ارشيف من :آراء وتحليلات

استقالة الجبالي من الأمانة العامة لحركة النهضة هل هي مناورة؟


استقالة الجبالي من الأمانة العامة لحركة النهضة هل هي مناورة؟
الحدث الأبرز على الساحة السياسية التونسية يتعلق باستقالتين شهدتهما حركة النهضة، الأولى تتعلق بالقيادي وعضو مجلس شورى الحركة رياض الشعيبي، والثانية وهي من الوزن الثقيل تهم أمين عام الحركة رئيس الحكومة التونسية الأسبق حمادي الجبالي. وإن كان الأول قد غادر الحركة نهائيا وهو بصدد تشكيل حزب جديد فإن حمادي الجبالي اقتصر على الإستقالة من منصبه داخل الحركة كأمين عام

لكن جهات عديدة تؤكد أن الجبالي استقال أيضا من حركة النهضة لكن حرصا على عدم حصول انشقاقات داخلها تم التكتم على ذلك وتم الإعلان رسميا فقط عن الإستقالة من الأمانة العامة. بل يذهب هؤلاء أكثر ليؤكدوا أن استقالة الجبالي من حركة النهضة تمت بعيد اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد حين كان الجبالي رئيسا للحكومة وقدم تصورا لخروج تونس من أزمتها كانت حركة النهضة أول الرافضين له، لترشح لاحقا علي العريض لخلافة الجبالي.

جناح الحمائم

وإذا كان رياض الشعيبي قد استقال بسبب المرونة التي أظهرتها الحركة مؤخرا في تعاطيها مع الشأن السياسي في تونس، وصرح بأنه كان ضد اللقاء الشهير الذي جمع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي برئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي في باريس، فإن الجبالي الذي ينتمي إلى جناح الحمائم داخل الحركة، يبدو أن ما أجبره على الإستقالة هو تراجع شعبيته في صفوف حزبه ودخوله في صراعات مع جناح الصقور الذي يرأسه راشد الغنوشي وينتمي إليه أيضا علي العريض.


استقالة الجبالي من الأمانة العامة لحركة النهضة هل هي مناورة؟

ويرى كثير من المراقبين أن تصدع حركة النهضة الذي تنبأ به كثير من المحللين في وقت سابق قد بدأت بوادره تلوح لاستحالة التعايش بين المتشددين والمعتدلين أو النجديين (نسبة إلى نجد التي تنحدر منها كثير من القبائل الجنوبية التونسية ومنها تلك التي ينتمي إليها راشد الغنوشي) والأندلسيين (نسبة إلى الأندلس رمز الفكر الإسلامي المستنير التي ينحدر منها بعض قادة النهضة المعتدلين). فالبون شاسع بين هؤلاء وأولئك، فالمتشددون على علاقات وطيدة بالجماعات التكفيرية حتى أصبح التمييز مستحيلا بين ما يبشر به بعضهم وبين ما يصرح به أبو عياض زعيم تنظيم أنصار الشريعة الفرع التونسي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فيما ينادي المعتدلون ومنهم حمادي الجبالي بضرورة انخراط الحركة أكثر في واقعها التونسي ومراعاة الإختلافات داخله والسعي لبناء نظام ديمقراطي حقيقي يكفل تداولا سلميا على السلطة.

مناورة


لكن أصواتا عديدة تعالت معتبرة استقالة حمادي الجبالي مجرد مناورة الهدف منها تفرغ الجبالي من أعباء الأمانة ليهتم بالإستعداد للإنتخابات الرئاسية وخاصة أن الأمر يتعلق بحركة عقائدية يصعب تصور حصول انشقاقات داخلها مثلما يحصل داخل الأحزاب السياسية التقليدية. ويؤكد هؤلاء أن حمادي الجبالي سيكون مرشح حركة النهضة للإنتخابات الرئاسية القادمة وهو بحاجة إلى كسب بعض أصوات "القوى الحداثية" التي سترجح كفته والتي لن ينالها ما دام في حركة النهضة أمينا عاما لها.

فالجبالي، بحسب هؤلاء، يرغب في الظهور بمظهر المعارض لسياسات الحركة التي يحمّلها كثير من التونسيين المسؤولية السياسية والأخلاقية عن الإغتيالات التي عرفتها البلاد والتي طالت سياسيين وأمنيين وعسكريين، وهو ما ساهم في تراجع شعبية الحركة. كما يؤكد بعض المطلعين على خبايا الحركة أن الجبالي غير قادر على العمل خارج الإطار الذي يضعه رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي يدين له النهضويون بالولاء، وبالتالي فلا يتصور هؤلاء أن يكون الجبالي صاحب مبادرة يخرج من خلالها من جلباب رئيس الحركة المرشح ليكون قريبا المرشد العام للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.

2014-03-26