ارشيف من :أخبار عالمية

الفلسطينيون.. الشعب الأكثر افتقاراً للمياه في الشرق الأوسط

الفلسطينيون.. الشعب الأكثر افتقاراً للمياه في الشرق الأوسط

رام الله ـ ميرفت عمر
الفلسطينيون.. الشعب الأكثر افتقاراً للمياه في الشرق الأوسطقال رئيس سلطة المياه الفلسطيني شداد عتيلي إن الشعب الفلسطيني بات أكثر شعوب منطقة الشرق الأوسط افتقارا للمياه بسبب السياسات الإسرائيلية التي تفرض سيطرة تامة على أحواض المياه الفلسطينية، وتؤدي إلى تناقص الكميات المخصصة لاستهلاك الفلسطينيين سنويا.
وأوضح عتيلي في مؤتمر صحافي عقده برام الله للحديث عن أسباب أزمة المياه الخانقة التي يعانيها الفلسطينيون الصيف الحالي، أن مأساة المياه التي يواجه الفلسطينيون شحا في مصادرها، تسببت بها إسرائيل من خلال سيطرتها على مصادر المياه الفلسطينية.
وعند الحديث عن مصادر المياه المتوافرة في الأراضي الفلسطينية، بيّن رئيس سلطة المياه أن هناك عدة مصادر للمياه التي يشترك فيها الجانب الإسرائيلي مع الفلسطينيين، ويقوم في أغلب الأحيان بالسيطرة عليها، وعلى رأسها المياه السطحية وتتمثل في حوض نهر الأردن، الذي يتشاطأ فيه كل من الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين والجانب الإسرائيلي. والذي يتناول التقسيم في حصصه القانون الدولي ويدعو إلى تحصيص عادل وإدارة مشتركة لهذا الحوض بين الأطراف المشاركة فيه.
وبرغم ذلك، أكد عتيلي أن الجانب الفلسطيني لا يحصل على قطرة مياه واحدة من حوض نهر الأردن. كما أنه فاقد السيطرة على الحوض الثاني المتمثل بمياه وادي غزة الممتد من جنوب الضفة الغربية، مارا بالأراضي التي تحتلها إسرائيل ومنتهيا بالبحر المتوسط.
أما الأحواض الجوفية الأخرى المشتركة، والتي يحكم القانون الدولي العلاقة بين الأطراف المشاركة فيها، وهنا يدور الحديث عن الحوض الشرقي، والحوض الشمالي الشرقي والحوض الغربي، فقد حددت اتفاقية أوسلو كمية المياه التي تخزن في هذه الأحواض بما معدله 669 مليون متر مكعب، ولم يتم التطرق في هذه الاتفاقية إلى الحوض الرابع المشترك وهو الحوض الساحلي الممتد إلى أسفل غزة.
إلى جانب ذلك، يسيطر الجانب الإسرائيلي بشكل كامل على أحواض في الداخل الفلسطيني تتمثل بحوض الكرمل وحوض طبرية وحوض النقب ووادي عربا، إضافة إلى المياه التي يقوم الجانب الإسرائيلي بتحليتها والتي تصل إلى 130 مليون متر مكعب، ويخطط الجانب الإسرائيلي لكي تصل هذه المياه عام 2009 إلى 380 مليون متر مكعب. وعدا عن ذلك يقوم الجانب الإسرائيلي بتنقية المياه العادمة بمعدل 400 مليون متر مكعب سنويا.
وفي المحصلة، حسب رئيس سلطة المياه الفلسطيني، إذا جمعت الكمية التي يسيطر عليها الجانب الإسرائيلي من مياه حوض نهر الأردن فالحديث يدور عن 700- 850 مترا مكعبا، بالإضافة إلى ما يتاح للجانب الإسرائيلي من مياه التحلية والمياه المكررة ومياه الأحواض الجوفية التي تقدر في معدلها للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ما بين 2400-2600 متر مكعب، وهذا الرقم ليس كبيرا بالمقارنة بالدول الأخرى.
لكن في منطقة الشرق الأوسط هناك صراع على كل قطرة مياه، فهذا الرقم كبير نسبة لما يحصل عليه الجانب الفلسطيني.
حصة الفلسطينيين ضئيلة جدا
فيما يتعلق بالحصة التي يحصل عليها الفلسطينيون في المرحلة الحالية، يقول عتيلي إن المياه التي يتلقاها الفلسطينيون، في ظل صراع فلسطيني اسرائيلي ممتد منذ 60 عاما، وفي ظل قضايا جوهرية مثل القدس والمستوطنات والحدود والمياه، تشكل نسبة ضئيلة من احتياجات السكان والزراعة.
ويجب الإشارة هنا إلى أنه وعام 1993 عند توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، كان من الصعب الوصول إلى لحظة الاعتراف المتبادل والتوقيع على الاتفاقية إذا لم يتم التطرق إلى القضايا الجوهرية للصراع، وبسبب صعوبة حل هذه القضايا تم تأجيلها للمفاوضات في قضايا الوضع النهائي.
ومن بين هذه كانت قضية المياه، ففي الملحق الثالث من الاتفاقية، وفي البند 40 من هذا الملحق بالذات والمعنون بـ"المياه والمياه العادمة" وضعت ترتيبات خاصة بتقسيم المياه، وفيه تعترف إسرائيل بالحقوق المائية للفلسطينيين، لكن أُجل تعريف هذه الحقوق إلى حين مفاوضات الوضع النهائي.
وعوضا عن ذلك تم الاتفاق على أن يستمر كل طرف باستخدام المياه التي كان يستخدمها قبل عام 1995، وحيث أن الاتفاقية لم تتطرق إلى الحصة الفلسطينية في نهر الأردن، وهو قضية جوهرية في الصراع المائي الفلسطيني الإسرائيلي، ولم تعرف الحقوق المائية الفلسطينية، أتيح لإسرائيل السيطرة على مصادر وأحواض المياه كما شاءت.
وبالتالي، تبعا لمعلومات عتيلي، يحصل الجانب الفلسطيني قبل عام 1995، على 118 مليون متر مكعب من الضفة، بالإضافة إلى 50 مليون متر مكعب في غزة. وتم الاتفاق في أوسلو على تطوير ما معدله 70-80 مليون متر مكعب في الحوض الشرقي أو أية أحواض أخرى يتفق عليها.
وبعد 13 سنة على الاتفاق، وهي المدة التي كان يتوجب أن يحصل الفلسطينيون فيها على كمية إضافية من المياه (لا تقل عن 80 مليون متر مكعب) أكد عتيلي أن التقارير تثبت أن الجانب الفلسطيني حصل فقط على 105 مليون متر مكعب من أصل 118 كانت متاحة، وذلك بسبب تراجع كمية الأمطار خلال السنوات الخمس الماضية.
غزة.. نقص وتلوث
وتطرق عتيلي إلى مشكلة خطيرة يواجهها السكان الفلسطينيون في قطاع غزة، إذ يوجد في القطاع مليون ونصف مليون إنسان يعتمدون فقط على ما هو موجود في حوض غزة، والذي يتيح لهم 50 مليون متر مكعب فقط، ولكن بسبب الكثافة السكانية في العالم، تستهلك هذه الكتلة البشرية 150-160 مليون متر مكعب من الحوض.
وتنبع المشكلة هنا من أنه بسبب سحب كميات أكبر من طاقة الحوض فإن النتيجة تكون دخول مياه البحر إلى هذه الأحواض. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ تتسرب إليها أيضا 30 مليون متر مكعب من مياه المجاري التي يستخدمها الناس. بسبب وجود أكثر من 6 آلاف بئر مخالفة لنظام سحب المياه في القطاع.
وتظهر آثار هذه المأساة، كما يقول عتيلي، في أن 70% من الأمراض التي تصيب الفلسطينيين في غزة ناتجة عن المياه الملوثة، مشددا على أهمية حل قضية نقص المياه بحصول الفلسطينيين على حقهم، كي تتمكن السلطة من نقل المياه للأهل في غزة.
لا دولة.. دون مياه
وفي هذا السياق، أكد رئيس سلطة المياه الفلسطيني أنه وبدون حل هذه القضية لن تكون هناك دولة فلسطينية مستقبلية. وبما أن القطاع الزراعي هو قطاع حيوي لقيام هذه الدولة، فهناك متطلب أساسي مثلا لإخلاء المستوطنات في منطقة الأغوار، وهي اهم المناطق الزراعية في فلسطين.
وحسب عتيلي يتوافر في الأغوار 250 ألف دونم قابلة للري، ويحتاج كل دونم فيها إلى ألف متر مكعب بما يعادل 250 مليون متر مكعب سنويا للزراعة فقط في منطقة الأغوار دون احتساب احتياجات السكان الأخرى.

الانتقاد/ العدد1285 ـ 29 تموز/ يوليو 2008

2008-07-29