي. فالصحيح ان اجراء جيش العدو مناورات عسكرية تشمل كافة اذرع جيشه، امر قد يكون اعتادت عليه شعوب المنطقة ودولها. انطلاقا من حقيقة يرددها رئيس اركان الجيش غابي اشكنازي بأن الجيش الاسرائيلي ان لم يكن يحارب فإنه يستعد للحرب. لكن ما يميز هذه المناورة هو انها تشمل كل الكيان الاسرائيلي وتعتبر الاكبر والاضخم في تاريخ هذا الكيان. وانها تأتي تتويجا لمسار طويل من محاولات معالجة نقاط ضعف الجيش التي كشفتها حرب تموز 2006، اضافة الى دورها الاساسي في توفير الجهوزية المطلوبة لشن اي حرب مقبلة في المنطقة.

وعليه كيف تكون هذه المناورة في ظل ما تقدم امرا عاديا وروتينيا المطلوب من لبنان التعامل معها كما لو انها امر عابر.

اما ما يتعلق بكلام نتنياهو عن أن قرار المناورة لم يأتِ بناء على تقدير استخباري ما "موجود لدينا". فإنه يتعارض مع تأكيد الكثير من القادة الاسرائيليين، من سياسيين وعسكريين، فضلا عن الخبراء والمعلقين الامنيين، بأن اسرائيل بكاملها ستتعرض خلال الحرب المقبلة للقصف الصاروخي. لذلك فإن التعبير الادق هو ان هذه المناورة غير مرتبطة بتقدير استخباراتي اسرائيلي يفيد بأن اسرائيل ستتعرض، ابتداء في المرحلة المنظورة، لقصف صاروخي مفاجئ يطال عمقها الاستراتيجي. خاصة وان المرحلة السابقة تضمنت محطات اظهرت ان خيارا كهذا غير مطروح.

اما حول الاستنفار اللبناني المقابل فيمكن ايراد الملاحظات التالية:

لا بد من التأكيد بأن كافة الاطراف الرسمية والمقاومة تستبعد ان تشن اسرائيل في المرحلة الحالية حربا ابتدائية شاملة وواسعة ضد لبنان ومقاومته. لكن في الوقت نفسه لا يمكن ربط مصير لبنان ومقاومته بتقديرات من هنا او هناك مهما كانت درجة الاطمئنان الى صحتها لأننا نتحدث عن عدو متربص يعتبر المفاجأة عنصراً اساسياً في اي عملية عسكرية يقدم عليها، خاصة بعدما تعرض لهزيمتين تاريخيتين في العام 2000 و2006.

من جهة اخرى، في الوقت الذي يستبعد فيه، حاليا، شن اسرائيل حربا واسعة ابتدائية، على لبنان، لا بد من لفت النظر الى ان العدو وجه ضربة جوية لمنشأة سورية في دير الزور، في العام 2007، بعدما حشد قواته في الجولان تحت ستار اجراء مناورات عسكرية تبين لاحقا انها كانت استعدادا لمواجهة رد فعل سورية على الهجوم الذي كان يخطط له. كما قامت اسرائيل بعملية تضليل قبل الحرب على غزة في كانون الاول 2008، عندما امر وزير الدفاع بفتح المعابر امام المساعدات الغذائية والحديث عن تسريح عدد من جنود الاحتياط اضافة الى الايحاء بعدم اتخاذ قرار حاسم في موضوع الحرب على غزة في حين ان كل ذلك كان محاولة لتوجيه ضربة قاصمة لحركة حماس وبقية فصائل المقاومة عبر ضربة جوية مفاجئة تكون خلالها كافة القوى في حالة استرخاء.

من هنا كان من اللازم على المقاومة في لبنان ان تكون في اقصى درجات الاستنفار والحذر تحسبا لأي مفاجأة يعد لها العدو. خاصة وان استبعاد شن حرب واسعة ابتدائية، في هذه المرحلة على الاقل، لا يشمل قيام العدو بعمليات امنية او عسكرية محدودة تستهدف قادة المقاومة وكوادرها. وعليه فإن جهوزية المقاومة يلغي عنصر المفاجأة ويربك اي تخطبط لأي عمل امني او عسكري محدود يخطط لتنفيذه تحت ستار المناورة.

في كل الاحوال، وايا كانت الاستعدادات والجهوزية الاسرائيلية، تعكس هذه المناورة تسليما اسرائيليا بأن جبهتها الداخلية ستتلقى الضربات الصاروخية كما هي حال الجبهات الامامية وبأن جيشها عاجز على توفير الحماية التي تمنع استمرار دكها بالصواريخ في اي حرب تشنها اسرائيل مستقبلا، كما حصل في الحروب التي خاضتها اسرائيل قبل حرب تموز 2006.

2009-05-31