ارشيف من :آراء وتحليلات
باختصار: الصين وأولمبيادها

كتب محمد يونس
منذ أن أعلن عن استضافة الصين للألعاب الأولمبية (من 4 إلى 28 من الشهر الحالي) انهمكت كل المؤسسات والمنظمات الغربية من الاعلامية إلى السياسية إلى الاقتصادية وصولاً إلى الانسانية بحملات تشويش على هذه الاستضافة تساندها في ذلك بالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأميركية، حتى أن الأمر وصل إلى المؤسسات التي يفترض أنها من سيحيي هذه المناسبة أي الرياضية، وحتى اللجنة الأولمبية نفسها.
ومع أن هذه الحملة مستمرة وتزداد تصاعدا كلما اقتربنا من موعد الافتتاح، فإن ذلك لم يمنع الصين من المضي قدما بالتحضير لهذا الحدث العالمي دون الاكتراث لكل ما يحاك غربيا.
ويبدو أن من أوعز إلى اللجنة بالموافقة على إجراء الألعاب الأولمبية على أرض الصين كانت لديه حسابات لم توافق بالضرورة نتاج الحصاد، إذ أنها كانت تتوقع أن تستخدم هذه الورقة كعامل ضغط على بكين لجعلها تتنازل في عدد من القضايا العالمية، آخرها ما حصل مع السودان ورئيسه عندما طلبت المحكمة الجنائية الدولية ـ في خطوة غير مسبوقة ويشوبها الكثير من نقاط الخلل التي يمكن أن تؤدي إلى الطعن بها مستقبلا ـ اعتقال الرئيس عمر البشير لمحاكمته على خلفية ملف دارفور.
فالجميع يعلم حجم الاستثمار الصيني في السودان وفي دارفور تحديدا، والجميع يعلم أيضا مدى الحنق الغربي الأميركي على الخرطوم بسبب هذا التعاون.
ولكن من حاول استخدام هراوة الألعاب الأولمبية لدفع الصين إلى التنازل في هذا الملف (الخطوة جاءت قريبة جدا من افتتاح الألعاب) غاب عن باله أن الصين يمكن أن يكون تفكيرها مغايرا تماما، فالدورة الرياضية حاصلة بمن شارك ولم يعد هناك مجال لإلغائها، ومن يحضر يلعب وقد يكسب. وهي بأهميتها وأهمية مفاعيلها وآثارها على الصين، لكنها تبقى دورة تقام خلال 24 يوما تعود بعدها الأمور في الصين إلى طبيعتها، بينما التعاون الصيني السوداني مفاعيله مستمرة وآثاره تأخذ طابعاً طويل المدى، فكيف تصح المقارنة بين الاثنين.
مرة جديدة يقع هؤلاء الفراعنة في فخ نصبوه بأنفسهم، فسوريا سبقت الصين باستضافة القمة العربية وبإفشال كل محاولات الاستثمار التي قامت بها محاور الاعتدال والديمقراطية المزيفة.
فليس العلم وحده بات يطلب في الصين.
الانتقاد/ العدد1286 ـ 1 آب/ أغسطس 2008
منذ أن أعلن عن استضافة الصين للألعاب الأولمبية (من 4 إلى 28 من الشهر الحالي) انهمكت كل المؤسسات والمنظمات الغربية من الاعلامية إلى السياسية إلى الاقتصادية وصولاً إلى الانسانية بحملات تشويش على هذه الاستضافة تساندها في ذلك بالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأميركية، حتى أن الأمر وصل إلى المؤسسات التي يفترض أنها من سيحيي هذه المناسبة أي الرياضية، وحتى اللجنة الأولمبية نفسها.
ومع أن هذه الحملة مستمرة وتزداد تصاعدا كلما اقتربنا من موعد الافتتاح، فإن ذلك لم يمنع الصين من المضي قدما بالتحضير لهذا الحدث العالمي دون الاكتراث لكل ما يحاك غربيا.
ويبدو أن من أوعز إلى اللجنة بالموافقة على إجراء الألعاب الأولمبية على أرض الصين كانت لديه حسابات لم توافق بالضرورة نتاج الحصاد، إذ أنها كانت تتوقع أن تستخدم هذه الورقة كعامل ضغط على بكين لجعلها تتنازل في عدد من القضايا العالمية، آخرها ما حصل مع السودان ورئيسه عندما طلبت المحكمة الجنائية الدولية ـ في خطوة غير مسبوقة ويشوبها الكثير من نقاط الخلل التي يمكن أن تؤدي إلى الطعن بها مستقبلا ـ اعتقال الرئيس عمر البشير لمحاكمته على خلفية ملف دارفور.
فالجميع يعلم حجم الاستثمار الصيني في السودان وفي دارفور تحديدا، والجميع يعلم أيضا مدى الحنق الغربي الأميركي على الخرطوم بسبب هذا التعاون.
ولكن من حاول استخدام هراوة الألعاب الأولمبية لدفع الصين إلى التنازل في هذا الملف (الخطوة جاءت قريبة جدا من افتتاح الألعاب) غاب عن باله أن الصين يمكن أن يكون تفكيرها مغايرا تماما، فالدورة الرياضية حاصلة بمن شارك ولم يعد هناك مجال لإلغائها، ومن يحضر يلعب وقد يكسب. وهي بأهميتها وأهمية مفاعيلها وآثارها على الصين، لكنها تبقى دورة تقام خلال 24 يوما تعود بعدها الأمور في الصين إلى طبيعتها، بينما التعاون الصيني السوداني مفاعيله مستمرة وآثاره تأخذ طابعاً طويل المدى، فكيف تصح المقارنة بين الاثنين.
مرة جديدة يقع هؤلاء الفراعنة في فخ نصبوه بأنفسهم، فسوريا سبقت الصين باستضافة القمة العربية وبإفشال كل محاولات الاستثمار التي قامت بها محاور الاعتدال والديمقراطية المزيفة.
فليس العلم وحده بات يطلب في الصين.
الانتقاد/ العدد1286 ـ 1 آب/ أغسطس 2008