ارشيف من :أخبار عالمية

انتخابات البرلمان الأوروبي: القارّة القديمة تتّجه يميناً

انتخابات البرلمان الأوروبي: القارّة القديمة تتّجه يميناً
الاخبار

غائبان فرنسيان ربحا معركة الانتخابات الأوروبية في فرنسا: المتغيبون وسيغولين رويال. فقط ربح الممتنعون عن التصويت في مختلف الدول الأوروبية، بينما أسهم تغييب رويال عن هيئات الحزب الاشتراكي في تسجيل إحدى أهم هزائمه الانتخابية حاصداً ١٦ في المئة ويعادله في هذا النصيب تجمع «الخضر»، الذي بات يزاحمه على موقع القوة الثانية في الساحة السياسية الفرنسية.


وجاء حزب الرئيس «تجمّع الأكثرية الشعبية» في المقدمة وكان رصيده 28.5 في المئة من الأصوات الـ٤٩ في المئة، الذين «حركتهم أوروبا» وتوجهوا إلى صناديق الاقتراع، ما يشير إلى أن «النفس الأوروبي» لا يزال غائباً عن «المزاج الفرنسي». إلا أنه لا يمكن إلا الاعتراف بالتقدم الذي حققه تجمع الخضر الذي نزل الانتخابات تحت تسمية «أوروبا البيئة» في خليط غريب من الجمعيات والمنظمات جمعت بين «مشاغب ثورة أيار قبل ٤٠ سنة» كوهين بنديت، وأبرز مناهضي العولمة جوزيه بوفيه. وخطف هذا التجمع أصواتاً من مختلف الأحزاب، وخصوصاً «الوسط»، الذي يديره فرانسوا بايرو، الذي سجل خسارة يمكن أن تكون قاضية بحصوله على نحو 8.3 بالمئة، وهو رقم يراه البعض «هزيمة شخصية لبايرو» تعود حسب التحليلات إلى «ذبذبة مواقفه» بين تقربه من الاشتراكيين، الذين صدوه، وابتعاده عن اليمين الذي كان يستند إليه لإعلان وسطيته.


ويأتي بعد رباعي الطليعة عدد من الرابحين الصغار، وفي مقدمتهم «الجبهة اليسارية»، التي جمعت «الهارب من الحزب الاشتراكي»، جان لوك ميلانشون، والحزب الشيوعي الذي يمكن أن يسجل 6.8 بالمئة، في أول خطوة في عملية استرداد بعض شعبيته السابقة، فيما تتخوف بعض قياداته من «وضع يد ميلانشون على الحزب». ومن الرابحين نسبياً أيضاً «الحزب الجديد المعادي للرأسمالية»، الذي يتزعمه أوليفيه بوزانسون، واستطاع تسجيل نحو ٥ بالمئة، أي أفضل من كل نتائج بوزانسونو السابقة باسم «رابطة الشيوعيين الثوريين».


إلا أنه لا يمكن نسيان عودة اليمين المتطرف حيث سجلت الجبهة الوطنية 6.4 بالمئة. ومن هنا يبدو أن استقطاب العداء لأوروبا يمكن أن يجلب أصوات، وخصوصاً أن ساركوزي ما إن وصل إلى الإليزيه حتى قرر «تجاوز التصويت الشعبي» في عملية قبول الدستور الأوروبي الجديد، ما أعطى حسب أكثر من محلل فرنسي «قوة دفع لمعارضي أوروبا» الذين «تشتتوا بين الأحزاب الشديدة المعارضة للفكرة الأوروبية». ورغم أنه يمكن القول إن ساركوزي خرج «رابحاً على ورق النتائج»، إلا أنه يمكن اعتباره مسؤولاً عن «الطلاق الفكري» بين المواطن الفرنسي وأوروبا، وما يمكن أن تمثله قراءة نتائج اليوم.
أما على المستوى الأوروبي، فقد مثّلت النتائج هزيمة مذلة لأحزاب الوسط اليسارية، فيما كان ينبغي أن تلقى طروحاتهم الاشتراكية إقبال الناخبين الذين تضرروا من الركود والأزمة الاقتصادية واقتصاد السوق.

وبعد فوز المحافظين فوزاً حاسماً على الاشتراكيين في الانتخابات، التي شابها ضعف إقبال قياسي بنسبة 43.09 في المئة، بعدما وصلت النسبة عام 2004 إلى 45.4 في المئة، أعلنت صحيفة يمين الوسط الإسبانية «الموندو» أنّ على اليسار في أوروبا معرفة الخطأ الذي حدث. وأوضحت أنّ «على الأحزاب اليسارية التقليدية أن تسأل أنفسها لماذا، في خضم الأزمة، فيما كانت نظريات السوق الحرة أكثر عرضة للانتقاد، لا يزال الناس يفضلون الوصفات الليبرالية؟»، مشيرةً إلى أن صعود اليمين المتطرف في النمسا وبلغاريا والمجر وسلوفينيا «مقلق للغاية» وهو نتيجة للتأثيرات الجانبية للتراجع الاقتصادي الخطير.
وفتحت هزيمة اليسار الباب أمام اليمين المتطرف الذي عرف كيف يغتنم هذه الفرصة ويكسب التأييد لطروحاته المتشددة؛ ففي هولندا مثلاً، حل حزب «الحرية» المعادي للإسلام في المرتبة الثانية مع 17 في المئة من الأصوات.

وفي إسبانيا، رأت صحيفة «الباييس» أن انتصار اليمين في إسبانيا هو «تحذير خطير» لحكومة خوسيه لويس ثاباتيرو الاشتراكية.
وبهذه النتيجة، من المتوقع أن تتمكن كتلة يمين الوسط في البرلمان الأوروبي، الحزب الشعبي الأوروبي، من الحصول على 263 مقعداً، ما يؤكد مرة أخرى أنها أكبر مجموعة في البرلمان المؤلّف من 736 مقعداً، متقدمة على الكتلة الاشتراكية 163 مقعداً. وإذا ما أضفنا إلى هذه الكتلة بضع عشرات النواب الأوروبيين من اليمين البريطاني والبولندي والتشيكي، تبدو عندها هذه الهيمنة اليمينية أوضح.

وفي المحصلة، حققت الحكومات اليمينية الفوز في كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا، بينما فازت أحزاب المعارضة المحافظة في بريطانيا وإسبانيا وبلغاريا. وحققت مجموعات اليمين المتطرف أيضاً مكاسب في بريطانيا والنمسا وهولندا والمجر.

2009-06-09