ارشيف من :آراء وتحليلات
مناطق اوكرانية جديدة تطالب بالانضمام الى روسيا

تتواصل في جميع اجهزة الاعلام الغربية حملة "النباح البروباغندي" المسعور المعادية لروسيا، التي تديرها اجهزة المخابرات الامبريالية والصهيونية، والتي تدعي ان روسيا قد "احتلت" شبه جزيرة القرم بالقوة، بالرغم من ارادة شعبها. ولكن حملة الكذب الاعلامي الغربي تستثير السخرية لدى الجماهير الشعبية ولدى مؤسسات السلطة الجديدة في القرم. وبالرغم من كل هذه الحملة الشعواء والمحاولات الغربية المحمومة لاصطياد اي بادرة معارضة معادية لروسيا، فإنه لم تحدث في القرم اي مظاهرة احتجاج، ولو من بضعة انفار مأجورين، ضد اعادة توحيد شبه جزيرة القرم مع الوطن الام روسيا. بل على العكس من ذلك تماما، فقد بدأت في مناطق اوكرانيا الشرقية مظاهرات شعبية عارمة تطالب بالانضمام الى روسيا، ولهذه الغاية ان يجري فيها استفتاء على غرار الاستفتاء الذي جرى في القرم في 16 اذار الماضي.
وفي مدينة دونيتسك الهامة في شرقي اوكرانيا استولى المتظاهرون على مبنى الادارة المحلية (البلدية)، واعلنوا انهم يريدون حل المجلس البلدي للمحافظة. وقال احد المشاركين في "مجموعة المبادرة" التي استولت على مبنى الادارة "اننا سوف نحل مجلس المحافظة الحالي، ونعطي تفويضا شعبيا لمجلس جديد. وسيتم انتداب ممثل لكل مدينة، وهذا سيكون المجلس الشرعي الجديد، الذي سيعمل من الان فصاعدا". كما جاء في وكالة "فوكوس" البلغارية.
ولكن السلطات في كييف اعلنت ان الميليشيا (الشرطة) لم تنضم الى المتظاهرين الموالين لروسيا الذين استولوا على مبنى ادارة المحافظة.
وفي الوقت ذاته فإن المتظاهرين في مدينة خاركوف عبروا عن ثقتهم بأنه ستصلهم نجدات من مدينتي دونيتسك ولوغانسك. وقد استولى المتظاهرون في هذه المدينة ايضا على مبنى الادارة المحلية، ويوجد بينهم اشخاص يضعون اقنعة وقبعات تخوفا من الاعتقالات واستعدادا للمصادمات. وقد طلب احد النشطاء من الصحفيين عدم الطلب من اي متظاهر نزع قناعه واعتبار مثل هذا الطلب استفزازا. واعلن المشاركون في الاستيلاء على مبنى الادارة المحلية ان المندوبين المحليين الحاليين هم غير شرعيين.

وفي بولونيا اعلن رئيس الوزراء دونالد توسك ان المجتمع الدولي لا يمكنه ان يتظاهر بأنه لا شيء يحدث في اوكرانيا. وقال "يجب اتخاذ الاجراءات الدبلوماسية التي تساعد على تسوية الوضع، حتى لا نصل الى دراما جديدة. وعلينا ان نعمل بحزم".
وفي كييف دعا رئيس البرلمان الانقلابي القائم بأعمال رئيس الجمهورية الكسندر تورتشينوف، الى اجتماع لقادة قوى الامن، للبحث في الاوضاع المستجدة.
وقد الغى تورتشينوف زيارته التي كانت مقررة الى ليتوانيا، بسبب تصاعد التوتر في شرقي اوكرانيا، حيث قام المواطنون المؤيدون لروسيا بتنظيم تجمعات جماهيرية كبيرة في مدن دونيتسك، ايناكييفو، بوزنيسينسك وخاركوف، ووجهوا انتقادات شديدة الى سلطة كييف الانقلابية.
وفي هذا الوقت، وبالرغم من صدور قرار منع من قبل السلطات، خرجت مظاهرة شارك فيها الالوف في مدينة اوديسا، للاحتجاج على اعمال القمع التي تقوم بها المجموعات الراديكالية اليمينية والسلطات الانقلابية في اوكرانيا. وقد تجمع المتظاهرون في ساحة كوليكوفو في وسط المدينة، حيث نصب المتظاهرون مجموعة من الخيم، حيث يجري جمع التواقيع على عريضة تطالب بإجراء استفتاء لاعطاء صفة رسمية كلغة للدولة للغة الروسية، ولاجل إقرار لامركزية السلطة في اوكرانيا، حسبما جاء في وكالة إيتار ـ تاس الروسية.
ورفع المتظاهرون اعلام مدينة اوديسا جنبا الى جنب الاعلام الروسية، كما رفعوا لافتات تحمل شعارات مثل "لا للفاشية!"، "اوديسا طردت بانديرا" (اشارة الى المجموعات الفاشية الراديكالية اليمينية)، "الاستفتاء"، "نحن سلافيون، والروس هم اخوتنا"، "نريد الغاء الحظر على قنوات التلفزيون الروسية". وتحدث في الحشد ممثلون عن مختلف المدن الاخرى المنتفضة. واتهم الخطباء السلطة بالانتقام السياسي من قادة حركة الاحتجاج، وبمحاولة حصر مسؤولية عمليات القتل التي حصلت في "الميدان" في كييف بمنظمة "بيركوت" (منظمة بوليسية يمينية فاشستية تولت اطلاق النار وتنفيذ عمليات القتل ضد معارضي السلطة في كييف، وقد جرى، تحت ضغط الرأي العام، حل هذه المنظمة واعتقال عدد من القناصين الذين كانوا ينفذون تعليماتها). وطالب المحتشدون باطلاق سراح رئيس مجلس التنسيق للمنظمات المدنية المسمى "البديل الشعبي" انطون دافيدتشينكو، الذي اعتقلته الاجهزة الخاصة، وكذلك بوقف الملاحقات ضد النشطاء الاخرين المعارضين للسلطة الانقلابية والمؤيدين لروسيا.
وقالت وكالة "اونيان" الاوكرانية انه بعد ساعة ونصف الساعة من الاشتباكات العنيفة تمكنت الميليشيا والوحدات الخاصة من انقاذ حوالى عشرين عنصرا من المجموعات الراديكالية الفاشستية الآتية من كييف، كانت الجموع المحتشدة المؤيدة لروسيا قد حاصرتهم وانهالت عليهم بالضرب وكانت تنوي اعدامهم في الساحة العامة. واخرجتهم الشرطة من الساحة ووجوههم تنزف بالدماء.
وفي دونيتسك، وبعد الاستيلاء على مبنى الادارة المحلية، اذاع احد النشطاء بالميكروفون انه سيتم انشاء "مجلس محلي شعبي". وتلا قرارا اتخذته المنظمات الاهلية المشاركة في الاحتجاجات انه ينبغي ان يدعى في اقرب وقت لتشكيل مجلس محلي جديد لمحافظة دونيتسك، وان يتخذ المجلس العتيد قرارا يجري بموجبه اجراء استفتاء للانضمام الى روسيا، على غرار الاستفتاء الذي جرى في القرم. وكان المتظاهرون قد انزلوا العلم الاوكراني عن مبنى الادارة المحلية في المدينة ورفعوا مكانه العلم الروسي.

ومن جهة ثانية اقتحم المتظاهرون الروس والمؤيدون لروسيا مبنى جهاز الامن الاوكراني في محافظة لوغانسك، وحطموا الابواب والنوافذ والقوا داخل المبنى قنابل دخانية، وهم يصرخون طالبين اطلاق سراح زعيم ما يسمى "حرس لوغانسك" الكسندر خاريتونوف المعارض للسلطة الانقلابية.
وفي شارع سومسكا قرب مسرح شيفتشينكو في مدينة خاركوف، كان يجري تجمع لانصار "الميدان" الموالين لاوروبا، فشن عليهم انصار روسيا هجوما كاسحا كما تقول وكالة "اونيان". وقد وقع عشرات "الميدانيين" في طوق محكم من قبل المؤيدين لروسيا، وتعرضوا لسيل من المفرقعات النارية والحجارة. وقد عمدت الشرطة والوحدات الخاصة لنقلهم في رتل من السيارات. ولكن الجموع الغاضبة حاصرت الرتل واوقفته، في محاولة لانتزاع العناصر اليمينية واعدامهم في الساحة. في وقت هرع الى المكان مئات اضافية من رجال الشرطة والوحدات الامنية الخاصة لانقاذ الرتل المتجز وفتح الطريق له. وامتلأت الساحة بسيارات الاسعاف التي اخذت تنقل المصابين.
ومن جهة ثانية اعلن الكسي ميلر رئيس شركة "غازبروم" العملاقة ان روسيا سبق ان دفعت سلفا لاوكرانيا، بواسطة اسعار الغاز المخفضة، تكاليف تأجير القاعدة البحرية في سيباستوبول حتى سنة 2017. وانه بعد ان سقطت اتفاقية التأجير عمليا، لان سيباستوبول اصبحت ارضا روسية، فإن "غازبروم" تطالب اوكرانيا بدفع مبلغ 11،4 مليار دولار التي سبق ان قبضتها سلفا، بالاضافة الى 2،2 ملياري دولار مدفوعات متأخرة. وقد رد ارسيني ياتسينيوك رئيس الوزراء الاوكراني الانقلابي واصفا هذا الطلب بأنه "عدوان اقتصادي" وبأنه سيقاضي روسيا دوليا، الامر الذي يهدد بوقف توريدات الغاز الى اوروبا عبر الاراضي الاوكرانية. وهذا ما سيدخل الازمة الاوكرانية في تعقيدات دولية جديدة على الاتحاد الاوروبي تحمل تبعاتها.