ارشيف من :آراء وتحليلات
فاصلة: بوادر الانهيار الموالي.. خطابات جعجع النارية

كتبت ليلى نقولا الرحباني
يسود التخبط قوى الموالاة على أبواب فتح مرحلة سياسية جديدة في لبنان. فبعد ما حصل في أيار وما جرى في اتفاق الدوحة وبعده، بات كل فريق داخل الموالاة يعيد حساباته وينسج خطابه الجديد، آخذاً بعين الاعتبار الانتخابات النيابية التي ستحصل عام 2009، وحاسباً بدقة كل ما يمكنه ان يؤثر فيها سلباً أو إيجاباً.
فمن جهة وليد جنبلاط، اللافت كان الاستفاقة المتأخرة على العروبة وفلسطين، والرسائل السياسية التي وجهها الى المعارضة وإلى حلفائه في الموالاة في الوقت نفسه، والتي اعتبر المراقبون انها تعتبر بمثابة حرب وقائية يهدف من خلالها الى قطع الطريق أمام تنازلات عن بعض المقاعد النيابية التي قد يطلبها بعض الحلفاء، لا سيما المسيحيون منهم. وقد استكمل جنبلاط هجومه بما أشار اليه وأعلنه من ان تفاهماً يحصل بينه وبين الوزير طلال أرسلان على تحالف انتخابي في الشوف، ما سيكرس خارطة تحالفات جديدة ولوائح مختلفة عما كانت عليه في الانتخابات السابقة. لكن بغض النظر عن أهمية هذا الحلف الانتخابي ومدى استدامته، وهل سيصمد لغاية الانتخابات المقبلة، فإن قيام تحالف انتخابي بين جنبلاط وأرسلان لن يكون سهلاً على المعارضة أيضاً، لأن حلفاً كهذا سيحرجها تجاه بعض حلفائها من الدروز أيضاً، ممن يودون خوض غمار الانتخابات النيابية والترشح في الشوف وعاليه.
أما تيار المستقبل الذي خسر خسارة ميدانية كبرى في أيار الماضي، فإنه يتحرك للقيام بورشة إعادة تنظيم قيادته في بيروت والمناطق، وسط نقاشات صاخبة سياسية وتنظيمية، ووسط الحاجة الى اعادة صياغة خطابه السياسي، والفصل بين المحازبين والقياديين التابعين للسنيورة والموالين لسعد الحريري، ما سيكون له تداعيات على صفوف القواعد، وسيؤدي بالتالي الى تململ من قبل المنتفعين الذين تبين أنهم باعوا "الحريري الشاب" كلاماً وأوهاماً سرعان ما أظهرت الوقائع الميدانية على الأرض عدم صحتها.
أما على جبهة القوات والكتائب وبقايا قرنة شهوان، فتبدو الحال مأساوية، تدل عليها الخطب النارية غير الموزونة لسمير جعجع. فمن جهة أولى يرى هؤلاء في المسار الوفاقي لجنبلاط والحريري انتصاراً لمنطق التفاهم والحوار الذي نادى به التيار الوطني الحر ثلاث سنوات، ما يجعلهم محرجين أمام قواعدهم الشعبية التي وعدوها بالذهاب الى الحرب للقضاء على حزب الله، ثم وعدوها بقدوم البوارج للمساعدة في القضاء على المقاومة واجتثاث أهلها.. لكن البوارج سرعان ما رحلت، والأميركيون اكتفوا بدعم كلامي وبيانات فارغة، بل دعوهم الى التراجع عن القرارات الحكومية الشائنة والقبول باتفاق الدوحة. وها هو البيان الوزاري اليوم يكرس حقها في الدفاع عن لبنان وفي اقتنائها السلاح لرد المخاطر والاعتداءات الإسرائيلية.
من جهة أخرى يدرك هؤلاء ان سعد الحريري ووليد جنبلاط لن يرف لهما جفن اذا اقتضت المصلحة الانتخابية التخلي عنهم. لا بل انهم يشعرون بأن الخطاب العالي النبرة والتهديد والصراخ والتخوين الذي قاموا به طيلة السنوات الماضية، سيكون عائقاً أمامهم خلال المرحلة الجديدة القادمة التي يريد تيار المستقبل واللقاء الديمقراطي تدشين السنة المقبلة بها بخطاب انفتاحي حواري عروبي.
لقد ارتضى هؤلاء القيام بدور "الشتامين" والمطالبين بتدخلات خارجية أميركية تارة وعربية طوراً، لذا فإن أي استدارة يقوم بها جنبلاط والحريري في المرحلة المقبلة لن يكون بمقدورهم مواكبتها والسير فيها، لأن الفئة الشعبية التي يخاطبونها تختلف كلياً بخصوصياتها وخطابها وشعاراتها وتاريخها عن الفئات التي يخاطبها جنبلاط والحريري، والتي تجد نفسها تاريخياً ووجدانياً مرتبطة بالمقاومة وفلسطين والعروبة.
لا شك في أن المعركة الانتخابية ستبدأ باكراً هذا الموسم، فما إن تُعطى الحكومة الثقة حتى تبدأ المعركة الانتخابية في المجلس النيابي أولاً حول قانون الانتخاب، ثم تنطلق في المناطق حيث ستحصد الموالاة والمعارضة ثمار ما زرعته في السنوات الثلاث المنصرمة.
الانتقاد/ العدد 1287 ـ 5 آب/ أغسطس 2008
يسود التخبط قوى الموالاة على أبواب فتح مرحلة سياسية جديدة في لبنان. فبعد ما حصل في أيار وما جرى في اتفاق الدوحة وبعده، بات كل فريق داخل الموالاة يعيد حساباته وينسج خطابه الجديد، آخذاً بعين الاعتبار الانتخابات النيابية التي ستحصل عام 2009، وحاسباً بدقة كل ما يمكنه ان يؤثر فيها سلباً أو إيجاباً.
فمن جهة وليد جنبلاط، اللافت كان الاستفاقة المتأخرة على العروبة وفلسطين، والرسائل السياسية التي وجهها الى المعارضة وإلى حلفائه في الموالاة في الوقت نفسه، والتي اعتبر المراقبون انها تعتبر بمثابة حرب وقائية يهدف من خلالها الى قطع الطريق أمام تنازلات عن بعض المقاعد النيابية التي قد يطلبها بعض الحلفاء، لا سيما المسيحيون منهم. وقد استكمل جنبلاط هجومه بما أشار اليه وأعلنه من ان تفاهماً يحصل بينه وبين الوزير طلال أرسلان على تحالف انتخابي في الشوف، ما سيكرس خارطة تحالفات جديدة ولوائح مختلفة عما كانت عليه في الانتخابات السابقة. لكن بغض النظر عن أهمية هذا الحلف الانتخابي ومدى استدامته، وهل سيصمد لغاية الانتخابات المقبلة، فإن قيام تحالف انتخابي بين جنبلاط وأرسلان لن يكون سهلاً على المعارضة أيضاً، لأن حلفاً كهذا سيحرجها تجاه بعض حلفائها من الدروز أيضاً، ممن يودون خوض غمار الانتخابات النيابية والترشح في الشوف وعاليه.
أما تيار المستقبل الذي خسر خسارة ميدانية كبرى في أيار الماضي، فإنه يتحرك للقيام بورشة إعادة تنظيم قيادته في بيروت والمناطق، وسط نقاشات صاخبة سياسية وتنظيمية، ووسط الحاجة الى اعادة صياغة خطابه السياسي، والفصل بين المحازبين والقياديين التابعين للسنيورة والموالين لسعد الحريري، ما سيكون له تداعيات على صفوف القواعد، وسيؤدي بالتالي الى تململ من قبل المنتفعين الذين تبين أنهم باعوا "الحريري الشاب" كلاماً وأوهاماً سرعان ما أظهرت الوقائع الميدانية على الأرض عدم صحتها.
أما على جبهة القوات والكتائب وبقايا قرنة شهوان، فتبدو الحال مأساوية، تدل عليها الخطب النارية غير الموزونة لسمير جعجع. فمن جهة أولى يرى هؤلاء في المسار الوفاقي لجنبلاط والحريري انتصاراً لمنطق التفاهم والحوار الذي نادى به التيار الوطني الحر ثلاث سنوات، ما يجعلهم محرجين أمام قواعدهم الشعبية التي وعدوها بالذهاب الى الحرب للقضاء على حزب الله، ثم وعدوها بقدوم البوارج للمساعدة في القضاء على المقاومة واجتثاث أهلها.. لكن البوارج سرعان ما رحلت، والأميركيون اكتفوا بدعم كلامي وبيانات فارغة، بل دعوهم الى التراجع عن القرارات الحكومية الشائنة والقبول باتفاق الدوحة. وها هو البيان الوزاري اليوم يكرس حقها في الدفاع عن لبنان وفي اقتنائها السلاح لرد المخاطر والاعتداءات الإسرائيلية.
من جهة أخرى يدرك هؤلاء ان سعد الحريري ووليد جنبلاط لن يرف لهما جفن اذا اقتضت المصلحة الانتخابية التخلي عنهم. لا بل انهم يشعرون بأن الخطاب العالي النبرة والتهديد والصراخ والتخوين الذي قاموا به طيلة السنوات الماضية، سيكون عائقاً أمامهم خلال المرحلة الجديدة القادمة التي يريد تيار المستقبل واللقاء الديمقراطي تدشين السنة المقبلة بها بخطاب انفتاحي حواري عروبي.
لقد ارتضى هؤلاء القيام بدور "الشتامين" والمطالبين بتدخلات خارجية أميركية تارة وعربية طوراً، لذا فإن أي استدارة يقوم بها جنبلاط والحريري في المرحلة المقبلة لن يكون بمقدورهم مواكبتها والسير فيها، لأن الفئة الشعبية التي يخاطبونها تختلف كلياً بخصوصياتها وخطابها وشعاراتها وتاريخها عن الفئات التي يخاطبها جنبلاط والحريري، والتي تجد نفسها تاريخياً ووجدانياً مرتبطة بالمقاومة وفلسطين والعروبة.
لا شك في أن المعركة الانتخابية ستبدأ باكراً هذا الموسم، فما إن تُعطى الحكومة الثقة حتى تبدأ المعركة الانتخابية في المجلس النيابي أولاً حول قانون الانتخاب، ثم تنطلق في المناطق حيث ستحصد الموالاة والمعارضة ثمار ما زرعته في السنوات الثلاث المنصرمة.
الانتقاد/ العدد 1287 ـ 5 آب/ أغسطس 2008