ارشيف من :أخبار عالمية
فرنسا تستدعي سفير إيران .. ولا تتـدخـل في شـؤونها!
باريس تختبر تدخلا مدروسا في النزاع الانتخابي الإيراني. مهدي مير بوطالبي، لم يستجب لدعوة الخارجية الفرنسية. الاستدعاء الذي يبقى إجراء استثنائياً في العلاقات الدبلوماسية، لم يجد التفهم المنتظر لدى السفير الإيراني في باريس.
بوطالبي انتدب سكرتير السفارة، لتوضيح ما طلب الكي دورسيه توضيحه في نتائج الانتخابات الإيرانية. ومنذ بدأت الأزمة المفتوحة في إيران، ونزل أنصار المرشح الخاسر مير حسين موسوي إلى الشوارع، تنتاب الفرنسيين رغبة ملحة بضم صوتهم إلى الأصوات المحتجة في طهران، لكن دون الظهور بمظهر من يتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، والخروج عن إجماع أوروبي بتفادي المـشاركة في «دعم» أحمدي نجاد خطأ، بإظهار التعاطف مع منافسه موسوي.
الخارجية الفرنسية بلسان المتحدث باسمها أريك شوفالييه، بررت الاستدعاء للإعراب عن قلقها عما يحدث من قمع للمتظاهرين، وحرية الصحافة، والاحتجاج على التظاهرات ضد السفارة الفرنسية في طهران.
شوفالييه قال إن «علاقاتنا مع إيران ليست متوترة، ونحن لا تتدخل في شؤونها الداخلية، لكننا نعبر فقط عن قلقنا انسجاماً مع قيم نؤمن بها وهذا ليس موقفنا فقط، بل موقف معظم دول الأسرة الدولية، التي تشاطرنا القلق».
السكرتير الأول في السفارة الإيرانية، أبلغ الفرنسيين أن حكومته «ستقدم معلومات محددة لكل المرشحين بشأن النتائج، وفي كل مكتب انتخابي».
باريس ذهبت أبعد من التعبير عن القلق، في خطوة أولى ومحددة، طالبت بتحقيق حيادي لنزع الشكوك التي تحيط بنزاهة الانتخابات. شوفالييه برر الطلب «بأنه صدر نظراً لغياب المراقبين الدوليين»، والطلب يقتصر حتى الآن على لجنة إيرانية محايدة «لأننا نعتبر أن الإيرانيين هم وحدهم من يملكون الحق بالحصول على معلومات حول شفافية الانتخابات ووضوحها». ولم يحدد طرق اختيار اللجنة، عاهداً بذلك «إلى اللاعبين الإيرانيين، واختيار الطريقة الأمثل لإجراء تحقيق حيادي ويتمتع بالمصداقية».
وكانت باريس قد تبنت قراءة مشابهة للقراءة الأميركية، واستطلاعات في واشنطن منحت الانتصار بفرق كبير للرئيس أحمدي نجاد، قبل أن تعود في الأيام الأخيرة إلى تبني استطلاعات إيرانية وضعت موسوي فائزاً.
ورغم أن وجهة النظر السائدة لم تكن تراهن على تغيير رئاسي إيراني، يحدث انقلابا في موقف إيران ومقاربتها للمفاوضات على البرنامج النووي، إلا أن مصداقية إعطاء ضمانات حقيقية في أي مفاوضات يخوضها موسوي، لو فاز، قللت من أهميتها اعتقاد أميركي وفرنسي جازم بأن القرار النووي يعود في النهاية إلى مرشد الجمهورية محمد علي خامنئي، أياً كان الرئيس.
لكن ذلك لا يخفي مخاوف أن تطيح عودة نجاد بسياسة أميركية وغربية جديدة تراهن على الحوار، وتقتل في المهد فكرة منح باراك أوباما الوقت الضروري لتجربة مقاربته، والتي ساهم انتصار قوى 14 آذار في لبنان، بتعزيز انطباع أنه طليعة رسائل انتخابية تلاقي يد أوباما الممدودة للحوار.
وبتأخير يومين على الموقف الأميركي، يصل الفرنسيون إلى قراءة جو بايدن، لنتائج الانتخابات الإيرانية، ويستخلصون النتائج نفسها التي توصل إليها نائب الرئيس الأميركي بأن هناك شكوكاً في نزاهة العملية الانتخابية «خصوصاً أن سبعين في المئة من أصوات نجاد، كما أعلنت، جاءت من المدن، التي تصوت بقوة للمرشح موسوي وللإصلاحيين».
الرئيس نيكولا ساركوزي كان أكثر تحفظا من بايدن، فاكتفى بإدانة العنف وقمع المتظاهرين. لكن وزير الخارجية برنار كوشنير، ودون قراءة خريطة الانتخاب الإيرانية، سبق إلى مقارنة ما يجري بانتفاضة طلاب جامعة طهران قبل عقد، واقتحام الباسيج حرم الجامعة، لإنهاء تحركهم بالقوة.
وتحظى الأعلام الخضراء في تظاهرات مؤيدي موسوي بمقارنات مع ما جرى في أوكرانيا البرتقالية، وفي أوروبا الشرقية من انقلابات سلمية. ويقول مصدر رسمي إنه من السابق الرهان على مستقبل التحرك، لكن ما يشد الانتباه هو الحملة على «صلاحيات الولي الفقيه»، وهي التي تمنح التحرك طابعا ثوريا حقيقيا لأنه يطال نواة النظام القائم في طهران. الرد الفرنسي يقتصر حتى الآن على طلبات التوضيح.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018