ارشيف من :أخبار عالمية

العراق: انتحاريات يستهدفن زوار الإمام موسى الكاظم في ذكرى استشهاده

العراق: انتحاريات يستهدفن زوار الإمام موسى الكاظم في ذكرى استشهاده
بغداد ـ عادل الجبوري

 ظاهرة الانتحاريات آخذة بالظهور بصورة واضحة في محافظة ديالى أكثر من غيرها
العراق: انتحاريات يستهدفن زوار الإمام موسى الكاظم في ذكرى استشهاده
لم تكن الساعة قد تجاوزت السابعة والنصف صباحا حينما هزت ثلاثة انفجارات الجانب الشرقي من العاصمة بغداد، وتحديدا منطقة الكرادة الشرقية، يوم الاثنين، الثامن والعشرين من شهر تموز/ يوليو الجاري.
استهدفت العمليات الارهابية هذه المرة مجاميع الزوار المتوجهين الى ضريح الامام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) الذي تصادف ذكرى استشهاده يوم الثلاثاء، الموافق للخامس والعشرين من شهر رجب.
وقعت التفجيرات في وقت متزامن وفي مواقع قريبة من بعضها البعض، اذ وقع الانفجار الاول في شارع النضال قرب بناية المسرح الوطني، وخلّّف بحسب احصائيات اجهزة وزارتي الداخلية والصحة عشرين شهيدا ونحو خمسة وعشرين جريحا، بينما حدث الانفجار الثاني في ساحة كهرمانة قرب بدالة العلوية في مدخل شارع السعدون، وتسبب باستشهاد خمسة عشر شخصا واصابة عدد مقارب، اما الانفجار الثالث فقد وقع في ساحة الاندلس وأدى الى استشهاد اثني عشر شخصا وجرح عشرة اخرين، ولوحظ أن اغلب القتلى والجرحى هم من النساء والصبيان والاطفال.
ومن الواضح ان المناطق التي وقعت فيها الانفجارات الثلاثة تمثل مسالك رئيسية للزوار القادمين من مناطق شرق وجنوب العاصمة بغداد، والمتوجهين الى الشمال الغربي للعاصمة حيث مرقد الإمامين الكاظمين، فالزوار السائرون على الاقدام يمرون في الغالب بساحة الاندلس وساحة كهرمانة وشوارع الكرادة داخل والكرادة خارج والسعدون والنضال ليصلوا الى جسري السنك والجمهورية اللذين يربطان جانبي الرصافة والكرخ، وليعبروا من هناك ويمروا بمناطق الصالحية والعلاوي والعطيفية قبل ان يستقر بهم المقام في مدينة الكاظمية المقدسة.
والشيء الجديد في عمليات صباح الاثنين انها نفذت بواسطة انتحاريات، وليس انتحاريين، ولا يعرف حتى كتابة هذه السطور فيما اذا كن يحملن جنسيات عراقية او غير عراقية.
وظاهرة الانتحاريات آخذة بالظهور بصورة واضحة في محافظة ديالى أكثر من غيرها، وذلك بعد تعرض تنظيم القاعدة الى ضربات قاصمة وقوية من قبل القوات العراقية وقوات الاحتلال الأميركية.
ويبدو ان تنظيم القاعدة لجأ الى استخدام النساء لتنفيذ عمليات انتحارية في محاولة منه لابتكار اسلوب جديد لم تفكر القوات العراقية كثيرا في ايجاد اساليب ووسائل عملية وناجعة لمواجهته، اذ أن المعروف في معظم الاماكن التي تخضع الى اجراءات امنية مشددة، ان هناك قدرا من المرونة في تفتيش والتدقيق مع النساء، لاسباب مختلفة، يمثل نقص العنصر النسوي في اجهزة الشرطة والمؤسسات الامنية والعسكرية واحدا منها.
ولم تقتصر العمليات الارهابية باستخدام النساء على محافظة ديالى، بل ان محافظات أخرى مثل كربلاء وبغداد وغيرهما شهدت عمليات مماثلة وان كان ذلك بنطاق اقل.
ومع ان عمليات الاثنين الارهابية التي استهدفت الزوار، لم تثن مئات الآلاف عن مواصلة المسير نحو مرقد الامامين الكاظمين، الا انها حركت هواجس ومشاعر قلق لدى الكثير من الناس، وطرحت مجددا جملة تساؤلات حول طبيعة ومستوى أداء الاجهزة الامنية والقوات العسكرية العراقية.          
اللواء الركن محمد العسكري الناطق الاعلامي لوزارة الدفاع العراقية نفى أن تكون "التفجيرات الانتحارية الثلاثة التي وقعت صباح يوم الاثنين وسط العاصمة العراقية بغداد تمثل بداية لعودة العنف إلى العاصمة"، موضحا في تصريحات صحفية "ان تنظيم القاعدة استغل الزخم الهائل من جموع الزوار المتوجهة إلى مدينة الكاظمية لتنفيذ هجماته الانتحارية في العاصمة بغداد، فضلا عن استغلاله للنساء الانتحاريات حيث من الصعب إجراء تفتيش لهن من قبل القوات الأمنية بسبب طبيعة المجتمع العراقي الشرقية، حيث يعتبر هذا الأمر غير مقبول".
وأكد العسكري أن "تنظيم القاعدة يحاول من خلال هذه التفجيرات الانتحارية استفزاز مشاعر الشعب العراقي لخلط الأوراق بهدف تنفيذ مخططه لتوتير الأوضاع في البلاد"، ويستدرك قائلا انه "على الرغم من هذه التفجيرات، إلا أن الخطة الموضوعة لحماية الزوار تسير بالاتجاه الصحيح، حيث تم نشر أعداد كبيرة من قوات الأمن في شوارع بغداد لتأمينها بشكل كامل، فضلا عن نشر عناصر مدنية داخل المواكب المتجهة إلى مدينة الكاظمية لمراقبة أي تحركات مشبوهة"، و"ان مثل هذه التفجيرات الانتحارية غير مستبعدة من قبل الجهات الأمنية، خاصة مع توافد الأعداد الهائلة من الزوار القادمين من جميع أنحاء العراق والتي تتجاوز مئات الآلاف ما يسمح للجماعات الإرهابية بتنفيذ عملياتها".
وما تجدر الاشارة اليه هو أن إحياء ذكرى شهادة الامام موسى الكاظم العام الماضي لم يشهد وقوع حوادث أمنية تذكر، سوى استهداف في اماكن مختلفة للزوار اسفر عن سقوط اعداد قليلة من الشهداء والجرحى، لكن في العام الذي سبقه (2006) تعرض الزوار لهجمات أكبر في عدة مناطق من العاصمة بغداد من قبل مجاميع مسلحة يعتقد انها تنتمي لتنظيم القاعدة وبقايا النظام السابق، حيث كانت الاوضاع الامنية في ذلك الحين في اسوأ مستوياتها في مناطق عديدة من بغداد ومحافظات اخرى.
بيد انه يبقى ما حصل في ذكرى استشهاد الامام الكاظم في العام 2005 هو الاسوأ والأعنف والأكثر اجراما، حينما ادت شائعات بوجود متفجرات على جسر الائمة الى حصول تدافع بشري لاعداد كبيرة من الزوار انتهى الى تدمير الحواجز الحديدية للجسر ومصرع اكثر من الف شخص بسبب التدافع أو غرقا في مياه نهر دجلة، وجرح أكثر من الفي زائر اخرين.
الانتقاد/ العدد 1285 ـ 29 تموز/ يوليو 2008
2008-07-29