ارشيف من :أخبار عالمية
الأسد وميتشل يتفقان على ترابط الملفات الإقليمية
اتفق الرئيس السوري بشار الأسد والمبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام في المنطقة جورج ميتشل، في دمشق أمس الأول، على تداخل ملفات المنطقة وتأثيراتها المتبادلة على بعضها البعض. وانتهى اللقاء بالاتفاق على الاستمرار في خطوات بناء الثقة بين الجانبين.
واجتمع الأسد مع ميتشل، في دمشق لساعة ونصف ساعة، بحضور وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد، والوفد المرافق لميتشل وضم مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان ومساعد ميتشل الخبير فريدريك هوف .وتعتبر الزيارة أقوى إشارة أميركية جديدة على رغبتها بتحسين العلاقات مع دمشق.
ووصفت مصادر سورية وأميركية متقاربة اللقاء بالإيجابي، مشيرة إلى اهتمام ميتشل بالتفاصيل «وآفاق العلاقات السورية الأميركية». واعتبر مسؤول أميركي رفيع المستوى في وزارة الخارجية أن اللقاء يمثل تمهيدا للقاءات مماثلة، وأن خطوات بناء الثقة بين الطرفين ستستمر في الأسابيع المقبلة، معتبرا أن استقبال الجانب السوري لوفد عسكري أميركي الجمعة الماضي يأتي في هذا السياق، لافتا إلى أن الجانبين ناقشا التعاون الأمني بين الطرفين. واعتبر أن ما حصل في لبنان كان «أمرا إيجابيا» يمكن أن يضاف إلى سياق التقارب الأميركي السوري.
وكان الأسد بحث وميتشل «آفاق السلام والأوضاع في المنطقة». وبعد أن اطلع الرئيس السوري من المبعوث الأميركي على نتائج جولته في المنطقة والرؤية الأميركية لعملية السلام، شرح «الموقف السوري الثابت والساعي لتحقيق السلام العادل والشامل المبني على أساس المرجعيات وقرارات الشرعية الدولية، مبرزا أهمية الحوار الجاد والبناء المبني على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في الوصول إلى رؤية واضحة ودقيقة للسلام المنشود». وأكد «حرص سوريا على عروبة العراق ووحدة أراضيه».
بدوره، أكد ميتشل «التزام الإدارة الأميركية الجديدة والرئيس (باراك) أوباما بتحقيق سلام شامل في المنطقة».
واتفق الجانبان، وفق بيان رئاسي سوري، على أن «المسائل في المنطقة متداخلة، وأن التقدم في حل أي مسألة يسهم في دفع المسائل الأخرى بالاتجاه الإيجابي، وعبرا عن تطلعهما إلى إقامة علاقات سورية أميركية طبيعية بما يخدم مصالح البلدين والشعبين».
ولاحقا، أكد ميتشل، في بيان، التزام الولايات المتحدة «بالسعي الحثيث والفعال للوصول إلى سلام شامل في الشرق الأوسط». وقال «أوضح أوباما ووزيرة الخارجية (هيلاري كلينتون) أننا نريد سلاما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بين سوريا وإسرائيل، بين لبنان وإسرائيل، وتطبيعا كاملا بين إسرائيل وجيرانها العرب. إن السلام الذي ننشده هو سلام شامل حقا».
وأضاف ميتشل «إننا واعون جيدا للصعوبات الجمة على هذا الطريق، ولكننا مع ذلك نتشارك في واجب أن نخلق الشروط الملائمة للمفاوضات لكي تبدأ حالا وتنتهي بنجاح. وإن دعم هذا الجهد بالخطوات الملموسة هو في صالح جميع من يتحدث عن السلام من أميركيين وأوروبيين وعرب وإسرائيليين وآخرين». وشدد على أن «لسوريا دورا حيويا يمكن أن تؤديه للوصول إلى سلام شامل»، مشيرا إلى أن اجتماعه بالأسد يأتي في سياق بناء على أساس الجهود المشتركة «للتأسيس لعلاقة قائمة على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة. وإن الولايات المتحدة تتطلع لاستمرار هذا الحوار».
من جهته، وصف مسؤول أميركي رفيع المستوى في الخارجية الأميركية المحادثات بالبناءة والإيجابية، مشيرا إلى أن زيارة ميتشل تأتي بعد جولات من الحوار جرت بين مسؤولين من البلدين، وأنها تأتي بعد يوم واحد من زيارة وفد عسكري أميركي من القيادة الوسطى في العراق إلى دمشق لبحث التعاون الأمني بين الجانبين.
وبالرغم من أن المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أقر بوجود تعقيدات في العلاقة مع دمشق، إلا أنه اعتبر أن الأمور تتقدم، مشيرا إلى أن زيارة ميتشل هي «لجمع خلاصة الأفكار والآراء التي لدى الجانب السوري» سواء كان ذلك باتجاه عملية السلام أو العلاقات الثنائية.
وكان لافتا عدم رغبة الجانب الأميركي الإقرار بصيغة محددة لدعم جهود السلام. وحين سألت «السفير» عما إذا كان عدم إقرار صيغة في الوقت الحالي يعني تجاهل قرارات الشرعية الدولية، قال المسؤول إن الولايات المتحدة لكونها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي تحترم هذه القرارات، وأن «مضمون المفاوضات يجب أن يأخذ بالاعتبار هذه القرارات، إضافة لعوامل أخرى» لم يسمها.
وأوضح المسؤول أن واشنطن تحدثت إلى الأتراك حول دورهم في هذه العملية، ولكن «لا زلنا نتحدث للطرفين، إسرائيل وسوريا، لنرى كيف يمكن استئناف المفاوضات». وتجنب تسمية المرحلة التي وصل إليها الحوار الثنائي بـ«خريطة طريق»، معتبرا أنه إذا كان الأمر هنا يعني «استشارة جدية حول مواضيع معينة يمكن التقدم بها من خلال النقاش، فيمكن القول إننا في هذه المرحلة»، لكن ليضيف أن ثمة «حوارا مباشرا» الآن لمناقشة كل المواضيع المشتركة، مشيرا إلى العلاقة مع حركة حماس و«حزب الله» وإيران والملف النووي وعملية السلام والعلاقات الثنائية والعراق.
وقال المسؤول، ردا على سؤال لـ«السفير» عما إذا كان يعتبر نتيجة الانتخابات اللبنانية مرتبطة بأي شكل من الأشكال بالحوار السوري الأميركي، إن ما حصل في لبنان كان «أمرا إيجابيا» يمكن أن يضاف إلى سياق التقارب الأميركي السوري، مشيرا إلى أن لبنان كان «يناقش بتفصيل أكثر في السابق»، موضحا أن «الجانبين عبرا عن قناعتهما بأن الانتخابات هي موضوع يتعلق بالشعب اللبناني».
ويلاحظ المسؤول أن ثمة تقدما عموما في بناء علاقة تبادلية بين الجانبين، بينها عودة افتتاح مركز تعليم اللغات الأميركي في دمشق، والموافقة على بناء سفارة أميركية جديدة في سوريا، وهي خطوة قال إنها «تعبر عن الرسالة بأننا هنا لمدة طويلة»، ناهيك عن الزيارة الأخيرة للوفد العسكري الأميركي.
وفي سياق مشابه، اجتمع وفد عسكري أميركي من القيادة الأميركية الوسطى في العراق مع مسؤولين سوريين الجمعة الماضي، لبحث «سبل التعاون الأمني» بين الجانبين بخصوص العراق.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الخارجية الأميركية ردا على سؤال لـ«السفير» إن الزيارة تأتي في سياق «بناء علاقة تعاون أمني بين الطرفين». وأضاف أن الجانب الأميركي أراد أن يستمع للجانب السوري حول رؤيته لكيفية دعم تحقيق استقرار أمني في العراق، وأن يقدم رؤية الجانب الأميركي. وأضاف أن الجانب الأميركي لا ينظر إلى قبول دمشق استقبال الوفد باعتباره «خدمة» لواشنطن، رافضا بشدة القول إن الجانب الأميركي حمل أية طلبات أو رغب في ممارسة سياسة ضغط.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018