ارشيف من :آراء وتحليلات
الإبداع والمكان

كتب حسن نعيم
يجيء الكتّاب والمبدعون إلى هذا العالم، فيعيشون في مدنه وقراه ودساكره وتربطهم بمكان البدايات ذكريات حميمة وعلاقات وجدانية ليس أقلها أن تقترن أسماء بعض أرصفة ذلك المكان وأحيائه ومقاهيه بنتاجاتهم وأعمالهم الأدبية والابداعية.
واذا كانت الأضواء والشهرة تحيط بالمبدعين في حياتهم، فإن لمعانها يزداد توهجاً بعد مماتهم، كأن التراب الذي يُهال على أجسادهم لا يزيد قبر شهرتهم الا توهجاً ولمعاناً.
واذا كان لهؤلاء المبدعين دور بارز في ازدهار الحياة الثقافية في المدن التي يعيشون فيها، فإنهم بعد مماتهم يتركون بيوتهم جزءاً من ذاكرتها الأدبية.
فللبيوت التي يعيش فيها الكتّاب دور كبير في حياتهم، وبالتالي في انتاجهم، فهي ديكور هواجسهم وأفكارهم، ومحترف أحلامهم المحققة والهاربة.
يقول الروائي "أرنست همنغوي" في روايته "باريس عيد جوّال": "تلك كانت باريس شبابنا أيام كنا فقراء وفي منتهى السعادة".
وفي لبنان أكثر من مكان شهد تفتّح عبقريات كبيرة من شخروب ميخائيل نعيمة، إلى بعلبك خليل مطران، إلى عين كفاع مارون عبود إلى .... .
ولا شك في أن أطياف هؤلاء المبدعين ما زالت تسكن في تلك الأماكن التي أحبوها واحتضنت رؤاهم وأفكارهم.
ان في الوقوف على الآثار الحياتية للمبدعين الكبار فوائد قد توازي الاطلاع على آثارهم الحياتية، وقد تتفوق عليها بعض الأحيان.
الانتقاد/ العدد1285 ـ 29 تموز/ يوليو 2008