ارشيف من :أخبار عالمية

إيران تصوت بكثافة لرئيسها في أكثر الانتخابات «تنافسية» منذ الثورة

إيران تصوت بكثافة لرئيسها في أكثر الانتخابات «تنافسية» منذ الثورة
السفير

استبق الناخبون الإيرانيون فتح صناديق الاقتراع في أنحاء البلاد امس، ووقفوا في طوابير طويلة بانتظار الإدلاء باصواتهم، في انتخابات رئاسية عاشت منافسة حامية بين الرئيس محمود احمدي نجاد، ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، الى جانب رئيس مجلس الشورى السابق البرلمان مهدي كروبي والرئيس السابق للحرس الثوري الايراني المحافظ محسن رضائي، بعد حملة انتخابية حماسية غير مسبوقة منذ الثورة الاسلامية.

وبدأ التصويت الساعة الثامنة صباحا بتوقيت طهران، وجرى تمديده لأربع ساعات بسبب نسبة الإقبال العالية من الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، وعددهم 46 مليونا. وكان من المقرر أصلا انتهاء التـصويت الساعة السادسة مساء، الا انه استــمر حتى العاشرة. وقال رئيس اللجنة الانتخابية في وزارة الداخلية، كمران دانيشجو، ان «مشاركة الناخبين غير مسبوقة» في مراكز الانتخاب التي يبلغ عددها 45713 في أنحاء البلاد، فضلا عن 304 مراكز للإيرانيين في الخارج، بينها اكثر من 30 في الولايات المتحدة.

وكانت نسبة المشاركة اقتربت من 60 في المئة في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في العام 2005، حيث هزم نجاد الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني. وقال مسؤولون انهم يتوقعون ان تكون نسبة الإقبال امس، قد تجاوزت الـ70 في المئة، وان تقترب من النسبة القياسية التي بلغت حوالي 80 في المئة حين حقق محمد خاتمي فوزا كاسحا في انتخابات العام 1997. وتعتبر نسبة المشاركة عاملا أساسيا لـ«صورة النظام»، ومساعدا لموسوي، في وقت قال مسؤولون ان هذه الانتخابات هي «الأكثر تنافسية» منذ الثورة.

في حسينية ارشاد، المسجد الكبير في وسط العاصمة طهران الذي شكل منبرا للكثير من خطابات الثورة الاسلامية، كان اكثر من مئة شخص ينتظرون في صف طويل صباح الجمعة قبل ساعة من موعد بدء الانتخابات، في مؤشر الى تعبئة غير مسبوقة بين الناخبين، بعد حملة انتخابية حامية. وكان الإقبال شديدا الى حد ان عدد الناخبين الذين ينتظرون عند أبواب المركز، ارتفع بعد ساعة على بدء الاقتراع الى اكثر من 700 شخص.
وفي الداخل، كان الرجال والنساء يقفون في صفين منفصلين ينتظرون دورهم. وقالت ماهين (46 عاما) «اتصلت للتو بزوجي وأبنائي حتى يأتوا حالا للتصويت، والا فسيكون عليهم الانتظار ساعات ان تأخروا في المجيء».

وتكررت هذه المشاهد في جميع أنحاء المدينة، حيث وقف الناخبون في اعداد غفيرة تحت أشعة الشمس الحارقة امام مكاتب التصويت، سواء في الأحياء الشمالية الميسورة، او في الجنوب الشعبي، مرورا بوسط العاصمة. واستنسخ هذا الحضور نفسه في مراكز انتخابية في أنحاء البلاد، وخاصة أصفهان.
وذكرت وكالة الأنباء الايرانية الرسمية «ارنا» أن النساء الإيرانيات شاركن في الانتخابات الرئاسية بشكل أوسع من الرجال، مضيفة أن «طابور المقترعات كان أطول من طابور الرجال الذين اصطفوا للإدلاء بأصواتهم». كما نقلت عن نائب قائد قوى الأمن الداخلي احمد رضا رادان، قوله ان 200 ألف من کوادر قوى الأمن الداخلي «هم في حالة تأهب ومنهمكون بخدمة الشعب في عملية الاقتراع»، مؤكدا انه لم تقع اي مشكلة أمنية.
 
وكما في ايران، كثف الإيرانيون خارج بلادهم مشاركتهم في الانتخابات في السفارات والقنصليات في أنحاء العالم، حيث جرى تمديد فترة التصويت في اكثر من بلد، بينها العراق وفرنسا. وقال وزير الخارجية الايرانية منوشهر متكي، ان «مشارکة مواطنينا المقيمين في الخارج في الانتخابات الرئاسية، شهدت ارتفاعا بنسبة 300 في المئة».

وقد حث مرشد الجمهورية آية الله السيد علي خامنئي، الناخبين على المشاركة في الانتخابات بينما كان يدلي بصوته. وقال في تصريحات نقلها التلفزيون على الهواء «على الكل الذهاب والتصويت والتصرف بناء على حكمهم»، داعيا في الوقت ذاته «الى لزوم الهدوء ومنع ظهور التوتر في مكاتب التصويت»، بينما قال الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني ان «انتخابات هذا العام تعد واحدة من أهم الانتخابات في تاريخ بلادنا، وسيكون لها بالتأكيد تأثير مهم على الدور المستقبلي لإيران في التطورات العالمية».

من جهته، قال نجاد وهو يدلي بصوته في منطقة تعيش فيها الطبقة العاملة في جنوب شرق العاصمة، بعدما انتظر 40 دقيقة في صف طويل، ان «القرار القوي والثوري والواضح للشعب سيجلب مستقبلا مشرقا للأمة». أما موسوي، الذي أدلى بصوته ايضا في جنوب طهران، فرأى «مؤشر خير» في الإقبال القوي معتبرا انه «بمشيئة الله وبمشاركة الشعب في مختلف أنحاء البلاد، سنشهد أياما أفضل وأجمل.» لكنه دعا «المسؤولين الى السهر على حراسة صناديق الاقتراع»، بعدما ذكرت معلومات ان بعض «ممثليه لم يسمح لهم بالقيام بمهام مراقبين» في مكاتب تصويت.

وكان موسوي حذر في رسالة موجهة الى خامنئي، من ان «ثمة شهادات تفيد عن تدخل عدد من القادة والمسؤولين في الحرس الثوري والباسيج في الانتخابات»، معتبرا «ان مثل هذه الاعمال، في حال تأكدت، تشكل انتهاكا للقانون وستثير شقاقا بين قادة الحرس الثوري والباسيج وقاعدتهما النزيهة والنظيفة». ورد الحرس الثوري طالبا من موسوي إبراز «أدلة على مزاعمه» او «تقديم اعتذارات للناس والحرس الثوري والباسيج»، في وقت أكد النائب الأول للرئيس الإيراني براويز داودي ان «مؤامرة الاستكبار وقوى الغطرسة العالمية للتحضير لثورة مخملية في إيران خطأ تاريخي سيفشل».

في موازاة ذلك، اعتبر کروبي عقب الإدلاء بصوته في طهران، ان هذه الانتخابات «حماسية ومنقطعة النظير في تاريخ الانتخابات الرئاسية الإيرانية، بسبب الاهتمام الذي يوليه الشعب الإيراني» لها. بدوره شدّد المرشح محسن رضائي بعدما أدلى بصوته في طهران ايضا، على ان «صوت الشعب هو صوت مقدس ومحترم»، مؤكدا أنه سيحترم ويتعاون مع أي من منافسيه الآخرين لو تم اختياره رئيسا.

وفي منتصف اليوم الانتخابي، قال صادق خرازي، وهو حليف لموسوي، ان المسح الذي يجريه الاصلاحيون يظهر ان رئيس الوزراء السابق حصل على ما يتراوح بين 58 و60 في المئة من الأصوات. غير ان ممثل نجاد، علي اصغر زارعي، قال انه «اعتمادا على تقييم موقف نجاد فانه متقدم.. بنسبة 60 في المئة من الأصوات ونحن متأكدون من ان الانتخابات ستنتهي في الجولة الاولى لصالحه».

2009-06-13