ارشيف من :أخبار عالمية

تركيا تحترم اللعبة الداخلية في إيران

تركيا تحترم اللعبة الداخلية في إيران


تزامنت الانتخابات الرئاسية في إيران مع اندلاع مشكلة داخلية كبيرة في تركيا، هي الوثيقة التي اكتشفت بتوقيع مسؤول كبير في رئاسة أركان الجيش، وتعرض خطة لإضعاف حزب العدالة والتنمية ولرجل الدين فتح الله غولين.

لذا، انحرف جانب كبير من اهتمام الإعلام التركي، ولا يزال، عما جرى في إيران إلى قضية اكتشاف الوثيقة، لكن ذلك بالطبع لم يعن غياب الموضوع الإيراني الذي حظي أيضا بتغطية ملحوظة.


لم يتأخر المسؤولون الأتراك، وفي مقدمهم الرئيس عبد الله غول ورئيس الحكومة رجب طيب اردوغان في توجيه رسائل التهنئة للرئيس المنتخب محمود احمدي نجاد فور إعلان النتائج رسميا، وقبل ظهور التداعيات اللاحقة من تظاهرات وتوترات.
وفي ذلك إشارة ورسالة تركية على احترامها لحرية اختيار الناخب الإيراني ورغبتها في استمرار العلاقات الممتازة مع إيران كدولة كائنا من كان الرئيس المنتخب.

وفي هذه النقطة بالذات افترقت أنقرة عن العالم الغربي الذي بدأ يظهر تشكيكه بالنتائج، ويهيئ نفسه لفتح مشكلة مع طهران في محاولة للنفاذ من الخلاف الداخلي الإيراني لممارسة ضغوط مستقبلية على القيادة الإيرانية.


ويرى مسؤول تركي رفيع المستوى، في حديث إلى صحيفة «ميللييت»، أن موقف غول واردوغان كان طبيعيا لأن «إيران جارة لتركيا، ولها علاقات مختلفة عن علاقاتها مع الدول الأخرى كما لها مصالح مشتركة معها، وهو ما ليس موجودا في العلاقات بين إيران والغرب». ويوضح «أن تركيا لا تتدخل في الانقسام الداخلي في إيران، وهي تتعامل مع من يعلن رسميا انه الفائز، وهذا ما حصل».


ويقول المسؤول إن أنقرة نجحت في إقامة علاقات وثيقة مع نجاد، كما أن غول بنى علاقات شخصية مع المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي. وبالتالي فإن الأتراك لا يريدون قطع هذا المسار. ويوضح أن مصلحة تركيا إنهاء الأزمة وعدم ترسيخ الانقسام الداخلي.


ويقول الكاتب في «ميللييت» سامي كوهين ان ما تتبعه أنقرة لا يختلف عما تتبعه الدول المعنية بالوضع في إيران، لجهة المقاربة الحذرة للوضع تحوطا من حصول مفاجآت. ورأى أن اكبر المرتبكين في كيفية مقاربة الوضع هي إدارة الرئيس باراك اوباما، إذ ان الإدارة الأميركية كانت أبدت رغبتها في الانفتاح والحوار مع نجاد نفسه، ولو لم تحصل الانتخابات الإيرانية لربما كان الحوار قد بدأ. لكن الخلاف الداخلي في إيران أربك هذه الحسابات ودفع بالجمهوريين إلى انتقاد تغاضي إدارة اوباما عن «انتهاكات» حقوق الإنسان والعملية الديموقراطية في إيران.


وينتقد إبراهيم قره غول في صحيفة «يني شفق» المحرضين على الــثورة المــضادة في طهران، من وسائل إعلام تركية وغربية وغير غربية، التي نظرت إلى هزيمة مير حسين موسوي كما لو أنها هزيمة لهم، وهذا يعكس عدم فهمهم لما يجري في إيران.

وقال قره غول إن التصريحات بعدم الاعتراف بالنتائج لا تختلف أبدا عن عدم اعترافهم بنتائج الانتخابات الفلسطينية وفوز حماس، ولا عن موقفهم من فوز الحركة الإسلامية في الجزائر. وينتقد بشدة ما أشاعه روبرت فيسك في «الاندبندنت» عن رسالة من وزير الداخلية الإيراني إلى خامنئي وتشير إلى فوز موسوي وحصول نجاد على المرتبة الثالثة بـ 14 في المئة من الأصوات.


ويقول قره غول انه يمكن فهم اتهامات الفساد أو التلاعب ببعض الأصوات، لكن هل يمكن التلاعب إلى درجة رفع نسبة التأييد لنجاد من 14 إلى 62 في المئة؟ وقال إن هذه هي المشكلة مع من ينظرون إلى إيران بعين الغرب لا بعين المتخصص والخبير. وأضاف «نحن نعرف إيران جيدا. وهذا لا يمكن أن يحصل. ولماذا لا يمــكن لرئيــس نال 61 في المئة في العام 2005 ألا ينال اليوم 62 في المئة؟». وأضاف إن دل هذا على شيء فعلى أن الغرب بنى تقديراته على الأوهام والافتراضات لا على الواقع.

ويرفض الكاتب ادعاءات»خبراء» الشأن الإيراني في تركيا حول ثورة مضادة للحرس الثوري ضد الإصلاحيين. ويقول انه إذا كان من ثورة مضادة فمن جانب الإصلاحيين والمعارضة التي خسرت الانتخابات لا من قبل قوى النظام. ويرى انه توجد بالفعل تصفية حســابات داخلية في إيران، ولذا اقترع الإيرانيون لصالح الطرف المعادي للغرب. واعتبر انه إذا كان الغرب يفهم إيران على النحو الذي قاربها خلال الأيام القليلة الماضية فهذا يعني انه خسر المعركة منذ الآن، هو والمعارضة الإيرانية.


السفير

2009-06-20