ارشيف من :أخبار عالمية

بايدن يشكك بمسار الانتخابات... والإدارة تتجه إلى قبول النتائج

بايدن يشكك بمسار الانتخابات... والإدارة تتجه إلى قبول النتائج
السفير

القلق الاميركي من طموحات ايران النووية ومركزية القرار في النظام الايراني، تحول مؤقتا الى قلق حول الفوضى المحتملة داخل ايران وتأثيرها على الانخراط الاميركي مع طهران، في وقت تظهر مؤشرات حول احتمال مسارعة الكونغرس بدفع الادارة الى استعجال فرص هذا الحوار، لفرض عقوبات اقتصادية على ايران بعد إعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد.

لكن لا تزال الادارة الاميركية «تراقب وتنتظر» انعكاسات الانتخابات الايرانية. وقال في هذا السياق نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن «يبدو من الطريقة التي يقمعون بها الخطاب، ويقمعون الحشود، وبالطريقة التي يعاملون بها الناس، ان هناك بعض الشك الحقيقي» في المسار الانتخابي.

وشكك بايدن ايضا بالأرقام التي حصل عليها نجاد في المدن الكبرى، واصفا النتائج بانها «غير محتملة». واضاف لقناة «ان بي سي» «علينا القبول بالنتائج في الوقت الراهن، لكن هناك عددا ضخما من الأسئلة حول كيفية ادارة هذه الانتخابات. هل هذه نتيجة رغبات الشعب الايراني؟ الامل ان تحتسب كل اصوات الشعب الايراني بشكل عادل. لكن نحن لا نعرف ما يكفي لنتخذ حكما نهائيا».

ورأى بايدن ان مرشد الجمهورية الاسلامية السيد علي خامنئي «قرر ان البديل (المرشح مير حسين موسوي) ليس مفيدا». وردا على سؤال اذا ما عبرت الانتخابات الايرانية عن رغبات الشعب، قال «اشك ان اي شيء مع عواقب، يمكن فعله من دون موافقة» خامنئي. وذكر ان قرار الانخراط الدبلوماسي ليس «جائزة لحسن سلوك ايران»، مضيفا ان «قرار التحدث اتخذ. نحن مستعدون للمشاركة. نحن مستعدون للتحدث».

الادارة الاميركية تؤكد تمسكها بالحوار مع ايران مهما كانت النتائج، وهي حتما كانت تفضل الحوار مع موسوي، لكن مصادر اميركية تؤكد ان خامنئي هو من يتخذ القرار، ورغبة ادارة باراك اوباما بالانخراط، بدأت مع وجود نجاد في الرئاسة وستستمر رغم النتائج. وقال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس في بيان امس الأول «مثل سائر العالم، لقد تأثرنا بالنقاش الحيوي والحماسة التي ولدتها هذه الانتخابات، لاسيما في صفوف الشبان الايرانيين. نواصل مراقبة الوضع بأثره عن كثب، بما فيه تقارير عن حدوث مخالفات». كما رددت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الأفكار ذاتها، لكنها أضافت عليها مقطعا جاء فيه «نأمل بالطبع ان تعكس النتائج رغبة الشعب الايراني وإرادته الصادقة».

اليمين الاميركي يرى ان على البيت الابيض استغلال الفرصة ودعم التظاهرات في ايران ويواصل انتقاده لرغبة اوباما في الحوار لانها لم توقف برنامج ايران النووي، فيما أصوات الوسط واليسار ترى ان ما يحدث في ايران نتيجة انفتاح اوباما على طهران، لكن يجب التريث قبل اتخاذ المواقف. المثير للاهتمام هو ان اوباما غير قادر على الاعتراف بالنتائج قبل ان يعلن موسوي خسارته، لاسيما ان الحزب الديموقراطي يدرك جيدا مرارة هذه التجربة بعد الخسارة الجدلية لمرشح الرئاسة الديموقراطي آل غور امام منافسه الجمهوري حينها جورج بوش في العام 2000.


الإعلام الاميركي، من مطبوعات الى شبكات تلفزيونية، أبدى اهتماما لافتا بالانتخابات الايرانية مع عرض صور عن الاضطرابات في شوارع ايران، بحيث كان لـ«واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» و«لوس انجلس تايمز» و«وول ستريت جورنال»، مراسلين داخل ايران. والشبكات التلفزيونية التي تتابع عادة القضايا المحلية، حولت تركيزها الى نتائج الانتخابات الايرانية. ويعود هذا الامر لأسباب كثيرة، لاسيما تركيز اوباما على فكرة الانخراط مع ايران منذ رسالة عيد النوروز، وبسبب برنامج ايران النووي و«ارتباطه» بإسرائيل، وبسبب الاهتمام الاميركي بصعود موسوي وبالحالة الشبابية التي تقف وراء ترشيحه.


ورأت صحيفة «بوليتيكو» تعليقا على الانتخابات الايرانية انه «يظهر ان فكرة اثر اوباما التي تجتاح الشرق الاوسط، تصطدم مع وقائع الجمهورية الاسلامية الايرانية». وتابعت انه رغم الفوارق القليلة بين نجاد وموسوي حول البرنامج النووي، يبدو ان «لهجة حملة موسوي والانطباع حول محرك واسع للتغيير يقوده شباب البلاد وينظم على شبكة الانترنت ورسائل الهواتف المحمولة، صدى لفوز اوباما ورد على وعود الانخراط في خطاب اوباما الاخير في القاهرة».

ورأت صحيفة «لوس انجلس تايمز» ان إعادة انتخاب نجاد وجهت «نكسة لامال ادارة اوباما في حصد علاقة افضل مع الجمهورية الاسلامية». وتابعت «اذا كان العالم ينظر الى حكومة ايران على انها غير شرعية، سيبدو التواصل الدبلوماسي والمبادرات الجديدة من الولايات المتحدة كأنه فكرة مشكوك بها». ورأت ان مع الكونغرس ومجموعات الضغط الموالية لإسرائيل، ستدفع ادارة اوباما «الى تضييق مهلة الانفتاح على ايران» للانتقال سريعا الى مرحلة فرض العقوبات الاقتصادية. وحتى ان الصحيفة نقلت عن مسؤول اميركي قوله قبل إعلان النتائج، ان فوز نجاد «قد يعني المزيد من الضغوط للحد من جدول زمني» لهذا الانخراط.


وبالفعل، اعتبرت السيناتور سوزان كولينز في حديث لقناة «سي ان ان»، ان ما يجري بعد الانتخابات يجعل الحوار مع ايران «اكثر صعوبة». وقال كريستوفر ديكي في مجلة «نيوزويك» ان الفائز الأكثر وضوحا في الانتخابات الايرانية هو رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيرا الى ان فوز موسوي باعتداله كان ليؤدي الى «حجب» مسألة البرنامج النووي و«تجاهل الأخطار المحتملة كما يراها الإسرائيليون». وذكر انه مع التكهن باحتمال فوز موسوي، بدأت مجموعة الضغط الاسرائيلية «ايباك» توجيه رسائل الكترونية الى الادارة الاميركية تقول فيها ان موسوي «رجل سيء جدا ايضا»، مشيرة الى دوره في الصفقة السرية مع شبكة العالم الباكستاني عبد القدير خان التي أدت الى إطلاق برنامج طهران النووي.


من جهة أخرى، رأى الباحث فلينت ليفيريت من مؤسسة «اميركا الجديدة»، والمؤيد بشدة للانخراط الدبلوماسي مع طهران، ان مزاعم التزوير على نطاق واسع يعبر اكثر عن تمنيات موسوي. واعتبر ان خسارة نجاد كانت المفاجئة، وليس العكس، مشيرا الى ان وسائل الإعلام الغربية بالغت في صعود موسوي في الأسبوعين الماضيين.

ورأى الخبير في الشؤون الايرانية في «معهد كارنيغي للسلام الدولي»، كريم سدجادبور، ان على ادارة اوباما انتظار اتضاح المشهد الداخلي في ايران قبل التعليق على نتائج الانتخابات، وان فوز نجاد يطرح «تحديا لا يمكن تخطيه لإستراتيجية اوباما بالانخراط». واضاف «عندما ينجلي الغبار في نهاية المطاف، لا يوجد امام الولايات المتحدة سوى خيار التحدث الى طهران، لكنه سيكون على الأرجح حوارا باردا متص`لبا، بدل التحديات الودية».

2009-06-15